الوطن

الصراعات الداخلية تهدد بنسف المبادرات السياسية

السلطة ترفضها وترى فيها تشويشا على مؤسساتها

 

خلف غياب شروط تحقيق الإجماع الوطني سواء ذلك الذي تبحث عنه السلطة من خلال" التوافق " مع المعارضة أو البحث عن أرضية تحقيق الانتقال الديمقراطي والسلس للسلطة الذي تبحث عنه المعارضة، ميلاد العشرات من المبادرات السياسية التي توسعت في الآونة الأخيرة، أفرزت بدورها صراع "خفي" بين الأحزاب المشكلة لأكبر تجمع للمعارضة في الجزائر بشكل أزم من وضعها من جهة في فرض تغيير سلمي في حيث خدم السلطة التي أثبتت  أنها لا تريد أي مبادرة وتعتبرها مجرد تشويش لمؤسسات الدولة.  

 يؤكد العارفون بالشأن السياسي،  أن موضة المبادرات السياسة التي  أطلقتها العديد من التشكيلات السياسية لم تعد دارجة بعد أن أدرك العديد من الأحزاب أن السلطة لا ترغب في تبني أي منها بشكل أكد أن  الطبقة السياسية ورغم ما تعرفه من حركية ونشاط باتت مجرد ديكور لإلهاء الساحة بعد أن برزت إلى الساحة السياسية موضوع  المبادرات والتي أعقبت رئاسيات 2014 ، حيث عجّت الساحة السياسية في تلك الفترة بظهور حزمة من المبادرات أطلقتها أحزاب ومجموعات سياسية، تدعو في مجملها إلى ضرورة الإسراع في الخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، فبالإضافة إلى المبادرة التي أطلقتها التنسيقية الوطنية للحريات والانتقال الديمقراطي، والتي تشكلت من الأحزاب الإسلامية بالإضافة إلى الأرسيدي ورئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور،  كذلك طرحت جبهة التغيير ما أسمته وثيقة التوافق الديمقراطي، دعا من خلالها عبد المجيد مناصرة، جميع الأطراف والفاعلين في الساحة السياسية إلى تبنيها بهدف منع الاستقطاب الإيديولوجي الحاد، وجاءت وثيقة " التوافق الديمقراطي" التي طرحها مناصرة في شكل ستة محاور أساسية غير أنها لم تجد النقاش المطلوب في الساحة السياسية ما دفع بتأجيل العمل بها.

وفي عز الأزمة التي تعيشها البلاد لم تتبنى السلطة إلى غاية اليوم أي مبادرة سياسية تقدمت بها مختلف التشكيلات السياسية بما فيها مبادرات الإسلاميين وحتى العلمانيين قصد إيجاد حلول سياسية بل أصبحت مجرد ديكور لشغل الساحة السياسية في حين حولت بعض قادتها إلى خصوم بسبب حرب الزعامة وعقدة الحكم، ومع كل ما تعيشه الطبقة السياسية من جدال،  طفئ الصراع "الخفي" الذي كان بين رئيس جبهة العدالة والتنمية ورئيس حمي عبد الرزاق مقري إلى السطح عقب لقاء مقري برئيس ديوان الرئيس رغم تحذيرات سابقة وجهها جاب الله لرئيس حمس وحذره من التعامل مع السلطة خارج أروقة التنسيقية،  مما جعل أكبر تجمع للمعارضة يواجه خطر حقيقيا وتحول من إقناع السلطة إلى صراع بين مكونات الأحزاب التي دخلت مرحلة الخطر، بعد مبادرة جاب الله الأخيرة للم شمل الإسلاميين  والتي أثارت مواقف "الأحزاب الإسلامية" من "إعلان لمّ الشمل"،  حيث جاءت متحفظة في عمومها، بل رفضها البعض علنًا، ولم يتوان  آخرون على غرار أبو جرة سلطاني مثلا، عن التشكيك في خلفياتها  في حين فسرها آخرون أنها  إرادة الشيخ عبد الله جاب الله في التموقع أكثر داخل هيئات المعارضة، والاستعداد لاستحقاقات المرحلة القادمة، في خطوة أكدت أن التصدع الذي تعيشه المعارضة  خدم السلطة التي ترى في التنسيقية خطرا حقيقيا، إلا أنها يبدوا تأكدت من صعوبة تحقيق التوافق داخل الطبقة السياسية بسبب "غياب الثقافة السياسية".

بدورها مبادرة الأفافاس التي شغلت الساحة السياسية السنة الفارطة، تلاشت ملامحها  بعد أن تلقت صفعة من أحزاب الموالاة التي أبلغت بصفة غير مباشرة رفض السلطة لهذا المسعى وهو الأمر الذي فتح على الحزب جملة من الانتقادات التي قالت أن أكبر حزب معارض في الجزائر تحول إلى تشكيلة سياسية من دون ملامح يعدن أن فقد حضوره على الساحة، ومن هنا يؤكد المتابعون للشأن السياسي عندنا بأن تحقيق التغيير بمفهوم المعارضة لن يتحقق حاليا بسبب رفض السلطة تبني أي خيار خارج أسوارها رغم الأزمة التي تعيشها على عدة مستويات.

عن هذا الموضوع تقول حركة البناء الوطني، على لسان المكلف بالإعلام سعد صدارة، في تصريح لـ" الرائد"، أن السلطة تنظر إلى الوضع على أنه مستقر ومؤسسات الدولة قائمة وتؤدي مهامها على أفضل وجه وأنها قادرة على تسييرها بدون الحاجة إلى شراكة أي طرف من المعارضة، مضيفا بأنها  لا تعير اهتماما لكل تلك المبادرات ولا تراها إلا تشويشا على الوضع العام وتشكيكا في المؤسسات القائمة وضد السلطة القائمة.

وفي سياق متصل، أشار سدارة إلى أن هذه النظرة قاصرة من السلطة التي  قال أنها يجب أن تنفتح على جميع مكونات الطبقة السياسية والتفاعل الإيجابي مع مختلف المبادرات خصوصا التي تتفق معها في المبادئ العامة أو الأطر الرئيسية والتي منها الوحدة الوطنية والحفاظ على الهوية وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والعدالة والحريات وغيرها ولا تتضمن اشتراطات مسبقة.

أمال. ط

من نفس القسم الوطن