الوطن

التكتلات السياسية ..مخطط لكسر الآخر أم ضرورة سياسية

توسع دائرة التكتلات في الجزائر منذ اعتلاء بوتفليقة سدّة الحكم

 

لطالما ارتبطت التكتلات السياسية في الجزائر بوضعية سياسية ما منذ اعتلاء الرئيس بوتفليقة سدة الحكم، حيث جعلت منها أحزاب ملجأ لدعم برنامجها، في وقت رأى المعارضون أنها فرصة للتوحد بعد أن أدركت أن العمل المشتت لن يجدي وأن الحل يكمن في الوحدة لفرض الرأي وإرغام السلطة على تحقيق انتقال ديمقراطي. 

كان أول تكتل سياسي عرفته الجزائر بعد رئاسيات 2005 والمتمثل في التحالف الرئاسي الذي تشكل من الأفلانوالأرندي وحمس، وكان برنامج رئيس الجمهورية الهدف الذي التفت حوله لتمثل أحزاب السلطة أوعلى الأقل موالية لها من جهة، وحماية المشروع الديمقراطي في الجزائر ومسار تحوله من جهة أخرى، فكانت مبادرة خرجت من رحمأحزاب استوعبت الدرس القاسي الذي تلقته الجزائر خلال عشرية كاملة من الدم والمأساة،إلا أنه سرعان ما بدأ يعيشموتا بطيئا، منذ انسحاب حركة مجتمع السلم منه، وكتب شهادة وفاته بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وخروج الأمناء العامّين لهذه الأحزاب منهفتحولت حمسنحو المعارضة. 

أحزاب المعارضة لم تترك الساحة الخالية وشرعت في التحرك سنة 2012،بالإعلانعن مولود جديد سنة 2013 أطلقت عليه " تكتل الجزائر الخضراء" الذي يضم ثلاثة أحزاب ذات مرجعية إسلامية وهي حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني ودخلتالأطراف الثلاثةفي التشريعيات الماضيةبقوائم وبرامج "موحدة" حيث كانت صوت المعارضة في البرلمان وارتكزتدعوتها إلى انتهاج تعميق الإصلاحات السياسية في جميع الميادين، وكذا استكمال مسار المصالحة الوطنية ووضع الآليات الكفيلة بتجسيدها، وذلك عن طريق إتباع ثلاث معالم جديدة، وهي الخروج من الحزبية إلى التيار الإسلامي وكذا الخروج من الشرعية التاريخية إلى تطبيق مختلف الانجازات التنموية في البلاد، إضافة إلى الخروج من المجال السياسي إلى المواطنة في إطار تطبيق مبدأ التساوي في الحقوق والواجبات. 

بالمقابل كان مرض الرئيس وإعلان ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة سببا قويا في ميلاد تكتلات معارضةبدا من التكتل السياسي الذي أطلق عليه تكتل حماية الذاكرة والسيادة الوطنية الذي شمل أكبر تجمع للتشكيلات السياسية، إلا أن هذا الأخير لم يدم بسبب حساسيات داخل التشكيلات السياسية ليظهر تكتل سياسي أكبرجمع أحزاب المعارضة لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة والتف المعارضون بين إسلاميين وعلمانيين حول طاولة واحدة خلال أرضية مزفران. 

ورغم أن دعوة أويحيى لتشكيل تحالف بشبه التحالف الرئاسي في شكله تلته قراءات سياسية مختلفة، إلا أن المتابع للشأن السياسي يؤكد أن هذا التحالف بقدر ماله علاقة بالمرحلة المقبلة بقدر ما جاء لكسر جناح المعارضة، التي ارتفع صوتها مؤخرا في الساحة السياسية مقابل تراجع نشاط أحزاب المولاةالتي اختزلت في الخرجات الغريبة للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، مقابل تراجع نشاط الأرندي، مما جعل السلطة تبحث عن جرعةإضافية لخلق حركة سياسية من جهة والتحضير لمرحلة مقبلة ستكشف الأيام عن تفاصيلها. 

وقد سألت"الرائد"، محللين سياسيين حول واقع التكتلات الحزبية اليوم وتداعياتها على المشهد السياسي الحالي وأجندة السلطة وخصومها. 

 


إسماعيل معراف لـ"الرائد":ميلاد قطب موحد للموالاة لن يضيف شيئاللساحة السياسية !

أكد المحلل السياسي إسماعيل معراف ان استحداث قطب سياسي جديد يتشكل من أحزاب المولاة، يعمل على دعم الرئيس والدفاع عنه كما قال المنادون به، لن يقدم شيئا إلى الساحة السياسية باعتبار ان الأحزاب التي تتشكل منه وهي الافلان والارندي وتاج والجبهة الشعبية، تعمل على ذلك فعلا وليست بحاجة إلى تكتل لتقوم بالمهمة التي وجدت من اجلها أصلا. 

واعتبر معراف تقديم هذه المبادرة من طرف رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام بالنيابة للأرندي احمد اويحيى، جاءت من اجل إعطاء زخم اعلامي وسياسي للرجل بعد عودته إلى حزبه فقط، وخير دليل على ذلك هو اراء حلفائه الذين دعاهم إلى هذا القطب حيث قال الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني ان حزبه موجود في التحالف منذ مدة من اجل الدفاع عن الرئيس ومساندته، كما عبر من قبله رئيس الجبهة الشعبية عمار بن يونس عن ان بوتفليقة ليس بحاجة إلى من يدافع عنه وان تشكيل تحالف لدعمه ليس ضروريا، وعلى النقيض من ذلك سارع عمار غول إلى الاستجابة إلى طلب اويحيى، كما رأى معراف ان اويحيى اعلن عن هذا القطب من اجل التأثير على المعارضة التي أصبحت تخيف السلطة بعد ان استطاعت ان تتكتل في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، ليؤكد ان السلطة مازالت قوية ولا تزال تتحكم في خيوط اللعبة. اما عن دلالات الإعلان عن هذا القطب او التكتل، فقد قال المحلل السياسي انه من الأكيد ان ارتباكا كبيرا قد حصل داخل النظام خاصة بعد فشل كل محاولات السلطة في تكسير المعارضة وتكتلها الكبير الذي يضم جل المعارضة السياسية في البلاد، ومن اجل ذلك استدعي احمد اويحيى من اجل العمل على ما فشل فيه بن صالح وعمارة بن يونس وعمار غول وحتى لويزة حنون، التي بدت في بعض الأحيان وكأنها تمثل السلطة وليست المعارضة كما تصنف نفسها، كما أضاف معراف بأن الأيام القادمة من شأنها ان تكشف الكثير عن هذا القطب الذي قال عنه انه مجرد مشروع اعلامي هدفه الاول هو التأثير على معنويات المعارضة وتحركاتها. 

 

عبد العالي رزاقي لـ"الرائد": أويحيى طرح تحالف القطب الرئاسي من أجل إثبات ولائه للرئيس!

 

قلل المحلل السياسي عبد العالي رزاقي من أهمية التحالف الذي كان قد أطلقه وزير الدولة مدير ديوان رئيس الجمهورية، والأمين العام لتجمع الوطني الديمقراطي بنيابة احمد اويحيى، معتبرا إياه تقديما لفروض الولاء والطاعة منه للرئيس بوتفليقة الذي يكون هو من اعطى الإشارة بعودته إلى الأمانة العامة للارندي. 

وقال رزاقي ان التحالف الذي دعا اليه اويحيى، لا يعبر عن وجهة نظر السلطة، بدليل ان أحزاب المولاة التي لا تتحرك الا بإمرتها لم تسرع للقبول بهذا التكتل، وأضاف رزاقي بأن الأمين العام الجديد القديم أراد ان يرد جميل الرئيس ويؤكد له بأنه رهن اشارته لا أكثر ولا اقل. اما عن اعتبار البعض عودة أويحيى إلى الأرندي واطلاقه التحالف الرئاسي في نفس اليوم تحضيرا للمرحلة القادمة او مرحلة ما بعد الرئيس بوتفليقة، فقد قال نفس المتحدث ان ذلك مستبعد بدليل تأكيدات أويحيى نفسه الذي قال بأن التحالف الرئاسي أساسا مبني على دعم بوتفليقة والدفاع عنه حتى يكمل عهدته التي ستنتهي في 2019. كما أشار رزاقي إلى ان هذا التحالف لا يمكن له ان يتبلور في ظل وجود شخصيتين مثل سعداني وأويحيى، لانهما سيتنافسان على قيادة هذا التحالف وهو ما سيضعفه ويجعله تحالف صراعات وليس تحالفا قويا يعول عليه النظام في القادم. من جهة أخرى وعن دلالات توقيت اطلاق هذا التحالف من طرف احمد اويحيى، قال رزاقي ان الوقت قد يكون له صلة بتحركات المعارضة الأخيرة التي باتت تزعج السلطة فعلا خاصة وان مطالبها تعدت المتوقع بالنسبة للنظام، إضافة إلى ان الساحة السياسية حاليا باتت تشهد تكتلات وتحالفات جديدة تستدعي ان يعزز النظام تحالفاته من اجل ضمان بقائه في الفترة القادمة وتفكيره بروية في ترتيب الأمور في المرحلة المقبلة، التي قال رزاقي ان احتمالات كبيرةومفاجآت كثيرة قد تحملها، باعتبار ان الغموض الذي يكتنفها يجعل التوقع والتحليل فيها صعبا للغاية. 

 

عبد العزيز رحابي لـ "الرائد":الموالاةانتبهت أن صوتها غير موجود وهي تحاول ترتيب بيتها!

 

أكد وزير الاتصال الأسبق وعضو تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي بشأن دعوة أويحيى لإنشاء قطب سياسي لدعم برنامج الرئيس أن أحزاب الموالاة تهدف من خلال هذه الخطوة إلى إعادة إسماع صوتها المفقود في الساحة السياسية، إلا أنه أكد أن أحزاب الموالاة لا تزال تعاني من التذبذبات في التصريحات.

فسر عبد العزيز رحابي في تصريح لـ "الرائد"، رغبة أحزاب السلطة في إنشاء قطب سياسي لدعم برنامج الرئيس بأن أحزابالسلطة تحاولترتيب بيتها بعد أن انتبهت أن صوتها بات غير موجود مقابل اكتساح المعارضة الممثلة في أحزاب تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي للساحة السياسية، غير أنه أكد أن أحزاب المعارضة لم ولن تتدخل في التسيير الداخلي لأحزاب السلطة وأن ما اقترحه أويحيى شأن داخلي لا يهم التنسيقية لامن قريب ولا من بعيد.

وأعاب رحابي على أحزاب الموالاة غياب التنسيق فيما بينها بسبب حدوث تذبذب في التصريحات وكذا التضارب في تقديم المعلومات كان آخرها ردة فعل الأمين العام لجبهة التحرير الوطني على دعوة الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي الذي اقترح تأسيس قطب سياسي، حيث قال سعداني أن الأفلان سيناقش الفكرة ولكنه يرفض أن يكون في المؤخرة بل يجب أن يكون في القاطرة.

وفي رده على سؤال متعلق بالتعديل الدستوري، قال وزير الاتصال السابق إن "مشروع تعديل الدستور الذي أعلن عنه الرئيس مطلع أفريل الماضي هو خطوة سياسية لإلهاء الرأي العام؛ لأن مشكلة الجزائر ليست في الدستور وإنما في إرساء دولة مؤسسات وليست دولة أشخاص"، وكان رحابي يلمح إلى أن هذا المشروع لن يعرف النور في الفترة الحالية. 

 

 

أمال. ط/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن