الوطن

حراك المعارضة مؤشر انفراج أم خطوة نحو التصادم مع السلطة؟

شرعت في ترتيب أجندة المرحلة القادمة

 

  • النهضة: المعارضة لا تمتلك خيارات كثيرة !
  • أرزقي فراد: مطالب المعارضة غير واقعية ولكنها مشروعة !
  • علي بلحاج: أجندة المعارضة مبنية على مشروع وطني

 

يبدو أن المعارضة قد اقتنعت بضرورة وحدة صفها وتجاوز سلبيات واقع التشتّت الذي كان سمة هذه الأحزاب على مدار سنوات عديدة، فرفضت الركن إلى السبات الذي كان يميز المشهد السياسي عقب كل استحقاقات كبيرة تشهدها الجزائر، وعلى غير العادّة اجتمعت على اختلاف مشاربها وأيديولوجياتها ورتبت استحقاقات المرحلة القادمة، الأجندة التي أعلنت عنها أقطاب المعارضة سواء التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي أو قطب قوى التغيير، دون الخوض في تفاصيلها حاولت فيها الابتعاد عن خطوة "كسر العظام"، التي ميزتها قبل رئاسيات أفريل 2014، والذي كان للسلطة يدّ فيه بعد أن شتت وحدتها وحاولت سحب بعض الأحزاب المحسوبة عليها لصفها مثل "الأفافاس" و"جبهة التغيير"، من أجل كسر مبادراتها السياسية التي اقترحتها كبديل للتغيير المنشود وحلّ للأزمة. 

وقد خلق تسارع الأحداث منذ رئاسيات أفريل 2014 في المشهد السياسي الجزائري، حركية نوعية عند المعارضة التي أقدمت على مساع وجهود لملمة صفوفها وتجميع قواها بحثا عن وحدة الصفّ، وإلى حدّ اليوم ظهرت للعلن عدّة تكتلات سياسية لأحزاب المعارضة وائتلافات أفرزتها أجندة سياسية متعلقة بمرحلة ما بعد بوتفليقة بالدرجة الأولى وإن كان الوصول لهذه المرحلة لا يلقى إجماعا حقيقيا بين هؤلاء إلا أنه يبقى أهم ما تحمله أجندة المعارضة. 

ويلاحظ المتابعون للشأن السياسي عندنا بأن حراك السلطة والتغييرات التي تجريها على مستوى أجهزتها وهيئاتها العليا خاصة مؤسسة الرئاسة تبقى بعيدة عن حراك وأجندة المعارضة سواء في تكتل التنسيقية أو في تكتل هيئة التشاور التي خرجت في اجتماعها الأخير لتعلن عن أجندة بعيدة المدى ولا ترتبط بما يحدث اليوم في المشهد السياسي العام كإعلانها عن الخروج للشارع في 5 جويلية و11 أكتوبر والمطالبة بلجنة مستقلة تشرف على الانتخابات. 

" الرائد"، اتصلت بعدد من الفاعلين السياسيين والمتابعين للشأن السياسي عندنا لرصد آرائهم حول حراك المعارضة وأجندة عملها المستقبلية وإن كان مؤشر انفراج أم خطوة جديدة نحو التصادم مع السلطة!، وقال في هذا الصدد رئيس حركة النهضة محمد ذويبي بأن النهضة: المعارضة لا تمتلك خيارات كثيرة، بينما اعتبر المحلل السياسي والناشط أمحند أرزقي فراد بأن مطالب المعارضة غير واقعية ولكنها مشروعة مهما كانت، في حين أشار الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة"الفيس" علي بلحاج، إلى أن أهم ما يميز هذه التكتلات وأجندتها هي الدفاع عن مشروع وطني.

 

ذويبي: المعارضة لا تملك خيارات كثيرة !

أكد رئيس حركة النهضة محمد ذويبي بأن الدور الذي تقوم به المعارضة، والذي يعتبره البعض سباحة ضد التيار وتغريدا خارج السرب، هو خيار لا تملك المعارضة بديلا عنه، خاصة وان التضييق والتعسف الذي تمارسه السلطة ضدنا يجعلنا نتحرك في مساحة ضيقة تفرض علينا خيارات محدودة لا نحدد نحن سقفها، مضيفا ان تحركات المعارضة والسباحة ضد التيار خير من مولاة السلطة والتصفيق لها في ظل ادراكنا انها تقود البلاد إلى نهاية مأساوية قد تكون أفظع من مأساة تسعينيات القرن الماضي. 

وقال ذويبي ان السلطة طالما انتهجت سياسة الاحتواء منذ الاستقلال من اجل ضمان بقائها، واسكات معارضيها، لكن الآن وبعد استشعارنا بخطورة الموقف والمآلات التي قد تتسبب فيها هذه السياسة للجزائريين، الذين يسعونا مثلنا إلى تحسن أوضاع البلاد المتردية والمتراجعة في كل المجالات، وأضاف ذويبي بأن تحرك المعارضة لا يصنف في خانة التغريد خارج السرب وعدم الاكتراث بتحركات السلطة وتحضيراتها، وانما هو امر واقع يجب التحضير له والعمل فيه بجدية من اجل انقاذ البلاد من مستقبلها القاتم على حد وصفه، كما عبر رئيس حركة النهضة عن رضاه التام على تحركات المعارضة، وما افرزته اجتماعاتهامن خلال تنسيقية الانتقال الديمقراطي او هيئة التشاور والمتابعة، مشددا على ضرورة اكمال الطريق الذي بدأت فيه المعارضة والذي حددت خطوطه العريضة وأرضيته في اجتماع مازفران التاريخي قبل سنة من الآن. 

 

أرزقي فراد: مطالب المعارضة غير واقعية ولكنها مشروعة !

 

اعتبر المحلل السياسي ارزقي فراد ان مطالب المعارضة المنبثقة عن تنسيقية الانتقال الديمقراطي وهيئة التشاور والمتابعة مؤخرا، والمتمثلة في انتخابات رئاسية مبكرة بإشراف هيئة مستقلة، بالغير واقعية بالنظر إلى موازين القوى بينها وبين السلطة التي تبذل كل جهودها من اجل تكسير تكتلاتها والتضيق عليها بشتى الطرق القانونية والغير قانونية، مؤكدا في نفس الوقت ان المعارضة تسير في الاتجاه الصحيح من اجل الوصول إلى مبتغاها حتى وان كان ذلك صعب المنال في الوقت الحالي. 

وقال فراد ان مطالب المعارضة نظريا لا تبدو واقعية لكن على المدى البعيد هي المطالب التي يجب ان يلتف كل الجزائريين حولها، لأنها السبيل الوحيد من اجل اخراج البلاد من أزمتها، كما انها الفرصة الوحيدة من اجل انتاج نظام ديمقراطي شفاف يمكن ان يدفع عجلة التنمية في الجزائر، واكد فراد انه برغم من التباعد التام في مخططات كلا من المعارضة والسلطة ونظرتهما إلى المستقبل، حيث ان الأولى تسعى إلى الانتقال إلى جمهورية ثانية يكون الحكم فيها إلى الشعب وبالشعب وهذا هو الاصح، اما الثانية فتسعى لإنتاج جيل ثانٍ من الاستبداد والتفرد في الحكم بعد ان هرم الجيل الاول وبات من الصعب عليه الاستمرار في ظل التحولات الراهنة. اما عن التباعد في الرؤى بين المعارضة والسلطة فقد قال فراد ان هذا هو المنطق فلا يمكن للمعارضة ان تتبنى اطروحات السلطة والعكس صحيح أيضا، وعما اذا كان خيار المعارضة خاصة المنضوية تحت تنسيقية الانتقال الديمقراطي وهيئة التشاور والمتابعة بالقيام في الفترة القادمة بمظاهرات في الأعياد الدينية على غرار الـ 5 من جويلية والـ 11 من أكتوبر خيارا يمكن ان يضيف لنضالها شيئا، فقد قال فراد ان مثل هذه التحركات تبقى دائما شكلية وغير مؤثرة جدا خاصة في ظل التضييق الذي تمارسه السلطة على تجمعات وتظاهرات الأحزاب الغير موالية لها. 

 

علي بلحاج: أجندة المعارضة مبنية على مشروع وطني

 

قال الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ المحلة الشيخ علي بن حاج ان اجندة كل من المعارضة والسلطة متضادتان ولا يحملان أي نقطة التقاء يمكن التوافق حولها، وذلك بالنظر إلى تحركات كل منها، مؤكدا في نفس الوقت ان المعارضة هي من ستنتصر في الاخير باعتبارها تحمل مشروعا ديمقراطيا وطنيا يشمل الجميع دون اقصاء.

واعتبر بن حاج التحركات الأخيرة للسلطة واحزابها دليلا على استشعار الخطر بعد ادراكهم قوة تكتل المعارضة التي استطاعت ان تجمع كل الحساسيات والأيدولوجيات تحت لواء معارضة النظام الحالي الذي يسير بالبلاد إلى الهاوية على حد قوله، مؤكدا ان هذا الخطر جعل السلطة تزيد من ضغطها على المعارضة بالتضييق والتخوين وما إلى ذلك من الأساليب الدكتاتورية المعهودة من طرفها، وأبدى بن حاج تخوفه من حالة الاحتقان التي باتت تطغى على المشهد السياسي حاليا، مشيرا إلى ان مثل هذه الحالة من شأنها ان تؤدي إلى انزلاق خطير يصعب التحكم فيه خاصة وان الظروف المحيطة بالبلاد ستساعد على تأجيج الوضع واشتعاله، داعيا ما وصفهم بالعقلاء إلى التدخل وفرض منطق الحوار وتغليبه على المصالح الآنية لزمرة من الناس تريد ان تحكم البلاد ولو على أشلاء الجزائريين في إشارة منه إلى أحزاب الموالاة التي أعلنت مؤخرا عن تشكيل قطب رئاسي يعمل على دعم الرئيس بوتفليقة ويدافع عنه، وشدد الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ المحلة على ضرورة تحلي الجميع بروح المسؤولية خوفا من انزلاق البلاد إلى ما لا يحمد عقباه على حد تعبيره، كما ابدى نفس المتحدث خشيته من تحول الصراع السياسي بن المعارضة والسلطة إلى صراع وجود ينتهي بإقصاء طرف إلى آخر من الحياة السياسية نهائيا، وتحول البلاد بعدها إلى فترة انتقامية بدل فترة انتقالية، واصفا الوضع الحالي بحالة استقطاب حادة تستدعي التوقف، محملا الاعلام جزءا كبيرا منها باعتباره يعمل على تسخين الأمور اكثر مما تستدعي بحسبه. من جهة أخرى هاجم بن حاج أحزاب المولاة معتبرا إياها مغامرة ومقامرة بمستقبل البلاد في ظل عدم تعاطيها مع متطلبات المرحلة ومطالب المعارضة التي أصبحت تصنفها عدوة لها رغم ان المنطق واللعبة الديمقراطية تفرض على السلطة والمولاة معا احترام المعارضة باعتبارها مكملة لها. 

خولة. ب/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن