الوطن

الحكومة تخيط أجندة البرلمان على مقاسها

بعد إعادة برمجة تاريخ جديد لموعد اختتام الدورة الربيعية الحالية

 

  • نواب المعارضة: البرلمان الحالي ينفذ أوامر السلطة ولا يخدم مصالح الشعب
  • نواب الموالاة: نحن الأغلبية ونحن من نقرر !

 

خلقت البرمجة الجديدة التي قام بها مكتب المجلس الشعبي الوطني في الساعات الماضية حول أجندة عمل البرلمان بغرفتيه خلال الدورة الربيعية الحالية، حالة من الجدل وسط الأحزاب الفاعلة في البرلمان وتحوز على تمثيل نيابي فيه، خاصة تلك المحسوبة على المعارضة والتي رأت في الخطوة تكريسا لسيطرة وهيمنة المؤسسة التنفيذية _ الحكومة _، على الهيئة التشريعية التي هي البرلمان والتي شكلت محور اتهامات بين هؤلاء وبين الحكومة والغرفة السفلى للبرلمان خلال العهدة التشريعية الحالية، وجاء ذلك بعد أن قرر مكتب المجلس الشعبي الوطني في اجتماعه الثلاثاء الماضي تغيير مواعيد برمجة مشاريع القوانين التي كانت ستناقش في الدورة وفق جدول زمني تمت دراسته قبل أسبوعين، وإخطار النواب به والحكومة التي وافقت عليه، غير أن اجتماع الساعات الـ 48 الماضية جاء معجلا بـ" اختتام الدورة الربيعية الحالية"، أين أشار بيان المجلس إلى أن المكتب برئاسة محمد العربي ولد خليفة يكون قد قرر إدراج تاريخ 7 جويلية الجاري كوعد لاختتام الدورة الربيعية دون أن يخوض البيان في أسباب هذا التغيير العاجل ومصير مشاريع القوانين التي كانت مدرجة. 

وحسب ما أشار له بيان صدر عن مكتب المجلس الشعبي الوطني فإن البرلمان سيختتم بغرفتيه، يوم الثلاثاء 07 جويلية 2015 دورته الربيعية لسنة 2015، وذلك طبقا لأحكام المادة 118 من الدستور وكذا المادة 05 من القانون العضوي رقم 02-99الذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة. 

 

ولد خليفة يدفع بمشاريع قوانين الدورة الربيعية إلى الدورة الخريفية!

 

على صعيد آخر سيدفع هذا التغيير في أجندة مواعيد المجلس الشعبي الوطني التي كانت مضبوطة حتى تاريخ 2 أوت القادم إلى وضع الأجندة السابقة رهن الدورة الخريفية القادمة، ويتعلق الأمر بالتصويت على مشروعي قانون التوجيهي للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي ومشروع القانون المعدل والمتمم للأمر رقم 75-59 المتضمن القانون التجاري الذين كانا مبرمجين يوم 21 جويلية الجاري، بالإضافة إلى وضع حزمة من الأسئلة الشفوية والكتابية التي وجهها النواب لوزراء حكومة عبد المالك سلال الرابعة على دكة الاحتياط إلى حين افتتاح الدورة الخريفية وإعادة برمجتها من جديد وفق ما تقرره الحكومة، ويقدر عدد الأسئلة التي أودعها مكتب المجلس الشعبي الوطني على الحكومة بعد استيفائها للشروط القانونية 30 سؤالا كتابيا و30 آخر شفهيا. 

 

الحكومة تعفي النواب من البتّ في قانون المالية التكميلي لسنة 2015 وتمرره بأمرية رئاسية !

 

ربط العديد من النواب خاصة المحسوبين على طرف الموالاة ويمثلون في المجلس الشعبي الوطني" الأغلبية " قرار التغيير في جدول أعمال البرلمان بغرفتيه خلال الدورة الربيعية الحالية بعد ضبطه قبل أسابيع وتم فيه الإقرار بتمديد عمل الهيئة التشريعية إلى تاريخ 2 أوت المقبل بسبب انتظار هؤلاء مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2015 الذي أعدته الحكومة بعد " مخاض عسير "، غير أن الأنباء التي سربت من الجهاز التنفيذي حول المشروع أكدت على أن القانون سوف لن يمر عن طريق البرلمان للمناقشة والبت فيه وإنما سيمرر عن طريق أمرية رئاسية، وعلى هذا الأساس تم إعادة تكييف جدول الدورة الربيعية للبرلمان مع هذا التغيير الذي طرأ على أجندة عمل الحكومة. 

ويرى مراقبون بأن هذه الخطوة لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون السبب وراء ذلك لكون مسألة مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2015 لم يكن ضمن أجندة البرلمان خلال الفترة الحالية وإلى غاية اختتامها بتاريخ 2 أوت كما أشار بيان سابق لمكتب الغرفة السفلى للبرلمان برئاسة محمد العربي ولد خليفة. 

 

نواب المعارضة: البرلمان الحالي ينفذ أوامر السلطة ولا يخدم مصالح الشعب

 

اتفق كل من النائبين البرلمانيين فيلالي غويني عن التكتل الأخضر، وحبيب زقاد عن الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي، على أن البرلمان الحالي مجرد هيئة تابعة للحكومة تسهر على تطبيق الأوامر دون مناقشة أو رقابة، مستدلان في ذلك على تمديد البرلمان لدورة الربيعية إلى بداية شهر أوت ثم العدول عن ذلك وإنهائها في تاريخها المحدد وهو الأسبوع الأول من شهر جويلية، وكل هذا بأوامر فوقية من طرف السلطة التنفيذية التي من المفروض دستوريا أن تخضع للبرلمان وليس العكس على حد قولهما. 

وانتقد رئيس الكتلة البرلمانية لتكتل الجزائر الخضراء النائب فيلالي غويني، طريقة عمل البرلمان واصفا إياها بالفوضوية والمتذبذبة، والغير واضحة المعالم، معتبرا تمديد الدورة البرلمانية الربيعية إلى غاية 2 أوت دون استشارة أحد، ثم العدول عن القرار وإنهاء ذات الدورة في تاريخها المحدد سلفا، دون استشارة أحد أيضا دليل على عدم احترام نواب البرلمان بغرفتيه. وقال النائب عن التكتل الأخضر أن التمديد ثم العدول فيما يخص الدورة الربيعية دليل قطعي على تحكم الحكومة في أجندة البرلمان وتسيره كما تشاء رغم أن الدستور والقانون يضع السلطة التشريعية والتنفيذية في مقام واحد ويعزز الفصل بينهما.  كما تحدث فيلالي عن الخضوع التام للبرلمان بغرفتيه لسلطة الحكومة والتي من المرجح أن تكون هي من أمرت بتمديد الدورة ثم عدلت عن ذلك لغاية لا يعلمها حتى رئيسي الغرفتين. وأضاف المتحدث بأن الحكومة هي أيضا من تشرف على برمجة تواريخ عرض القوانين ومناقشتها بحسب أولويتها برغم من أن ذلك في الحقيقة من اختصاص الهيئة التشريعية. وأيد النائب لحبيب زقاد ما ذهب إليه فيلالي، مضيفا عليه بأن البرلمان الجزائري بغرفتيه هو مجرد مكتب تابع للحكومة يفعل ما يؤمر به على حد تعبيره. ووصف النائب عن الاتحاد الديمقراطي الاجتماعي تحت التأسيس التخبط الذي وقعت فيه السلطة التشريعية فيما يخص تمديد الدورة الربيعية شهرا كاملا ثم العدول عن ذلك، بالأمر العادي في ظل تغول السلطة التنفيذية على التشريعية التي تعد هيئة صورية لا تشرع ولا تراقب ولا تقوم بأي مهام من شأنها أن تفيد المواطن. وهاجم زقاد كل من رئيسي البرلمان بغرفتيه مؤكدا أنهما لا يحترمان النواب ولا القانون كما يخرقان الدستور صباح مساء. 

وقال المتحدث أيضا إنه كنائب لم يخطر ولم يعلمه أحد بالتراجع عن التمديد معتبرا ذلك قلة احترام واستهزاء بنواب الشعب، الذين كان من المفروض التشاور معهم ومع التكتلات الموجودة من أجل أخذ قرار كهذا على الأقل. من جانب آخر أكد زقاد أن نواب البرلمان الجزائري مجرد موظفين عند الحكومة يتلقون رواتبهم كل شهر دون تقديم أي خدمة تفيد المواطن، محملا المسؤولية في ذلك إلى السلطة التي ميعت الساحة السياسية وأفرغت أجهزة الدولة من محتوياتها وجعلتها على الحالة التي ترونها الآن على حد قوله. 

 

التجمع الوطني الديمقراطي: نحن نمثل الأغلبية في البرلمان ونحن من نقرر !

 

قلل رئيس الكتلة البرلمانية لتجمع الوطني الديمقراطي، محمد كيجي، من مسألة عدول البرلمان عن تمديد الدورة الربيعية بعد أن أعلن في السابق عن تمديدها لبداية شهر أوت، معتبرا ذلك حقا مكفولا دستوريا وقانونيا لرئيسي الغرفتين العليا والسفلى للبرلمان بعد مشاورة الحكومة طبعا، مضيفا في نفس الوقت أن الأغلبية هي من يحق لها أن تقرر في هذا الشأن وقد اتفقت على غلق الدورة الربيعية في تاريخها المحدد وهو 7 جويلية المقبل. 

وأكد المتحدث أن الإشكال غير موجود لا في تمديد الدورة الربيعية ولا في العدول عنه، وذلك طبقا لأحكام المادة 118 وكذا المادة الخامسة من القانون العضوي رقم 99 -02 والذي يحدد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة وعملهما وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة. 

وأضاف يقول:"بأن التمديد من صلاحيات البرلمان وله الحق في فعل ذلك ونحن الأغلبية نوافق على كل ما يتخذه من قرارات نراها في الصالح العام"، أما عن القوانين التي كانت مبرمجة في الشهر الإضافي الذي كان قد مدده البرلمان فيما سبق، فقد قال نفس المتحدث بأنها ستأجل إلى الدورة الخريفية المقبلة، معتبرا إياها قوانين غير مستعجلة وتحتاج إلى المزيد من الدراسة والمناقشة. 

من جهة أخرى رد رئيس الكتلة البرلمانية للأرندي على بعض نواب المعارضة الذي اعتبروا قرارات البرلمان عشوائية وغير مدروسة بسبب القرار الأخير، بقوله أن التمديد جاء في البدء من أجل مناقشة بعض القوانين والمصادقة عليها، لكن بعد إدراك المجلس بأن القوانين غير مستعجلة ويمكن تأجيلها إلى الدورة الخريفية تم إلغاء التمديد بكل بساطة ودون أي حسابات كما يعتقد البعض في إشارة منه لنواب المعارضة، مضيفا في نفس الوقت بأن القرار في حد ذاته لا يستدعي كل هذا التهويل، باعتبار أن الأغلبية اتفقت على غلق الدورة في أجلها القانوني. من ناحية أخرى دعا البرلماني عن التجمع الوطني الديمقراطي نواب المعارضة إلى احترام قرارات الأغلبية والتعاطي معها لأنها في النهاية هي من تقرر. على حدّ وصفه. 

 

خولة بوشويشي/ مراد بوقرة

من نفس القسم الوطن