الوطن

"الأفسيو" يهيّئ أرضية ثورة زيت وسكر ثانية!

بعد أن صبت مقترحاته للحكومة حول ضرورة إلغاء سياسة دعم أسعار المواد الاستهلاكية

 

الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: كنا نتوقع من حداد إعطاءنا حلولا حول التهرب الجبائي!

بحاري يحمّل الحكومة مسؤولية حماية القدرة الشرائية للفئات الهشة من البارونات!

 

شكلت مقترحات رئيس منتدى المؤسسات علي حداد للحكومة من أجل إنقاذ ما تبقى من الاقتصاد الوطني ضربة موجعة للقدرة الشرائية للمواطن الجزائري البسيط، وهو الذي يعاني أصلا من ظروف اجتماعيةواقتصادية صعبة بسبب الغلاء الفاحش لأغلب المواد الاستهلاكية والخدمات، ليكون اقتراح حداد بإلغاء سياسة الدعم على المواد واسعة الاستهلاكبمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير"إن تم تطبيقها فعلا.

رغم أن الحكومة طمأنت في العديد من المرات على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال وكذا وزير التجارة السابق عمارة ين يونس أنها لن تراجع سياستها فيما يخص دعم الزيت والسكر والدقيق والوقود، إلا أن العديد من الفاعلين في الحقلالاقتصادي لا زالوايعتبرون أن هذه السياسة تهدد الاقتصاد الوطني على المدى البعيد وتستنزف خزينة الدولة منهم رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حدادالذي قدم مؤخرا مقترحات للوزير الأول عبد المالك سلال أهمها ضرورة رفع الدعم عن المواد الأساسية على غرار الحليب والخبز والوقود، موضحا أن ما قيمته 1707 ملايير دينار من أموال الخزينة تُحوّل إلى دعم المواد الغذائية، و30 في المائة من الناتج الوطني الخام يحوَّل إلى الدعم الاجتماعي؛ أي ما يعادل 60 مليار دولار، واقترح حداد تعويض سياسة الدعم هذه بمنحة تضاف في أجور العمال ما يعني أن الغير عاملين لا بأس لهم في شراء الخبز ب30 دينارا والحليب ب50 دج.

 

الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان: كنا نتوقع من حداد إعطاءنا حلولا حول التهرب الجبائي 

 

وفي هذا الصدد قال المكلف بالملفات المختصة بالرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان هواري قدور في تصريحات لـ"الرائد" بأن الرابطة لا تدعم مثل هذه المقترحات، مؤكدا استحالة تطبيق مثل هذا المقترح دون ضرر كبير يعود على المواطن الجزائري بسبب غياب سياسية الأجور لدى الحكومة، حيث قال هواري أن كتلة الأجور في الجزائر تعادل 18 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في حين أن هذه الكتلة في الدول المتقدمة تبلغ 50 بالمائة من الناتج ذاته. مضيفا أنه لا يعقل أن ينافس الاقتصاد الجزائري مثيله في الدول المتقدمة في وقت تعادل الأجور المطبقة في هذه الدول أضعاف الأجور في الجزائر، ومن بين الأسباب التي يراها هواري قدور عائقا أمام تطبيق هكذا قرار أيضا هو تدني قيمة الدينار الذي يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للموظفين على حد سواء، فمهما بلغت قيمة الزيادات المقررة من طرف الحكومة ستكون دون تطلعات العمال نتيجة ارتفاع أسعار المنتجات، مما يعني تدني المستوى المعيشي للمواطنينبالإضافة إلى غياب آلية تحديد الأسعار بصورةٍ حقيقية، على أساس تكلفة الإنتاج وهوامش الأرباح المضافة. وترك الأمر بِرُمَتِهِ للمنتجين والوسطاء والمضاربين والمنتفعين على مسار خط إنتاج وتوزيع السلعة المعينة، ليضعوا ما يروق لهم من الأسعار.

وفي ذات السياق قال هواري "كنت أتوقع من علي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات إعطاءنا حلولا حول التهرب الجبائي الذييضر بخزينة الدولة"،مضيفا أنه فيما يخص مقترحاته المتعلقة بالجبهة الاجتماعية فإن هذه الأخيرة لا تزال تطالب برفع الأجور طالما أن الزيادات المقررة في رواتب العمال كل مرة يقابلها ارتفاع في فاتورة الواردات وارتفاع في سعر المنتجات، مما يعني تدني القدرة الشرائية للمواطنين، وعليه أكد ممثلالرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أنه مهما ارتفعت المنحة التي يريد حداد أن تطبقها الحكومة كتعويض عن سياسة الدعم فإنها لن تتجاوز01٪ من أجور العمال، وهذا يشكل خطرا حقيقيا مسلطا على مستقبل الأجور والرواتب الموظفين والعمال، خاصة في أوقات الأزمات الاجتماعية والسياسية الحادة التي تعيشها الجزائر، حيت يصبح التضخم الجامح سلاحا يستخدم عادة من طرف هذا اللوبي، كما كان الحال في جانفي 2011، عندما تم إقرار زيادة الأسعار لمجموعة من المواد الغذائية، كان على رأسها السكر والزيت، وهما سلعتان واسعتا الاستهلاك في الجزائر. أما عن الحلول التي يمكن أن تتبعها الحكومة من أجل رفع الغبن على المواطن البسيط فقد حصرها هواري قدور في ضرورة وجود عدالة في توزيع الدخل القومي الإجمالي ومحاربة احتكار السوق، وذلك في ظل سياسة الانفتاح التجاري للدولة الجزائرية وفتح باب الاستيراد للجميع دون قيود أو حماية أو رقابة،وإعادة النظر في الآلية المعتمدة للتسعير، وكذا إعادة النظر في الجباية والرسوم الجمركية، من أجل خلق تناسق مع أهداف تشجيع المنتوج الوطني وخلق مناصب الشغل وحماية القدرة الشرائية للمواطن.

بحاري يحمّل الحكومة مسؤولية حماية القدرة الشرائية للفئات الهشة 

من جهته حذر رئيس النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين من تطبيق هكذا اقتراحات، مضيفا أن مثل هذه القرارات يمكنها أن تخلق ثورة كون أن سياسة الدعم يستفيد منها المواطن البسيط بالدرجة الأولىومثل هذه القرارات من شأنها أن تهدد قدرته الشرائية بصفة مباشرة، مؤكدا أن مسؤولين مثل علي حداد لا يرون الموضوع من جهة اجتماعية بل بصفة اقتصادية بحتة. وقال بحاري أن المواطن وبوجود سياسة الدعم يعاني فما بالك أن أصبحسعر السكر سيساوي 200 دج والحليب 50 دج. من جهة أخرى طالب بحاري الحكومة بأن تحمي القدرة الشرائية للمواطن الجزائري التي تضرب في العمق الفئات الاجتماعية المحرومة والطبقة المتوسّطة إذ برفع الدعم الذي تقدّمه للمواد الأساسية والزيادة في الحدّ الأدنى للأجور ترتفع تكلفة المواد المنتجة ما يترتّب عنه التأثير على السعر النّهائي الذي يحسب للمستهلك الذي يدفع الثمن دوما. كما حمّلت النقابة الحكومة مسؤولية حماية المستهلك الجزائري من خلال منحهم امتيازات ملموسة. كما ألحّ بحاري أنه على الحكومة أن تعلم ما تعنيه الفئات الهشة من المجتمع وهي مقياس كلّ سياسة اقتصادية واجتماعية عمومية في الجزائر، لذلك فقد دعا بحاري إلى خلق جبهة اجتماعية للدفاع عن حقوق العمّال البسطاء وانتزاع المزيد منها وصيانة كرامة هذه الشريحة والتصدّي للقرارات التي لا تعكس طموحات هؤلاء العمّال البسطاء.

س.زموش

من نفس القسم الوطن