الوطن

حسب معهد كارينغي: داعش يفشل في اختراق الجزائريين

العشرية السوداء أهم الأسباب

 

 

لم يأت تقرير مجموعة "Soufan Group " المتخصصة في الدراسات والمعلومات الامنية والاستخبارية، بالجديد فيما يتعلق بعدد المقاتلين الجزائرين ضمن تنظيم ما يعرف بداعش أو ( الدولة الاسلامية )، حيث لم يتجاوز عددهم السبعين ( 70 ) عنصرا مقاتلا حسب تقرير جديد صدرا أول أمس، وهو نفس العدد تقريبا الذي ذكره معهد كارينغي الدولي منذ أكثر من شهر استنادا لتصريح مسؤول في الحكومة الجزائرية، ويظهر من خلال الأرقام أن التونسيين والمغاربة أكثر الملتحقين بداعش في الثلاث سنوات الأخيرة، بينما فشل هذا التنظيم في اختراق الجزائريين لأسباب أرجعها خبراء وملاحظين للشأن الأمني لما عاشه الشعب الجزائري سنوات العشرية السوداء، وسيطرة الخطاب السلفي العلمي على الظاهرة الدينية في الجزائر مقارنة بالجهادية التي تقلصت بفعل ضربات المؤسسة الأمنية في الجزائر.

لحد الآن، لم تصدر أية مؤسسة أمنية استخباراتية رسمية سواء جزائرية أو أجنبية معلومات عن عدد مقاتلي داعش للعلن، واكتفت الجزائر مع شركائها الأمريكيين والأوروبيين عموما بتبادل المعلومات الاستخباراتية بشكل سري، فالجزائر تسلمت منذ أشهر قائمة بعدد المقاتلين الجزائريين في تنظيم داعش وتم اتخاذ الاجراءات الامنية الضرورية عبر الحدود البرية والجوية والبحرية لتوقيف أي من العائدين إلى الجزائر، كما تسلم قائمة تضم عدد الاشخاص المشبوهين والمختفين منذ سفرهم عبر تركيا وبلدان أوروبية أخرى، ولعل هذه السرية هي التي جعلت التقارير والتصنيفات الأمنية تعطي في كل مرة معلومات تقريبية عن عدد مقاتلي التنظيم الارهابي الناشط في سوريا والعراق، ومنذ يومين، أظهر تقرير مجموعة " سوفان " المختصة في الدراسات الامنية، أن عدد المقاتلين الجزائريين لم يتجاوز 70 مقاتلا، وهو دليل على تراجع الفكر الجهادي في الجزائري، بينما في تونس والمغرب تضاعف بشكل مخيف، وتبن الأرقام أن تنظيم الدولة على مدار السنتين الماضيتين أن داعش استقطب قرابة ثلاثة آلاف مقاتل مغاربي للقتال في صفوفه، لكنه من بين هذا العدد الكبير لم يخرج من الجزائر سوى 63 شخصا بحسب تصريحات رسمية، ولم تكشف هذه التقارير عن هوية الجهة الجزائرية التي كشفت عن هذا الرقم، بالمقابل، عن التحاق أكثر من 2000 تونسي بالتنظيم، و1200 مغربي، أما الجزائريون حسب تقرير نشر منذ أيام بموقع معهد كارنغي الدولي، أحجموا عن الذهاب إلى سوريا والعراق للقتال ضمن داعش، وهذا لأسباب منها أن العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر أضحت مثالا حيا لفشل المشروع الجهادي، حيث راح ضحية الاعمال الارهابية خلال عشر سنوات أكثر من 150 ألف قتيل من الشعب الجزائري، وهذا جعل الجزائريين محصنين من أي محاولات أخرى لزرع الارهاب أو الفكر الجهادي في أوساط الشباب، وذكرت الباحثة داليا غانم في مقال لها نشر بموقع كارنغي، أن الإعراض الجزائري عن الانضمام إلى تنظيم الدولة، تعزوه الباحثة دالية غانم في دراسة لها نشرها مركز كارنيغي للشرق الأوسط إلى ثلاثة أسباب، متأثرة بعدة عوامل، منها: الخطاب العام الجزائري، والدائرة الدينية الجزائرية وسياسات الدولة نحوها، ومستوى الأمن في البلاد.

وقالت الباحثة إن أهم سبب هو “الجرح الغائر للعشرية السوداء، تلك السنوات العشر التي قتل خلالها 150 ألف شخص، واختفى 7 آلاف آخرون، وذلك بعد إلغاء الانتخابات التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجولة الأولى، ثم ولادة جماعات جهادية ساهمت في حرب أهلية، ما جعل التوق إلى الأمن والاستقرار بعد تلك المرحلة أمرا ملحا”. ويقارن كارينغي أسباب التحاق الشباب المغربي والتونسي بداعش واحجام الجزائريين عن ذلك بالقول أن ما يعرف بالربيع العربي في تونس ساهم في بروز التطرف، ونفس الشيء في المغرب الذي سجل تفكيك العديد من الخلايا التي كانت تجند شبابا للالتحاق لداعش عبر اوروبا وتركيا، كما أن تخوف الجزائريين عموما من عودة اللاأمن إلى بلادهم اصبح بمثابة مناعة من القيام بأدنى محاولة للذهاب إلى سوريا والعراق للقتال تحت ما يرعف براية الجهاد، وهناك سبب آخر يراه الخبراء والمراقبون أنه جد مؤثر وهو صعود التيار السلفي العلمي في الجزائر وسيطرته على الظاهرة الدينية مقابل تراجع الفكر الجهادي، كما أن الصرامة الأمنية للدولة الجزائرية حالت دون ذلك،   ورأت الباحثة في كارنيغي أن ثالث أسباب إعراض الجزائرين على القتال مع تنظيم الدولة “هو الصرامة الأمنية، فرغم بعض الهجمات الجهادية المتفرّقة، فإن قوات الأمن الجزائرية تمتلك قدرات عالية، إذ تصل أعدادها إلى 209 آلاف عنصر (المغرب بحسب الدراسة 46 ألفا)، يتمتعون بحوافز مالية مهمة، ويدعمهم الجيش الوطني وجهاز المخابرات التابع له. وبدوره، يستفيد هذا الجيش البالغ عدد أفراده 512 ألفًا، من تدريب متطوّر وخبرات كبيرة في مكافحة الإرهاب، وقد حقق نجاحًا نسبيًا في غلق الحدود أمام المقاتلين القادمين من الخارج”.

إلياس تركي

من نفس القسم الوطن