الوطن

نصب واحتيال تحت مسمى التجارة الإلكترونية في الجزائر

بسبب غياب أطر قانونية تنظمها وجهل أغلب الجزائريين بمعاملاتها

 

عبد المالك سراي: الجزائريون لا يثقون إلا في التعاملات النقدية 

جمعية حماية المستهلك: السلع التي تباع عن طريق النت أغلبها سلع مغشوشة ودون ضمان 

 

رغم ظهور عدة مواقع للمعاملات التجارية الفترة الأخيرة تقدم عروضا لمختلف السلع والبضائع وتلقى نوعا من الإقبال، إلا أنه لا يمكن الحديث عن تجارة إلكترونية موجودة في الجزائر، فثقافة التسوق عبر النت لا تزال جديدة على الجزائريين، بالإضافة إلى أنها تبقى بدائية وغير منظمة بأطر قانونية، ما يفتح المجال للاحتيال الواسع في ظل تزايد عدد الشركات الوهمية وجهل أغلب الجزائريين بكيفية إتمام هذه المعاملات التجارية.

يتقدم التسوق الإلكتروني عبر الإنترنيت في الجزائر بخطى ثقيلة وغير ثابتة، خاصة مع جهل الزبائن لأدق تفاصيله وغياب رقابة تتابع مختلف التعاملات التجارية، ليقع الزبون ضحية للتحايل وتتحول التجارة الإلكترونية في الجزائر لتجارة موازية غير شرعية.

الجزائريون لا يملكون ثقافة التسوق عبر النت 

 

لاتزال ثقافة التسوق الإلكتروني جديدة على الجزائريين وكذا على المتعاملين التجاريين والمؤسسات البنكية المصرفية، فأغلب زبائن المواقع لا يملكون ثقافة رقمية تمكنهم من التعامل مع كبرى المتاجر والشركات والأسواق الافتراضية التي لديها خبرة عقود من الزمن في هذا النوع من التعاملات الاقتصادية، ولعل خير دليل على ذلك العدد القليل من الزبائن الذين يحوزون على بطاقات ائتمان في الجزائر، فعمليات البيع والشراء التي يقوم بها الجزائريون عبر مواقع جزائرية في الشبكة العنكبوتية، تتم بطرق بدائية لا تتعدى عرض السلعة وقبول شرائها، في حين تتم عملية تخليص باقي عملية الشراء أو البيع بتحديد موعد للتسليم والدفع المباشر يدا بيد أو عن طريق الاتصال هاتفيا بين البائع والمشتري أو إرسالها في طرود بريدية وتسديد الثمن مسبقا عن طريق صب المبلغ في الحسابات البريدية أو البنكية، أو عن طريق مؤسسات خاصة. كما أن هناك مواقعا تعطي المشترين القدرة على الاتصال بالبائعين من خلال نموذج موجود على كل صفحة من صفحات إعلانات البائعين. ويتم إبلاغ البائع بالبريد الإلكتروني بأسئلة المشتري، ويستطيع البائع بالتالي الإجابة على أسئلة المشتري بالبريد الإلكتروني أو بالدخول إلى حسابه والإجابة من نظام التراسل في الموقع ويستطيع البائع اختيار عدم الكشف عن عنوان بريده الإلكتروني، هذا وعادة ما يلجأ الجزائريون لمواقع التواصل الاجتماعي في مقدمتها «الفيس بوك» لإتمام عمليات البيع والشراء عبر صفحات التسوق الإلكتروني، حيث أن البائع والمشتري في أغلبالأحيان تجدهما من ولاية واحدة مما يسهل المعاملات بينهما ويضمن لهما وصول السلعة.

مستحضرات التجميل، السيارات والأجهزة الإلكترونية أكثر السلع تداولا

 

وتعتبر مستحضرات التجميل، العطور وكريمات العناية بالبشرة وكذا الاجهزة الإلكترونية أكثر السلع إقبالا من جانب زوار المواقع بيعا وشراء، حيث أن جل المواقع تضم خدمات متنوعة منها بيع الأدوات المدرسية، أجهزة الإعلام الآلي، أحذية وملابس، أراض وعقارات، الأثاث والأجهزة الكهرو منزلية، الألعاب والأجهزة الإلكترونية، السيارات والحافلات، دليل السفر والسياحة، الهواتف النقالة وساعات اليد وبيع المواشي وغيرها من الخدمات. وبالرغم من التنوع الكبير في العروض والذي لا حدود له، إلا أن اغلب المتسوقين الإلكترونيين يفضلون اللجوء إلى الأركان المخصصة لبيع أجهزة الإعلام الآلي، الهواتف النقالة ساعات اليد، ومستحضرات التجميل، والسيارات... 

 

متسوقون يقعون ضحية نصب واحتيال 

 

هذا ويواجه المتسوقون الجزائريون عبر الإنترنت مخاوف من عمليات النصب والاحتيال في ظل تزايد عدد الشركات الوهمية للتسوق الإلكتروني وارتفاع معدلات الجريمة الإلكترونية، في ظل غياب قوانين حكومية فعالة من شأنها أن تضبط المعاملات التجارية وتؤمّن عمليات البيع والشراء الإلكترونيين... خاصة وأن أغلب الجزائريين يجهلون كيفية إتمام المعاملات، وهو الأمر الذي انعكس سلبا على التسوق الإلكتروني في الجزائر، في وقت أضحى بالنسبة لعدد من الدول الأوروبية شيء عادي وروتيني، حيث أن ظاهرة الاحتيال والنصب عبر الإنترنت تحاك خيوطها، عبر أكثر من وسيلة وتمرر عبر البريد الإلكتروني أو الاتصال الهاتفي، وتستهدف شريحة واسعة من الأشخاص، في مجال البيع والشراء وحتى في مجال الخدمات والسياحة، فالعديد من الجزائريين كانواضحايا لشركات سياحية وهمية تنشط عبر الأنترنت سواء في الجزائر أو في بلدان مجاورة.

عبد المالك سراي لـ"الرائد": الجزائريون لا يثقون إلا في التعاملات النقدية.. ومن الضروري أن تتكيّف البنوك مع التطوّرات التكنولوجية

 

هذا ويؤكد الخبراء الاقتصاديون أن المشكل الذي يقف عائقا أمام تطور التجارة الإلكترونية يتمثل في غياب العمل بالدفع الإلكتروني وغياب أطر قانونية لتنظيم هذا النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى جهل الجزائريين بمثل هذه المعاملات. وفي هذا الصدد أكد الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي في اتصال هاتفي مع "الرائد" أن مشكل التجارة الإلكترونية في الجزائر قبل الحديث عن مشكل تقني هو مشكل "ثقة"، كون 60 بالمائة من تعاملات الجزائريين الاقتصادية تتم نقدا،وهو ما يمثل عائقا اجتماعيا أمام تطور التسوق عبر النت. من جهة أخرى قال سراي أنه من الضروري أن ترسم البنوك استراتيجية جديدة تتماشى مع التطوّرات التكنولوجية التي يشهدها العالم من خلال إصلاحات اقتصادية ومالية، وهو ما من شأنه أن ينعكس على التجارة الإلكترونية بطريقة آلية، بالإضافة إلى غياب مشروع خاصّ بالتجارة الإلكترونية في الجزائر، معتبرًا أن الحكومات المتعاقبة لم تحدّد الجهة التي تتولّى عمليّة تنظيم وتأطير هذا المجال، وأن المبادرات والأفكار التي تُقدّم في هذا الإطار لا تلقى أيّ اهتمام من المسؤولين.

جمعية حماية المستهلك لـ"الرائد": السلع التي تباع عن طريق النت أغلبها سلع مغشوشة ودون ضمان 

 

من جهته قال المكلف بالإعلام على مستوى جمعية حماية المستهلك سمير القصوري أمس في تصريحات لـ"الرائد" أنه لا يمكن الحديث عن تجارة إلكترونية في الجزائر بسبب غياب آليات هذه التجارة، منها الدفع الإلكتروني مضيفا أن ما يتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكذا بعض المواقع والمنتديات هو عملية عرض للسلع عن طريق النت، في حين لما نمر لمرحلة الشراء فإن العملية تكون بدائية كأية عملية شراء عادية إما عن طريق "اليد باليد" أو عن طريق البريد، وهنا تكمن الإشكالية حيث نصح القصوري الجزائريين بتجنب مثل هذه المعاملات التجارية المشبوهة كون الاحتيال موجودا في أغلبهاإما بعدم تلقي الزبون للبضاعة من أصحابها، أو بتلقي الزبون بضاعة غير تلك المروج لها، مضيفا أن السلع التي تباع عن طريق النت أغلبها سلع ليس لها ضمان لأنها سلع قديمة ومستعملة أو أنها سلع مهربة وليست من طرفوكيل تجاري معتمد.

س.زموش

 

من نفس القسم الوطن