الوطن
خروج بن يونس من الحكومة يعدل خارطة الداعمين لبوتفليقة
في انتظار إمكانية إعادة إدماجه في مواقع أخرى
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 24 جولية 2015
جاء التعديل الجزئي الذي أجراه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على تركيبة الحكومة وأخرج بموجبه أحد الأطراف الحزبية الداعمة للرئيس ولخيارات المرادية، ممثلة في الأمين العام للجبهة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، مفاجئا على الطبقة السياسية سواء تلك التي تقبع في صف الموالاة أو المحسوبة على تيار المعارضة، فالتعديل وفق المعطيات الأولية جاء مفاجئا للجميع رغم أن بعض المراقبين رأوا بأنه كان متوقعا في ظل التصريحات السابقة التي أدلى بها الوزير السابق للتجارة ولمح فيها لفكرة أنه " أن بقى في الحكومة مستقبلا"، أو بسبب التباين في المواقف التي صدرت منه وتتعلق بعمل الحكومة وبين وزراء آخرين بداية من الوزير الأول عبد المالك سلال وصولا إلى وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب، تكون كلها قد ألقت بضلالها على مستقبل الرجل داخل الحكومة، وعجلت بمغادرته في انتظار ربما تدارك الأمر وإعادة إدماجه في مواقع أخرى تماما كما حدث مع غالبية الوزراء الذين تم التخلي عنهم في آخر تعديل حكومي بداية ببلعيز وصولا ليوسف يوسفي.
ورغم كل هذه المبررات المتداولة بين المتابعين والمراقبين إلا أنها تبدو غير مقنعة للساسة خاصة وأن منظومة الحكم القائم اليوم في الجزائر ورهانات المرادية القادمة تصب كلها في خانة " الاستمرارية " التي يبدو أنها مغيبة في خطوة التخلي عن حقيبة الأمبيا من الحكومة الجديدة التي أسقطت 3 وزراء وعززت موقع التجمع الوطني الديمقراطي داخل الحكومة وسحبت حقيبة من الحزب العتيد، كما أن فكرة البحث عن قوى سياسية جديدة مؤيدة للرئيس وتوسعها في المستقبل قد أسقطت عقب خروج عمارة بن يونس من الحكومة وبغض النظر عن الموقع الذي سيشغل الرجل مستقبلا خاصة وأن رئيس الجمهورية حرص طوال فترات حكمه على وضع الأطراف التي تدعمه في مواقع قريبة من مؤسسات الدولة إلا أن مراقبون يرون بأن الميزة التي كان يحوز عليها عمارة بن يونس الذي يرأس حزبا سياسيا محسوب على منطقة القبائل رغم محاولاته الدائمة للخروج من هذه الدائرة ومن هذا التصنيف، وغياب بدائل جاهزة الآن سيؤثر على الخارطة المستقبلية في حالة ما لم يتم تدارك الوضع وإعادة إدماجه في مواقع أخرى مثلما حدث مع وزراء سابقين لم يشملهم التعديل الحكومي الذي جرى قبل أسابيع، على اعتبار أن بيان رئاسة الجمهورية لم يكن واضحا فيه كما جرت العادة بإنهاء مهامه بل اكتفى بالإشارة إلى وجود وزير جديد سيشغل حقيبة التجارة فقط وأبقى الغموض حول خروج عمارة بن يونس من الحكومة أو بقاءه فيها بصفة أخرى غير صفته كوزير، مما يؤكد فرضية إمكانية منحه منصبا في المستقبل القريب هي الواردة.
التعديل مس الخارطة الحزبية للحكومة بإضافة وزير محسوب على التجمع الوطني الديمقراطي وإنقاص حقيبة للأفلان والملفت في الموضوع أن اختيار الوزير الجديد للتجمع الوطني الديمقراطي الذي يعد من خصوم الأمين العام بالنيابة أحمد أويحيى وأحد أهم القيادات التي قادت التصحيحية الأولى التي تم فيها الإطاحة به من الأمانة العامة التي غادرها بتقديم استقالته التاريخية، كما حافظ الرجل على نفس الرؤية والقناعة ورفض التوقيع على الوثيقة التي تم بها إعادة أحمد أويحيى لمنصبه بعد أشهر قضاها بعيدا عن الحزب، مما سيشكل تناقضات فالشخصية من قيادات الحزب وأحد أهم إطاراته ولكنه لا يحسب على الأمين العام الحالي للحزب.
في حين لم يشفع لعبد القادر قاضي ولا لعبد القادر خمري حمل عضوية اللجنة المركزية في جبهة التحرير الوطني من البقاء في الجهاز التنفيذي وسيجد سعداني نفسه مرّة أخرى في خطاب تبرير الخيارات السياسية للرئيس رغم أنها تتنافى مع الخطاب الأخير للحزب والذي تبلور في أشغال المؤتمر العاشر الأخير للأفلان حين طالب وافتك عمار سعداني الأغلبية في الحكومة من خلال وضع أغلب الوزراء في حكومة عبد المالك سلال الرابعة في اللجنة المركزية للحزب بالرغم من أنه لم يعرف عنهم النضال داخل الحزب وقواعده إلا مع قرب أشغال المؤتمر العاشر التي جرت قبل أسابيع.
المتفق عليه عند المتابعين للشأن السياسي عندنا هو أن التعديل الجزئي الذي أجراه الرئيس على الحكومة وإن كان بسيطا في نظر الكثيرين إلا أنه جاء ليثبت أن الضبابية هي السائدة في تسيير المشهد السياسي العام في البلاد، ويذهب العارفون بالنظام إلى القول بأن هذه التعديلات ليست بالأهمية القصوى وذلك بالنظر إلى أولويات الدولة والنظام في الوقت الراهن والتي تتعلق بملفات أمنية وأخرى اقتصادية ثم سياسية ويختصر هؤلاء هذا التوجه في معنى يكمن في كيف يقبل وزير منصب والي كما حدث مع عبد القادر قاضي.
إلى ذلك تشير توقعات عديدة أن المستقبل السياسي لعمارة بن يونس كيفما كان شكله إلا أن خروجه من دائرة الحكومة سيكون سببا في تعديل الخارطة السياسية الداعمة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة ولخيارات المرحلة القادمة.
خولة بوشويشي