الوطن

انتعاش غير مسبوق للعلاقات الجزائرية الفرنسية بعد 53 سنة من الاستقلال

زيارة هولاند وممثل وزير الدفاع في ذكرى مجارز 8 ماي أكبر تحول

 

 

تمر الذكرى 53 للاستقلال الجزائر،هذه السنة في ظروفجد استثنائية، أهم ما ميزها هو الليونة الكبيرة التي أظهرتها باريس في التعامل معملف الذاكرة بالذات، حيث كانت الزيارة الأخيرةللرئيس الفرنسي للجزائرإضافة إيجابية للعلاقات الثنائية وخطوة نحو الأمام في تجاوز الماضي الأليم بين البلدين، خاصة وأن فرانسوا هولاند اعترف بجرائم فرنسا دون أن يعتذر، كما تجسد ذلك أيضا قبله في التكريم الذي قام به كاتب الدولة الفرنسي لدى وزير الدفاع المكلف بقدماء المحاربين والذاكرة جون مارك توديسشيني بمناسبة إحياء مجازر 8 ماي 1945. 

المواقف التي صدرت عن كبار المسؤولين الفرنسيين خلال زياراتهم المتعددة للجزائر، هذه السنة، تعكس نوعية العلاقات بين البلدين والنقلة التيحدثت بعد 53 سنة من الاستقلال، وهي تظهر في جوهرها أن باريس استطاعت تجاوز عقدتها الاستعمارية اتجاه الجزائر واقتنعت بأنها ارتكبت مجازر. 

 وقبل زيارة الدولة التي قام بها فرانسوا هولاند للجزائر، سبقه للجزائر، كاتب الدولة الفرنسي لدى وزير الدفاع المكلف بملف قدامى المحاربين والذاكرة، إلى الجزائر، شهر أفريل المنصرم، حيث أدى زيارة إلى ولاية سطيف وقام بتدشين أول تمثال لأول ضحية جزائري سقط في تلك المجازر، شعال بوزيد، واتخذ من المناسبة فرصة للتذكير بفظاعة الاستعمار والجرائم التي ارتكبت خلال تلك الحقبة، لكنه قالأنالمستقبل الذي يربط البلدين أقوى من البقاء في الماضي لأن الطاقات الموجودة في كلا البلدين تنتظر الاستغلال الحسن. 

 ولم تنته التفاتة كاتب الدولة لدى وزير الدفاع الفرنسي عند هذا الحد، بل قامبعد عودته من سطيف، بتكريم قدامى المحاربين الجزائريين الذين كانوا سندا قويا في دحر الاحتلال النازي إلى جانب جنود التحالف، خلال الحرب العالمية الثانية، وقام بتكريمهم بمقر إقامة السفير الفرنسي بالعاصمة بحضور ممثلي السلك الدبلوماسي وكبار المسؤولين. 

هذهالالتفاتة كانت قوية ونقطة تحول بامتياز في ملف الذاكرة بين البلدين، كونه تكريما لم يحدث في السابق، بل اقتصر على تكريم الحركى وليس قدامى المحاربين الجزائريين الذين نقلوا في قوارب للسواحل الفرنسية وانتقلوا حتى مناطق الالزاس لتحريرها من الاحتلال النازي. 

 وبعدها جاءت زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، للجزائر وهي الزيارة الثانية بعد تلك التي قام بها سنة 2012حيث سجل خلالها اعتماد باريس على الجزائر كشريك استراتيجي في المنطقةبامتياز، وقالأنالتعاون الثنائي مميز ونوعي ويكفي أن فرنسا تعد أول بلد في تعداد التعاملات الجزائرية الفرنسية في مجال الاقتصاد. 

فرنسوا هولاند، المعروف بانفتاحه الكبير على ملف الذاكرة والتاريخ، لم يفوت الفرصة للوقوفعند ملف الذاكرة الذي قال عنه إنه على الرغمالألم الذي يحمله واعترافه بأن بلده قامت بمجازر، إلا أنه يجب طي صفحته وذلك لأن الاهتمامات المستقبلية للبلدين أكبر من البقاء في الماضي. وبحكم النجاح الذي حققته الزيارة برمج غريمه، نيكولا ساركوزي زيارة مماثلة للمغرب ببرنامج رئيس دولة وليس كزعيم سياسي بالنظر لبرنامج اللقاءات مع كبار المسؤولين المغاربة. 

فضلا عن ملف الذاكرة الذي وقع بشأنه تحولا كبيرا في الذكرى 53 لعيد الاستقلال، فإن الملف الاقتصادي حقق نتائج ملموسة منها نتائج اللجنة الثنائية الجزائرية الفرنسية للتعاون الثنائي التي يرأسها مناصفة كل من الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس وعبد المالك سلال والتي من نتائجها الأساسية مشروع "رونو" للسيارات ومشاريع أخرى ستتمخض عنها. 

عيسى. م

من نفس القسم الوطن