الوطن

الجيش يتعاطى مع السياسيين

بعد لقائه بزعيمة حزب العمال ومراسلته لأمين عام الأفلان

 

  • توسع دائرة المطالبين بالفصل بين منصب قائد الأركان ونائب وزير الدفاع!

 

في خطوة غير مسبوقة في تاريخ المؤسسة العسكرية، راسل الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي، في برقية تهنئة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، عقب انتخابه كأمين عام للحزب في ختام أشغال المؤتمر العاشر التي جرت أشغاله خلال الفترة الممتدة بين 28 إلى 30 ماي المنقضي، الرسالة التي تناولتها يومية لوسواردالجيري في عددها لنهار أمس، حملت خطابا" وديا " بين قائد الأركان وأمين عام حزب سياسي حيث خاطب هذا الأخير بـ"الأخ"، لافتا إلى ما حققه سعداني من" إجماع " خلال المؤتمر العاشر للأفلان، مثمنا هذا النجاح في المهمة التي وصفة بـ" الصعبة "، وحرص قائد الأركان في رسالته التي يبدو أن محيط الأمين العام للحزب العتيد عمد إلى تسريبها بعد أسبوع من تلقي سعداني لها إلى الإشارة للمكانة السياسية للحزب في الجزائر حيث اعتبره القوة السياسية الأولى دون شكّ، كما أكد على كونه عنصر من عناصر التوازنات في الساحة السياسية على اعتباره يحمل هاجس خدمة المصلحة العليا للوطن.

وفي قراءة لما حملته الرسالة يكون قائد الأركان قد وقع في تسييس المنصب الذي يشغله كقائد للأركان، فإن كان منصبه كنائب لوزير الدفاع يسمح له بممارسة السياسة فإن المنصب الثاني كقائد الأركان في نظر مراقبين ومحللين، يفرض عليه واجب التحفظ والوقوف بنفس المسافة مع الأحزاب السياسية الأخرى.

وقد سبق أن تحدث بعض الساسة في مصاف رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش وغيره عن هذا الأمر وكانت تردّ عليهم افتتاحية مجلة الجيش التي هي لسان حال الجيش الوطني الشعبي وتؤكد على ضرورة حيادية الجيش وتطالب القوى السياسية وتحذر المطالبين بالجيش للتدخل في العملية السياسية خاصة في الاستحقاقات الكبرى للبلاد بضرورة عدم تسييس الجيش والتحفظ، ولكن ما حدث في رسالة قائد الأركان للأمين العام للحزب العتيد بعد تلك التي قام بها قبل أشهر حين استقبل زعيمة حزب العمال يكون قائد الأركان في نظر المراقبينقد جمع بين منصبه العسكري وبين منصب سياسي يفترض أن يبقى بعيدا عنه، وهي الانتقادات التي سبق وأن وجهتها قوى سياسية متعددة لقائد الأركان عقب استقباله للأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، وتساءلت حينها هذه التشكيلات السياسية عن أسباب وتداعيات اللقاء ولماذا يستقبل الفريق أحمد قايد صالح لويزة حنون دون غيرها من القوى السياسية الأخرى الحزبية الفاعلة في المشهد السياسي العام.

وبالرجوع لعبارات الرسالة التي نشرت يومية لوسواردالجيري أجزاء منها، نجد بأنها تشير إلى الكثير من التساؤلات والقلق خاصة وأن عمار سعداني الذي تلقى رسالة التهنئة وعمد على تسريبها، يعرف بأن له علاقات متوترة مع من يفترض أنه يشرف عليهم الفريق أحمد قايد صالح باعتباره قائد الأركان ونائب وزير الدفاع الوطني، وقد سبق وأن أشارت تقارير إعلامية إلى أن سعداني يحظى بدعم أطراف من السلطة ورسالة القايد تحمل في طياتها معنى الدعم والقبول بمسار الرجل وخياراته وهو دليل على تحمل ما جاء منه خاصة وأن الرسالة التي ختمها يقول: "أدعو الله أن يعينك ويعين أبناء الجزائر الشجعان ليتسنى لك مواصلة المهمة النبيلة الملقاة على عاتقك والحفاظ على شعلة حب الوطن وروح التضحية التي يجب أن تظل راسخة إلى الأبد في الأذهان "، توضح بشكل قاطع دعمه لسعداني.

هذا وسبق وأن أثارت الكثير من قيادات الجيش خاصة المتقاعدين إشكالية الجمع بين منصب قائد الأركان والمنصب السياسي المتمثل في نائب وزير الدفاع ضمن الدستور الجزائري وطالبوا بالفصل بين المنصب السياسي الذي يتعارض مع عقيدة الجيش فهل ستكون الرسالة خطوة لإنهاء مرحلة الجمع بين المنصبين؟ وأن الدستور المقبل للبلاد سيصب في هذا الاتجاه؟

 

حمس: موقف قائد الأركان لا يخدم المؤسسة العسكرية

رأت حركة مجتمع السلم، على لسان رئيسها عبد الرزاق مقري بأن رسالة قائد الأركان وتسريبها للعلن دليل على أن الوضع السياسي في الجزائر يكون قد بلغ أوجه، واعتبرت الحركة بأن تهنئة قائد الأركان لقيادة حزب جبهة التحرير الوطني هو تفضيل المؤسسة العسكرية لطرف على حساب أطراف أخرى، ورأت في الخطوة التي وصفتها بـ" الغير مسبوقة " إنذار " بخطر حقيقي تعيشه مؤسسات الدولة.

وأوضح عبد الرزاق مقري في سياق متصل، بأنه " لم يسبق للمؤسسة العسكرية أن تدخلت بشكل علني في الشأن الحزبي ويعتبر هذا الموقف الذي أخْرج للعلن ما كان يُحاك في السر لترتيب المشهد السياسي بواسطة الدعم غير العلني لحزبي السلطة جرأة كبيرة وتحديا واضحا لضمائر الجزائريين ومشاعرهم وهو تصرف يظهر بأن أوضاعنا تسوء أكثر فأكثر وهو أمر مخيف جدا بخصوص مستقبل الديمقراطية". وأشار في سياق متصل بأن " الترتيبات الأخيرة التي خضعت لها جبهة التحرير كجهاز يراد التحكم فيه تحكما مطلقا من طرف جناح من أجنحة السلطة"، ورأى المتحدث بأن الموقف المساند لقائد الأركان خطوة تدخل ضمن مخطط يعد لمرحلة مقبلة يراد فيها الإجهاز على الشيء القليل الذي بقي من مكتسبات الديمقراطية.

ورأى عبد الرزاق مقري بأن اختصار قائد الأركان لحزب جبهة التحرير هو محاولة حصر القيم الوطنية النوفمبرية في هذا الحزب دون غيره من الأحزاب وهو ما يجعلنا _ يضيف المتحدث –ندعو لفتح نقاش حقيقي بين الجزائريين حول احتكار عبارة جبهة التحرير الذي لا يقل خطورة عن احتكار الدين وباقي عناصر الهوية الوطنية.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن