الوطن

استمرار الشرخ بين مؤسسات الدولة والرأي العام

وضعت خطا بينها وبين الإعلام الرسمي

 

  • الصمت عن تسريبات تعديل الدستور والتغييرات الأمنية يثير جدلا واسعا

 

يشير المشهد السياسي العام في الجزائر، بخصوص التعامل الرسمي للسلطة مع الرأي العام يوما بعد آخر، إلى وجود خطين متوازيين لا يلتقيان، فالسلطة وبدرجة أولى مؤسسة الرئاسة تحرص منذ إعتلاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سدّة الحكم، في 1999 على انتهاج أسلوب" تجنب الخطاب الرسمي" عن ما يحدث داخل أسوار الرئاسة، وحتى في عزّ الأزمات التي طالت الهيئة من قبل الإعلام الغربي خاصة الفرنسي الذي لم يتوانى عن نسب أخبار عن تحركات الرئيس ووضعه الصحي، إلا أن هذه الأحداث لم تثن الرئيس ولا محيطه ولا القائمين على الإعلام داخل مؤسسات الدولة على التعاطي بصورة شفافة مع ما يحدث من منطلق توضيح الرؤية لرأي العام من جهة ومن جهة ثانية تجنب الإشاعات التي تغذت بصورة كبيرة بالتزامن مع تكريس السلطة للشرخ بين مؤسسات الدولة وبين الرأي العام، ولعل ما حدث أمس من تسريبات عبر صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تنسب لرئاسة الجمهورية الجزائرية الشعبية، حول وثيقة الدستور الأولى يدفع من جديد جدلية الخطاب المنتهج عند السلطة مع الرأي العام إلى الواجهة، كما يعود الحديث عن أسباب غياب متحدث رسمي للسلطة وقد أثير نفس التساؤل بعد سلسلة التغييرات التي أجراها الرئيس خاصة في المواقع ذات صلة بأمنه وما صاحبها من حملات تأويل عن سبب هذه التغييرات ولا يوجد لحدّ هذه اللحظة أي تفسير رسمي لما حدث مما يرهن الرأي العام للتفسيرات المقدمة من مواقع إخبارية متعددة وفي أغلبها من خارج الوطن.

إن تفضيل سياسة الصمت وعدم الحديث مع الرأي العام، لا بالبيانات ولا التصريحات ولا حتى من خلال من هم معنيون بهذا الأمر يزيد من حدّة التأويل ويسمح لكل حملات الإشاعة المنظمة أو غيرها من تحقيق أهدافها.

إن الوضع الاقتصادي الذي تصر الحكومة على أنه متدهور وتشير كل المؤشرات الاقتصادية بأن الدولة تتجه نحو تقليص استثماراتها يزيد من حدّة الاحتقان ويدفع بالأطراف التي تملك برامج ورأى وأفكار سواء داخلية أو خارجية من التعامل السهل في صناعة تكتلات داخل الرأي العام الوطني.

صحيح إن المهنية الإعلامية تفرض على أصحابها التبين والتأكد من مصادر المعلومة وعدم الانسياق وراء أخبار غير موثوقة ولا تملك أي مرجعية، ولكن في نفس الوقت مسؤولية الأفراد قبل المؤسسات أن يدافعوا عن أشخاصهم ومؤسساتهم ولا يتركوا لأي جهة ما التحايل أو انتحال الصفة وخاصة وأن القوانين الدولية تعاقب على ذلك ويسهل على من يريد أن لا يبقي نفسه في محل الشك أمر ممكن.

إن عدم التحرك في انهاء هذه المهازل يعطي الانطباع بأن هناك رغبة في ابقاء هذا الوضع غير الطبيعي لتحقيق أهداف غير معلومة ومعلنة.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن