الوطن

المؤتمر التأسيسي لطلائع الحريات.. البحث عن أدوار كبرى

حزب بن فليس استجابة لأنصاره ورغبة في تحقيق طموحاته

 

اليوم تبدأ أشغال حزب طلائع الحريات الذي محوره ومؤسسه الرئيس الأستاذ علي بن فليس مرشح الرئاسيات لمرتين واحد أبناء النظام الذي تحول بسبب معاملات رأها ساعتها انها قللت من شأنه وشعر بالاحتقار من رئيسه السيد بوتفليقة الذي اشرف على حملته الانتخابية اول ما جاء في 1999 كما تعاون معه وعمل معه بدء من امين عام للرئاسة بالنيابة  ثم مديرا للديوان ليسلمه بعد ذلك رئاسة الحكومة سنة في 25 اوت 200 ويخرج منها بعد ان طرده بوتفليقة وبشكل مهين في تلك الفترة ويحكي هو انه حين ذهب لتلقي خبر الإقالة  عامله الرئيس بكثير من الاذلال وتركه ينتظر لساعات في صالون الضيافة وكل من دخل بعده استقبل من الرئيس وبتدخل ووساطة من بعض الجنرالات ساعتها.

لم يستسغ بن فليس الطريقة التي تعامل بها معه الرئيس ولا الكلمات التي كان يخاطبه بها وهي ربما التي  غرست في نفسه رغبة تولي الرئاسة وتفسر فيما بعد الطريقة والخطاب الذي شكله مع بوتفليقة وخاصة في انتخابات 2004 التي كانت في مجملها رغبة في تفريغ الكبت وربما أيضا الانتقام من الرئيس الذي عامله بطريقة قاسية رغم ان الرئيس ومقربيه يقولون عكس ذلك وانه خلال الفترة الأولى كان يقدمه للبعض بانه الأخ الذي لم تلده امه وفاوض بن فليس الأحزاب والشخصيات في 1999 وعمل على اقناع الجميع بضرورة تولي بوتفليقة الرئاسة لينقلب بعدها ب 360 درجة ويصبح الان من الشخصيات الأكثر جرأة وانتقادا للأوضاع العامة محاولا الاستفادة من اخطائه في الفترة الأولى حريصا على الاستثمار في أخطاء بوتفليقة وحكوماته المتعاقبة وحلفائه سواء من قيادات الأحزاب او حتى من العسكريين كما فعل مؤخرا مع رسالة القايد صالح الموجهة لعمار سعداني.

حزب طلائع الحريات ورغم ما حدث حوله من ديناميكية شعبية في الولايات وفي المؤتمرات الولائية والجهوية التي عقدت الا انه يبقى حزب مرتبط بشخصية في السبعينيات من عمرها مما يجعل سنه الافتراضي قليل مع تمنياتنا بالعمر الطويل لمؤسسه ولكنها سنة الحياة ونواميس الكون ثم ان غياب الوضوح الأيديولوجي للحزب بحكم تنوع الشخصيات التي تحيط ببن فليس تكرس الاختلاف وليس التنوع وعدم القدرة على الانسجام وان المحور الجامع هو شخص رئيس الحزب مما يصعب المهمة ويقلل من الرهانات على الحزب.

ان توقيت التأسيس نابع من الحرص على إبقاء الالتفاف الشعبي او على الأقل انصار بن فليس ربما لاستحقاقات قادمة حتى لا يكرر خطأ 2004 ساعتها حين ترك أنصاره يواجهون قدرهم دون أي حماية او تدخل فابعد الكثيرون من مناصبهم وتحول أخرون الى اكبر الشايتين لبوتفليقة على غرار الصادق بوقطاية وغيره كثير، ان أرضية التأسيس المرتكزة أساسا على الرغبة في الاستمرار لتحقيق طموحات شخصية تقلل أيضا من فرص نجاح الحزب كما ان التركيبة البشرية في مجملها تعتمد على شخصيات متقاعدة من النظام تولت مناصب قيادية وشعرت بمرارة الاقصاء فهي في الحزب لتحقيق أيضا مكنوناتها في استعمال منبر يعبرون فيه عن رفضهم للسلطة القائمة وهم يعرفون جديا التفريق بين السلطة والنظام كما يدركون أيضا الاختلالات الموجودة بين زمر النظام ومجموعاته ويعتبرون ذلك متنفسه في النقد وعلو خطابه المعارض.

حزب الطلائع الديمقراطي يحاول ان يجمع مختلف التيارات ولكن بن فليس لم يقنع حتى الأحزاب التي جمعها في قطب التغيير والتي ستكون اول المبتعدين عليه وخاصة الأحزاب التي رأت في نفسها القدرة على التحرك والتعبئة الجماهيرية رغم قلة الإمكانيات ولم تستفد من تقربها من بن فليس كثيرا بل بعضها لم يتلقى أي دعم فأصبح من الصعب عليها ان تؤجر مقرا فما بالك ان تتمكن من التحرك الشعبي وما يقتضه من تمويل صعب عليها.

أحزاب قطب التغيير تبدأ مرحلة أخرى في محاولة صياغة قطب جديد بعد ان تحزب المرشح الحر وهي تدرك أيضا ان الدعم الذي طالما زعمه أنصار بن فليس من بعض القوى في النظام أصبح في خبر كان وأنها لم ترى من هذا الدعم الا اسمه.

ربما الفرصة الوحيدة التي يمكن ان تتاح لحزب بن فليس الجديد هو اقبال الجزائر على تغييرات كبرى مفروضة دوليا وربما تفرضها أيضا التوازنات الموجودة داخل النظام في هذه الحالة ستنشط حظوظ بن فليس وقد يشارك بشكل محوري في الانتقال من تركيبة في النظام الى أخرى.

ولعل العامل المهم أيضا في تغييب دور الحزب هو قلة الرهانات السلطوية عليه نتيجة الرفض الواضح م المرادية للحزب وهذا ما فسرته تصرفات الإدارة معه بدء من رفض منحه القاعات الكبرى مرور بالتعطل الواضح في الترخيص بعقد المؤتمر الى غيرها من الممارسات التي تكون بهدف تقليل من اقبال المناضلين المرتبطين بالسلطة ثم ان اطراف النظام الأخرى وخاصة العسكر لم يعد يهمهم كثيرا الحراك الحزبي بعد ما حدث للمؤسسة الأمنية من ضربات من داخل المؤسسة العسكرية ،وقد لا يطول هذا الحال الا ان غياب هذا الرهان أيضا يصعب من مهام الحزب وترتيب أولوياته في قادم الأيام .

بن فليس سينطلق اليوم ومن الهيلتون كدلالة على البحبوحة المالية التي يتمتع بها الحزب وربما سيلقي المكان بظلاله على تصنيف الحزب وقد تعمل دوائر السلطة على الصقاها به منذ البداية ليبقى حزب نخب يصعب عليه التمدد الشعبي والتوسع الجماهيري.


سليمان شنين

من نفس القسم الوطن