الوطن

بوتفليقة يراجع موقفه من المعارضة ويعلن بأنها "محل تقدير"

غيّر نظرته تجاهها بعد ثلاثة أشهر من خطابه الشرس

 

 

غيّر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في رسالة الأخيرة التي بعث بها للأمة عشية إحياء الذكرى الـ 53 لعيديّ الشباب والاستقلال المصادف لـ 5 جويلية من كل سنة من مواقفه إزاء المعارضة بصورة حيرت المتابعين للشأن السياسي، خاصة وأنها جاءت بعد حوالي 3 أشهر عن خطاب شرس وصفها فيه بكونها تعتمد على "سياسة الأرض المحروقة " ففي رسالة الساعات الماضية، عاد رئيس الجمهورية ليقول أنها تؤدي واجبها بشكل أعاد طرح مسألة من يكتب رسائل الرئيس، وعلو خطاب التشكيك في ما يصدر من رئاسة الجمهورية باسم الرئيس من رسائل للأمة، وبين مرحب بما جاء في رسالته الأخيرة وبين منتفض ورافض يبقى المراقبون ينتظرون إجراءات حقيقية تجسد ما حملته رسالته تجاه خصومه السياسيين.

خص بوتفليقة المعارضة في رسالته للأمة المعارضة بـ"الثناء" بعد رسالة "عيد النصر" في 19 مارس الماضي والتي أثارت جدلا كبيرا في الساحة بعد تضمنها اتهامات للمعارضة منها انتهاج سياسة الأرض المحروقة من اجل الوصول إلى الحكم، وجاء في رسالة رئيس الجمهورية الجديدة "بالفعل، يحتاج الشعب الجزائري إلى الإطلاع على الاقتراحات البديلة التي تروم تحسيـن مصيره وسيعرف كيف يختار، بكل سيادة، أثناء الـمواعيد الانتخابية الـمتعارف عليها في نظام الجمهورية، وشدد "هذه هي الرسالة التي أوجهها، في هذا اليوم الذي تتوحد فيه قلوبنا، إلى الطبقة السياسية في البلاد، و في الـمقام الأول إلى فعاليات الـمعارضة التي أحلها من نفسي محل التقدير ذلك أن الـمعارضة تؤدي دورها، في كنف مراعاة أخلاقيات الديمقراطية، على غرار الأغلبية التي ساندت برنامجي أثناء الحملة الانتخابية و التي يتعيـن عليها اليوم ترقيته في إطار نقاش ديمقراطي من أجل زرع الأمل ومؤازرة ما يجب بذله من جهد".

وهو خطاب مغاير للذي اعتادت عليه المعارضة السياسية من قبل في خطابات ورسائل القاضي الأول للبلاد منذ اعتلاءه لسدّة الحكم لولاية رابعة عقب رئاسيات أفريل 2014، وذلك بعد أن رفعت المعارضة من سقف مطالبها وطموحاتها السياسية، كما يأتي مغايرا تمام لما صدر عن الرئيس قبل ثلاثة أشهر حين خصها بموقف شديد اللهجة، بعد صمت بشأنها دام طويلا، حيث حذّر الرئيس مما أسماه " المنكرات " التي قد تضر بالجزائر " بفعل أناس اعترتهم نزعة خطيرة إلى اعتماد سياسة " الأرض المحروقة"، واتهم الرئيس خصومه آنذاك بـ" محاولة  الوصول إلى الحكم على أنقاض الدولة وأشلاء الشعب "، وهو الأمر الذي لم تهضمه المعارضة وانتقدته بصورة مبالغ فيها منذ ذلك الحين، ليأتي اليوم الرئيس مستغلا مناسبة احتفاء الجزائريين بذكرى عيد الاستقلال الـ 53 ليؤكد على الدور والأهمية المرجوة من تيار المعارضة.

وبالرغم من التناقض الذي حملته رسالة الرئيس في الشق المتعلق بالمعارضة، إلا أن متابعين يؤكدون أن الأمر يتعلق بالدرجة الأولى بالدستور، حيث دعاها بوتفليقة إلى نقاش وطني في إشارة منه إلى ضرورة وأهمية مشاركتها في اقتراحات التعديل الدستور،  بالرغم من أنه يوشك على نهايته،  إلا أن الرئيس أبقى الباب مفتوحا أمامها بعد أن أدرك أن خطاب الوعيد لن يفيد مع " معارضة عاقلة " كما قال رئيس حركة مجتمع السلم تعي ما تقول وما تفعل،  خاصة وأنها كانت السبب في تعطل المشروع،  في حين يرى آخرون أنظاهر الرسالة تبدو وكأنها تغيير عما جاء في راسلته في مارس الماضي، التي حملت لغة عنيفة وتهديد ووعيد، والرسالة الجديدة في الأصل ما هي إلا الجزء الثاني، مما صدر في مارس،  فهي تسير على نفس النسق، حيث أن الرئيس لايطرح أي بديل، بل يحمل المعارضة المسؤولية،ويدعوها إلى التنازل بعد أن دعاها إلى "استخلاص الدروس من التجارب التي مرت بها الجزائر التي دفعت قبل سنوات ثمنا باهضا جراء الخطابات الشعبوية والديماغوجية والتطاول على القانون، وترفض أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي إكمال الرئيس لعودته مثلما أكد عليها في خطابه وتصر على انتخابات مسبقة تشرف عليها هيئة مستقلة، وبين رفض بوتفليقة للتنازل ورغبةالمعارضة  في تحقيق انتقال ديمقراطي أيضاء،  يؤكد مراقبون أن مسألة الشد والجذب بين المعارضة والموالاة ستستمر طيلة عهدة الرئيس وستزيد حدة مع الإفراج على مسودة الدستور القادم.

أمال. ط

من نفس القسم الوطن