الوطن

بارونات التجارة الموازية تفرض منطقها في رمضان وتتغلب على بن يونس

البلديات على موعد مع الفوضى بسبب قرار إدماج الأسواق الفوضوية ضمن التجارة الرسمية

فشلت مصالح وزارة التجارة والسلطات العمومية في محاربة التجارة الموازية التي انتعشت خلال رمضان بشكل لافت ليقرر عمارة بن يونس في إجراء جاء بسبب فشل مصالحه في إيجاد بدائل إدخال هذه التجارة ضمن التجارة الرسمية ويشجع بذلك على انتشار الظاهرة أكثر والتي أصبحت منفذا للسلع المغشوشة وبؤرا للأمراض الصحية.

 

التجارة الفوضوية تنتعش في رمضان وبارونات الأسواق يتغلبون على وزارة التجارة 

 

عادت ظاهرة الأسواق الفوضوية لتنتعش خلال رمضان حيث تشهد الجزائر العاصمة منذ الأسبوع الأول من الشهر الكريم، عودة مظاهر التجارة الفوضوية إلى العديد من بلدياتها وشوارعها الكبرى، حيث احتل التجار الفوضويون الأرصفة وحواف الطرقات الولائية والوطنية على حد السواء، هذا بعد الحملة التي عرفتها الولاية على غرار باقي ولايات الوطن في وقت سابق، تطبيقا للقرار الوزاري القاضي بالقضاء على مظاهر التجارة الموازية، غير أن حلول شهر رمضان الكريم كان بمثابة فرصة للعشرات من التجار الفوضويين لعرض مختلف سلعهم وتحويل الشوارع والطرقات إلى أسواق فوضوية. هذا ووجدت السلطات الوصية نفسها مضطرة للتغاضي عن عودتهم إلى مزاولة التجارية الفوضوية، في ظل عجزها عن إيجاد بدائل لهم، خاصة بعد أن تبخرت مبادرة إنشاء أسواق العاصمة، الخاصة بشهر رمضان الكريم الذي سعت إلى تطبيقه لجنة المالية بالمجلس الشعبي الولائي، وامتناع عبد القادر زوخ وال الولاية ومديرية التجارة الموافقة على تجسيدها والترخيص لإنشاء تلك الأسواق، لدواعي تنظيمية وأمنية. وفي هذا الصدد أعرب التجار الرسميين وأصحاب المحلات التجارية على مستو مختلف اسواق العاصمة على غرار باب الوادي، ساحة الشهداء، بومعطي بالحراش، بن عمر، عين النعجة، الرويبة ومارشي 12 عن امتعاضهم الشديد كما اشتكوا من المنافسة غير المشروعة التي عادت لتلازمهم خاصة وان ما اسموهم بالطفيليين أصبحوا يعرضون سلعهم الرديئة وبأسعار مغرية لكسر الأسعار بهدف الربح السريع على حساب صحة المواطن البسيط. كما أعرب بعض التجار عن خيبة أملهم من والي ولاية الجزائر، عبد القادر زوخ، في التدخل المباشر لحل إشكالية تجسيدها، و صمت الولاية وتجميدها للمراسلات التي وجهت إليها بخصوص التدخل وإجبار مديرية التجارة على قبولها، الذي حال دون تجسيد الأسواق التي كان ينتظرها الآلاف من العاصميين ، لاسيما بعد أن رفضت ذات المديرية خلال الاجتماعات التي جمعتها مع مسؤولي اللجنة وممثلي التجار والولاية، إعطاء ترخيص لإنجاز هذه الأسواق في مختلف الفضاءات والمساحات التي تحددها بلديات الـــ57، بالرغم من أن فكرة المشروع لقيت ترحيبا كبيرا من الأميار، لاسيما الذين لا يتوفرون على سوق جوارية. 

 

عين بن يونس على الـ 51 مليار دينار قيمة المعاملات التجارية الفوضوية!

لكن بالمقابل نزل قرار وزير التجارة عمارة بن يونس بردا وسلاما على التجار الفوضويين حين أكد الوزير أنه سيعمل خلال المرحلة المقبلة على إدماج التجارة الموازية في التجارة الرسمية تدريجيا، وأوضح الوزير في تصريحاته انه سوف لا نعلن حربا على التجارة الموازية وإنما سنعمل تدريجيا على إدخالها في التجارة الرسمية للدولة الجزائرية، كما أعلن أنه سيتم تنظيم قبل نهاية السنة الجارية ندوة دولية حول التجارة الموازية بصفة عام.  هذه التصريحات التي اعتبرها البعض صادمة بسبب إعتراف الوزير ذاته منذ فترة وجيزة بأن السوق الموازية باتت تشكل خطرا حقيقيا على الاقتصاد الوطني، لما لها من تداعيات سلبية، مؤكدا أن التحقيقات التي باشرتها مصالحه كشفت أن قيمة المعاملات التجارية الفوضوية بلغت ما قيمته 51 مليار دينار سنويا، أي ما يعادل 5100 مليار سنتيم.

فسرها البعض أنها خطوة لجعل المعاملات التجارية الغير قانونية تعود بالفائدة على خزينة الدولة من خلال منح هؤلاء التجار سجلات وفرض ضرائب بما أن الوزارة فشلت ومنذ بدء حملة القضاء على التجارة في مهمتها وكان وزير التجارة قد أكد في وقت سابق خلال حديثه عن تداعيات السوق الموازية على الاقتصاد الوطني، أن قيمة المعاملات التجارية غير القانوينة، بحسب التحقيقات التي أجرتها مصالح القطاع، بلغت ما قيمته 206  .5 مليار دينار خلال الأربع سنوات الماضية، أي بمعدل 51.6 مليار دينار سنويا، لذلك أكد الوزير إن مصالحه تسعى للقضاء على الظاهرة بإدماجها في الاقتصاد الوطني.

 

البلديات على موعد مع فوضي ومشاكل لا تنتهي بسبب قرار إدماج الأسواق الفوضوية ضمن التجارة الرسمية 

 

هذا وقد خلق قرار الوزير هذا ردود أفعال واسعة من طرف جمعيات حماية المستهلك وأتحاد التجار الذين إعتبروه فشل من طرف الوزارة في القضاء على هذه الأسواق التي تشوه العاصمة وتخل بالنشاط الاقتصادي معتبرين إعلان الوزير هذا خطأ فادح كون يشجع على انتشار التجارة الموازية أكثر قبل عملية أحصاء هؤلاء التجار وتقنينيهم وهو الأمر الذي سيخلق حالة من الفوضى في الأسواق ومشاكل لا تنتهي على مستوى البلديات. 

 

منتجات فاسدة ومنتهية الصلاحية تباع في الأسواق الموازية 

ومن بين السلبيات الكثيرة التي تعرفها الأسواق الفوضوية هي أن هذه الأخيرة تحولت لبؤر للأمراض حيث يسوق الكثير من الباعة الفوضويون منتجات فاسدة وسريعة التلف فبسوق بن عمر لم يجد الباعة الفوضويون أي مانع في بيع الزيتون أو الحلويات في الهواء الطلق، فغياب ثقافة حفظ المواد الغذائية والمواد السريعة التلف فرضت منطقها أين يتم بيع بيع الحلويات الرمضانية بالأرصفة دون حماية من أشعة الشمس وكذا بيع الزلابية وقلب اللوز في الهواء الطلق معرضة للتلوث، إلا أن الغريب هو غياب الوعي لدى المستهلكين بخاطرها الصحية التي تصل إلى حد الموت يدفعهم إلى اقتناء كميات كبيرة منها وغالبا ما يعرض الباعة الحلويات التقليدية برمضان في ظروف غير صحية ويصادفك مشهد وقوف الحشرات الضارة عليها أمام غياب الرقابة، كما يستغل الباعة بالأسواق الفوضوية ارتفاع درجات الحرارة فيعرضون أنواعا مختلفة من المشروبات الغازية بالأرصفة معرضة لأشعة الشمس، والغريب أنها تلقى إقبالا كبيرا من قبل المستهلكين بشهر رمضان خاصة أكياس الشاربات التي لا تستغني طاولات الصائمين عنها، والسر الوحيد هو أسعارها المغرية التي تقتصد جيوب محدودي الدخل، إلا أن الأطباء أكدوا أنها لا تخضع لمعايير التخزين الصحية وأن احتواءها على مواد كيميائية وأحماض يكون سببا في تأكسدها مع أشعة الشمس وتحولها لسموم تسبب أمراضا بالجهاز الهضمي، وغالبا ما تؤدي إلى الإصابة بالتسمم الغذائي.


س. زموش

من نفس القسم الوطن