الوطن

التقسيم الإداري الجديد قرار سياسي خرق دستور البلاد

بعد دخول القرار حيز التنفيذ

 

  • بن عبو لـ "الرائد": التقسيم الإداري الجديد غير قانوني!
  • النائب حمدادوش: الخطوة كانت تهدف للالتفاف حول مطالب الجبهة الاجتماعية

 

يجمع مختصون في الدستور، على أن خطوة الحكومة الرامية للذهاب نحو تقسيم إداري جديد بصورة مستعجلة، حمل معه خرقا واضحا في دستور البلاد ووثيقته الأولى، على اعتبار أن الدستور يوضح بأن هناك بلدية وولاية ودائرة إدارية بينما لم يشر إلى ما جاء به العدد ما قبل الأخير من الجريدة الرسمية، الذي تحدث عن التقسيم الإداري الذي أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، وقد اعترف ضمنيا رئيس حزب تجمع أمل الجزائر عمار غول خلال مناقشته للندوة حول التنمية المحلية التي نظمتها تشكيلته السياسية قبل أيام بكون الصلاحيات التي ستمنح لمن سيشرفون على تسيير هذه الولايات المنتدبة أو الدوائر سيتعزز بعد تعديل الدستور. هذا وأشارت الخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو في حديث لها مع" الرائد " بوجود خرق واضح للدستور عقب الإعلان عن التقسيم الإداري لولايات الجنوب ورأت المتحدثة بأنه لا يمكن الحديث عن تقسيم إداري دون العودة للنصوص التي يحتويها دستور البلاد وكشفت في سياق متصل عن خرق واضح لنص المادة 15 من الدستور التي تنص على: "الجماعات الإقليمية للدولة هي البلدية والولاية".

أفرجت الحكومة مؤخرا عن قائمة الولايات المنتدبة التي قررت الحكومة استحداثها، وكذا القواعد الخاصة المطبقة على تنظيمها وسيرها والصلاحيات والمهام الموكلة للولاة المنتدبين الذين سيسيرونها. حيث يشرف على تسييرهاولاة منتدبون يعملون تحت سلطة والي الولاية وينسقون معه، ويسهر الوالي المنتدب تحت سلطة والي الولاية على تنفيذ القوانين والتنظيمات المعمول بها، وقرارات الحكومة ومجلس الولاية،وكذا مداولات المجلس الشعبي الولائي على مستوى المقاطعة الإدارية.

ومن مهام وصلاحيات الوالي المنتدب الذي يعمل دائما تحت سلطة والي الولاية أيضا السهر على حفظ النظام العام والأمن العموميين، ويقترح على والي الولاية أي تدبير يراه ضروريا في هذا الصدد، ويسهر على تنفيذه. كما يبادر الوالي المنتدب بأعمال تأهيل المصالح والمؤسسات العمومية على مستوى المقاطعة، وبهذه الصفة يجب على مصالح الدولة أن تكيف توزيع المرافق الضرورية التابعة لها وتزويدها بالوسائل المالية والمادية والبشرية.

ترقية دوائر إلى ولايات منتدبة جاءت نتيجة قرار سياسي أملته الظروف التي تمر بها البلاد في ظل اتساع رقعة الغليان الشعبي لسكان الجنوب، وكانت بمثابة هدية رأت فيها الحكومة الحل لإرضائهم ولعدولهم عن مظاهراتهمالرافضة للغاز الصخري. ومعلوم أن الرئيس بوتفليقة نفسه حذف نهاية 2009من أجندته مشروع التقسيم الإداري الجديد، على الرغم من جاهزية الدراسة المعدة آنذاك والتي اقترحت تخصيص غلاف مالي قدره 6 آلاف مليار سنتيم، لتغطية تكاليف بناء المقرات التي تضم المصالح المختلفة التي تشكل المقاطعات الإدارية.

بالمقابل،أعقبالقرارالذي أعلنت عنه الحكومة بلبلة وسط سكان المناطق التي تلقى مواطنوها وعودا انتخابية بتحويلها إلى ولايات، حيث تخوف مراقبون للشأن الاقتصادي للبلاد خاصة من حيث الآثار المالية الباهضة الناتجة عن تنصيب الهياكل الإدارية الجديدة وما يتبعها من مديريات لمختلف القطاعات، خصوصا أن ذلك يتطلب تخصيص أغلفة مالية معتبرة ستضيف أعباء جديدة على ميزانية التسيير والتجهيز، في وقت تسارع الحكومة إلى تقليص النفقات بفعل التقشف.

وبغض النضر عن الجانب الاقتصادي،يتساءل مراقبون عن مدى فعالية الولايات المنتدبة من حيث المهامفرغم أن المرسوم تحدثبالتفصيل عن صلاحيات الوالي المنتدب، إلا أن الواقع في الجزائر يثبت دائما العكس فتداخل الصلاحياتبات سمة ملتصقة بالإدارة الجزائريةبدءا من الوزير وتداخل صلاحيته مع الوالي، إلى تداخل القطاعات الوزارية خاصة وأن المرسوم التنفيذي يخضع سلطة الولاة المنتدبين تحت رقابة الوالي في كل التفاصيل. بالمقابل يبدوا أن هذا القرار قد يصدم مع واقع أكثر غرابة إذ نجد أن ولايات في الشمال لاتزال تعاني حالة شغور في منصب الوالي، فكيف سيكون الحال مع الولاة المنتدبين الذين قد يبدو أمر تعيينهم بعيد المدى؟

 

بن عبو لـ "الرائد": التقسيم الإداري الجديد غير قانوني!

قالت الخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو أن المادة 15 من الدستور تنسف القرار الأخير المنشور في الجريدة الرسمية المعني بإنشاء ولايات منتدبة في 10 ولايات بالجنوب الكبير، مؤكدة ان الولاية المنتدبة او الدائرة المنتدبة لم يتم ذكر كيفية انشائها او حتى صلاحياتها فكيف يمكن خلقها دون الرجوع إلى الدستور.

وأكدت بن عبو ان خلق مثل هذه الولايات او الدوائر المنتدبة مساس بالدستور واعتداء صارخ على اهم وثيقة تنظم شؤون الجزائريين وتحدد ما لهم وما عليهم، وأضافت الفقيهة الدستورية في اتصال هاتفي مع "الرائد" ان إنشاء مثل هذه الولايات والدوائر المنتدبة كان يقتضي من الرئيس إجراء تعديل دستوري، يضيف فيه هذا المصطلح للمادة 15 التي تنص على وجود ولايات وبلديات فقط، كما اعتبرت خلق مثل هذه الولايات هروبا إلى الامام وسعيا لاختصار للوقت من طرف السلطة التي رأت بحسب بن عبو ان انتظار تعديل الدستور من اجل خلقها في القانون سيأخذ وقتا طويلا كما رات أيضا ان الامر قد يكلفها الكثير باعتبار ان خلق ولايات جديدة وكاملة الصلاحيات سيقتضي إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية وهو ما ينجم عنه فيما بعد إعادة الانتخابات البلدية والتشريعية لان البلديات لا يمكن ان يكون رؤساؤها الا منتخبون بحسب القانون والدستور دائما، ويقتضي كل هذا بالضرورة حل البرلمان وحل كل المجالس البلدية على مستوى الوطن، من اجل إعادة الانتخابات كليا، كل هذا لم تكن ترغب فيه السلطة لذلك على حد قول بن عبو لجأت السلطة إلى خرق الدستور وخلق ولايات ودوائر منتدبة دون ان تقوم بكل تلك الخطوات التي كانت ستأخذ على الأقل سنة او اكثر وهو مالم تكن ترغب فيه السلطة التي هي أصلا بحاجة إلى الوقت من اجل تهدئة الأوضاع في الجنوب الكبير.

 

النائب حمدادوش: الخطوة كانت تهدف للالتفاف حول مطالب الجبهة الاجتماعية

رأى القيادي بحركة حمس والمتحدث باسم التكتل الأخضر بالبرلمان، ان التقسيم الإداري الجديد الصادر في الجريدة الرسمية في آخر عدد لها غير دستوري بالمرة، ويعكس مدى عدم احترام الدستور والقانون من طرف السلطة، التي لا يهمها التعدي على دستور الدولة بالقدر الذي يهمها كيفية ترقيع المشاكل التي تصادفها.

وقال حمدادوش ان الولايات المنتدبة او حتى الدوائر المنتدبة لا وجود لها في الدستور ولا في القانون، ولا نعلم على ماذا اعتمد الرئيس في اصدار هذا التقسيم الإداري الذي يعتبر خرقا واضحا لدستور الدولة، وأضاف حمدادوش في اتصال هاتفي مع "الرائد" ان الغرض الأساسي من وراء اعلان هذا التعديل ليس كما تدعي الحكومة بتقريب الإدارة من المواطن او خلق تنمية مستدامة، لان تقريب الإدارة بحسب حمدادوش لا يحتاج لخلق ولايات او دوائر منتدبة، باعتبار ان العصر الذي نعيشه يعتمد على التكنولوجيا الرقمية التي لا يحتاج فيها المواطن أصلا للإدارة، اما التنمية فتحتاج فقط إلى قرار سياسي حقيقي من اجل تفعيلها على الأرض، كما اكد القيادي بحركة مجتمع السلم على ان هذا التعديل يحمل في طياته الكثير من علامات الاستفهام، خاصة اذا راينا مناطق تم تقسيمها إداريا على أساس مذهبي مثل ما حدث في ولاية غرداية، والتي تم فيها الفصل بين الإباضين والمالكين لكل منه دائرته الإدارية، وهذا خطير ويهدد الوحدة الوطنية، اما عن الغرض الحقيقي الذي يراه حمدادوش من هذا التقسيم والذي خص ولايات الجنوب فقط فقد قال المتحدث، ان الغرض واضح وهو الالتفاف على مطالب ولايات الجنوب التي ترفض استغلال الغاز الصخري، وتطالب بالتنمية والعدالة الاجتماعية والكف عن تهميشها.

أمال. ط/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن