الوطن
قوانين الدولة يفترض أن تصدر لحماية المؤسسات لا لحماية لوبيات المال والأعمال
رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد، مصطفى عطوي لـ" الرائد":
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 أوت 2015
حمل رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد المنضوية تحت لواء الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، مصطفى عطوي، ثلة من رجال المال والأعمال المقربين من السلطة وتحول عملهم في الآونة الأخيرة إلى أطراف تسن القوانين والأطر التنظيمية التي تعمل بها مؤسسات الدولة خاصة المالية والاقتصادية منها، مسؤولية ما قد ينجر عنه من أخطار مستقبلية على البلاد ومؤسساته في حال ما تم العمل بالقرارات الأخيرة الصادرة عن الجهاز التنفيذي خاصة تلك المتعلقة بجعل عمل رجال المال والأعمال مشروعا وقانونيا حتى ولو تعلق بتبييض الأموال طالما أن هؤلاء يدفعون للدولة ضريبة الـ 7 بالمائة التي جاء بها قانون المالية التكميلي لسنة 2015، ورأى المتحدث بأن فرض الدول على الفاعلين الاقتصاديين أو أصحاب الدخل المرتفع هذا النوع من الضرائب هو إجراء معمول به في أكبر الدول الغربية وأعطى أمثلة عن ذلك في إيطاليا ولكنه قال بأن تلك الإجراءات جاء مصاحبة لسياسة اقتصادية ناجعة ومن حكومة تحوز على ثقة الشعب وقبل ذلك على فرصة إقالتها من قبله إن أخفقت في التسيير وأبدى عطوي في سياق تطرقه للإجراءات الأخيرة التي أقرتها الحكومة من خلال قانون المالية التكميلي لسنة 2015، تخوفا من تداعيات اهتمام الحكومة بالبحث عن مصادر لتمويل الخزينة العمومية دون البحث في مصدرها الحقيقي.
رفض مصطفى عطوي، في تصريح لـ" الرائد"، إعطاء شرعية للقرارات الأخيرة الصادرة عن الحكومة من خلال قانون المالية التكميلي، على اعتبار أن هذه الإجراءات جاءت من أطراف هي من تدوس على القوانين، وتساؤل المتحدث عن خلفيات ضريبة الـ 7 بالمائة التي جاء بها قانون المالية التكميلي لسنة 2015 والمتعلقة بـ" إقرار ضريبة جزافية بـ 7 بالمائة على تجار الاقتصاد الموازي الراغبين في تحويل رؤوس أموالهم نحو البنوك"، واستنادا إلى الحكومة فإنّ الأمر يتعلق بضريبة ستطبّق على الأموال المودعة لدى البنوك من طرف الأشخاص المعنويين بنسبة 7 في المائة، وجرى الاتكاء على فحوى المادة الـ 43 من قانون المالية التكميلي: "يؤسس برنامج للامتثال الجبائي الإداري، وتكون الأموال المودعة في هذا الإطار لدى البنوك من طرف كل شخص طبيعي مهما كانت وضعيته محل إخضاع جزافي يحرر بمعدل نسبته 7 في المائة"، وأفيد أنّ النص إياه الذي زكاه مجلس الوزراء الأخير، يندرج ضمن برنامج الامتثال الضريبي الطوعي الذي حدد آخر أجل لتنفيذه في 31 ديسمبر 2016، مع اشتراط أن "تكون هذه الأموال أو المعاملات في الأصل من مصدر مشروع، ولا ترتبط بأي فعل يجرّمه قانون العقوبات، والتشريع المنظم لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
وتمّت الإشارة إلى أنّه غداة انقضاء الآجال بعد 17 شهرا من الآن، سيخضع الأشخاص الحائزين على أموال مؤهلة لهذا البرنامج ولم يتم اكتتابها، لإعادة تقييم حسب شروط القانون العام مع تطبيق الغرامات والعقوبات المنصوص عليها في هذا المجال".
وتساؤل المتحدث عن الإجراءات والأسس التي ستعتمدها الدولة في معرفة ماهية هذه الأموال وهو الأمر المهم في المعادلة هذه، وعاد المتحدث في سياق متصل إلى مسألة قدرة السلطة أو الحكومة على فرض إجراءات بنفسها لضبط الأموال التي ستودع في بنوكها وإن كانت من نشاط تجاري مشروع أو غير مشروع، وقال في هذا الصدد: " أنا أستبعد أن تفرض ذلك بسبب وجود يدّ طويلة من بارونات المال والأعمال التي أصبحت تتحكم في القوانين وتسنها أيضا وفق ما يتناسب ومشاريعها الاستثمارية وطرق الربح عندها"، وأعطى المتحدث مثالا على رجل الأعمال علي حداد الذي يرأس منتدى رؤساء المؤسسات" الأفسيو " والذي تحول في الآونة الأخيرة من عمله الاقتصادي المفترض بالهيئة التي يرأسها إلى شخصية تقترح على الحكومة آليات العمل كما حدث منذ أيام حين التقى بالوزير الأول وأعضاء من الحكومة وقدم ورقة طريق عمل هذه الأخيرة فيما يتعلق بالاقتصاد الوطني.
وقال عطوي بأن المتتبع لنشاط المؤسسات التي يحوز عليها رجل الأعمال علي حداد يرى بأنها لا تخضع للقانون ولا للإجراءات المفترض أن يخضع لها أي مستثمر، ولمح المتحدث لفكرة أن حداد استفادة من قربه من صناع القرار في الآونة الأخيرة ما جعله في موقع بعيد عن طائلة القانون على حدّ تعبيره.
وعرج المتحدث في سياق متصل على أهمية سنّ القوانين والإجراءات الردعية من أطراف بعيدة عن المجال ورأى بأنه وفي كل الدول الديمقراطية تخضع القوانين والإجراءات لسلطة سياسية قوية ولخيارات الشعب والقانون، وعكس هؤلاء فإن المتحدث يرى بأن الحكومة التي تشرع قوانين مع بارونات المال والأعمال لا يمكنها أن تفرض هذه الإجراءات على هؤلاء بشفافية وديمقراطية كما يفترض بالقانون أن يكون عليه.
حمس: نتوقع "أزمة " في الاقتصاد بسبب غياب الرؤية في سنّ القوانين !
قال القيادي في حركة مجتمع السلم، فاروق أبو سراج الذهب طيفور، بأن الإجراءات المعلن عنها مؤخرا من قبل الحكومة، والمتمثلة في " وضع إجراءات لتمويل الخزينة العمومية من خلال الانفتاح على نشاط تجار الاقتصادي الموازي "، سوف لن تزيد الوضع الاقتصادي الجزائري إلا تأزما، خاصة وأن التوجه نحو سياسة اقتصادية مبنية على تدعيم الخزينة العمومية بأموال دون ضبط مصادرها أو البحث عن ماهيتها سيكون له تبعات اقتصادية خطيرة مستقبلية على البلاد أهمها دعم تبيض الأموال الذي يعد واحدا من أهم أسباب انهيار اقتصاد الدول في العشرية الأخيرة.
وعن موقف حركة مجتمع السلم تجاه هذه الإجراءات قال طيفور في تصريح لـ" الرائد"، بأن حمس سبق لها وأن دعت الحكومة إلى الذهاب نحو إجراءات وسياسات شفافة في معالجة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر، خاصة وان هذه الأزمة لا تقتضي أن يتم معالجتها بإجراءات شكلية مهما كانت جزئية.
ودعا المتحدث بالمناسبة السلطة إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مسألة وضع رؤية اقتصادية شاملة تأخذ بعين الاعتبار حقيقة الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها الجزائر، وأضاف في هذا الصدد يقول بأنه من المهم الآن أن تذهب الحكومة نحو البحث عن سياسية إصلاحية شاملة للاقتصاد الوطني، يأخذ بعين الاعتبار حقيقة الأزمة التي تمر بها الجزائر، ووضعية الاقتصاد والوضعية المالية التي تتواجد عليها الخزينة العمومية، خاصة وأن أغلب الإجراءات وعلى مدار سنوات طويلة لم تأتي بأي جديد على الاقتصاد الوطني بل عمدت هذه الإجراءات إلى انهيار الاقتصاد والخزينة العمومية بطريقة " غامضة "، وأعطى المتحدث مثالا عن ذلك حين أشهرت الدولة إفلاسا وانهيارا في احتياطي الصرف في ظرف خمسة أشهر رغم الحيطة والحذر الذي أعلنت عنه في وقت سابق، من هنا يرى طيفور بأن المشكل الحقيقي الذي تعاني منه الحكومة هو وضع إجراءات ناجعة والتحكم في تطبيقها، وأبدى بالمناسبة تخوفا من تداعيات الإجراءات المعلن عنها مؤخرا والتي يمكنها أن تساعد في تبييض أموال المافيا والمهربين وبارونات المال والأعمال بطرق قانونية وهو ما سيشكل تهديدا حقيقيا للاقتصاد الوطني.
جبهة التغيير تتخوف من خطر بارونات المال على الاقتصاد الوطني وتطالب بالصرامة في القوانين !
التشكيلة السياسية لجبهة التغيير، رأت بأن أهم خطر يواجهه الاقتصاد الجزائري اليوم هو غياب الرؤية في وضع الإجراءات والقوانين التي من شأنها أن تحمي الاقتصاد الوطني، وقال في هذا الصدد القيادي في الحزب إدريس ربوح، في حديث له مع" الرائد"، بأن الحكومة التي فشلت في تسيير ريع البترول طوال الـ 15 سنة الماضية لا يمكنها اليوم أن تعوض العجز المسجل في الخزينة العمومية بإجراءات قد تعجل بنسف الاقتصاد الوطني مستقبلا، خاصة وأن الإجراءات المعلن عنها في قانون المالية التكميلي لسنة 2015 يحمل في طياته أبعادا خطيرة إذا ما لم يراعا فيها الشفافية والصرامة، خاصة وأن إقبال التجار والناشطين في الأسواق على وضع أموالهم في البنوك ستكون له تداعيات خطيرة على الوضعية الاقتصادية للبلاد، وتساؤل المتحدث عن من سيقبل بوضع أمواله في حكومة فاشلة وغير شرعية ولا تحوز على ثقة الشعب، قبل أن يعرج على مسألة أن من سيقبل بهذه الإجراءات سيكون مصدر أمواله مشكوك فيها، في صورة تعطي الانطباع بكون التوجه نحو وضع أموال مشبوهة في بنوك عمومية سيسمح بعلو كعب المافيا والبارونات التي تشكل تهديدا على الاقتصاد الجزائري.
الأفانا: الحكومة تسعى للتحكم في تداولات السوق السوداء بطريقة" خاطئة " !
اعترف رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، بالخطر الذي أصبح يهدد الاقتصاد الوطني، وقال المتحدث في سياق تطرقه لآخر الإجراءات التي جاءت بها الحكومة والتي تهدف إلى البحث عن موارد للاقتصاد الوطني بأنها إجراءات فرضتها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، وأكد في تصريح لـ" الرائد" على أن السوق الموازية التي لا يمكن التحكم في مصادر الأموال المتداولة فيها يمكن أن تشكل تهديدا للاقتصادي الوطني مستقبلا، خاصة وأن فرض ضريبة تقدر بـ 7 بالمائة على تجار الاقتصاد الموازي كما جاءت به قرارات الحكومة في غياب مراقبة الموارد يمكنه أن ينسف بالاقتصاد الوطني والمؤسسات الاقتصادية التي تعود فعلا بالفائدة على الاقتصاد الوطني.
ودعا المتحدث في سياق متصل الحكومة إلى ضرورة تبني إجراءات حقيقية مع كل الأطراف الفاعلة في الاقتصاد تكون شفافة وبطرق صحيحة وسلمية، بداية من المستوردين مرورا بالمنتجين ثم السوق يمكنها أن تؤطر الأموال التي تطالب بإيداعها في البنوك وتمول من خلالها خزينة الدولة.
وتوقع المتحدث بأن لا يقبل التاجر البسيط على وضع أمواله في البنوك لأن مصدر رزقه منها هو بتدويرها في السوق وليس باكتنازها في البنوك بينما لن يجد بارونات المال وأصحاب المشاريع المشبوهة التوجه نحو هكذا إجراء للإفلات من رقابة القانون التي يفترض أن قانون تبييض الأموال يطالها وهو القانون الذي يطبق شكليا فقط.