الوطن

تنامي التشكيك في رسائل وقرارات بوتفليقة

تحولت لأهم وسيلة تواصل بين الرئيس وشعبه

 

تنامى في الآونة الأخيرة خطاب التشكيك في الرسائل والقرارات التي تصدر عن القاضي الأول للبلاد عبد العزيز بوتفليقة، حيث تتهم بعض الأطراف وخاصة المحسوبة على المعارضة وبدرجة أقل أطراف محسوبة على أحد طرفي النظام أطرافا غير واضحة المعالم بكونها من تصدر أو تعيد صياغة الرسائل التي يبعث بها الرئيس للأمة في الفترة الماضية، وبدرجة كبيرة منذ إعادة انتخابه كرئيس للبلاد لعهدة رابعة في رئاسيات أفريل 2014، وتبني هذه القوى استنتاجاتها على وجود أطراف ترغب أو تهدف من وراء ذلك لتحقيق مصالح الجماعة على مصلحة الوطن. ويرى متابعون للشأن السياسي عندنا بأن الأخطاء التي جاءت بها الرسائل الأخيرة أو على الأقل بعد تلك التي صدرت في 19 مارس الفارط لا يمكنها أن تكون تحت أي شكل من الأشكال رسالة من رئيس جمهورية لشعبه، خاصة وأن المعارضة التي وجهت لها انتقادات لاذعة في تلك الرسالة رأى الكثيرون بأنها لا يمكن أن تصدر عن بوتفليقة الذي لا يكشف عن أوراقه أمام خصومه أو معارضيه مهما بلغت شدّة الخلاف بينه وبينهم. ثم إن الكثير من الأطراف ترى بأن خطاب التخوين الذي حملته الرسالة تلك التي نسبت للرئيس ليست الأسلوب الذي اعتادت القوى السياسية على سماعه منه.

وعلى الطرف الآخر يعتقد الكثيرون بأن خطاب التشكيك تحول في الفترة الأخيرة أحد أهم مظاهر الحياة السياسية في الجزائر، وذلك لتداعيات عديدة أهمها أن المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي العام هو الذي أصبح يتحكم في نفسيات البعض، ولكن اللافت للانتباه هو أن خطاب التشكيك الآن والذي كان مادّة دسمة في خطابات أحزاب وقادّة تيار المعارضة السياسية في الجزائر تحول اليوم إلى مادّة دسمة لحلفاء الرئيس، وقد عجل أطراف ممن ساندوه ودعموه في العهدات الرئاسية الفارطة إلى أول المنتقدين والمشككين في محتوى ما يصدر عنه من قرارات ورسائل، ولعل ما حدث في مؤتمر الأفلان العاشر وانقلاب جماعة التقويمية والقادة التاريخيين في حزب جبهة التحرير الوطني على ما حوته رسالة الرئيس للمؤتمرين ولقيادة الحزب التي أشرفت على التحضير لأشغال المؤتمر طرح أكثر من تساؤل حول توقيت التشكيك في خطاب الرئيس ورسائله، وربما قراراته التي لمح أمين عام الحزب العتيد عمار سعداني بكون الرئيس يكون قد سار لصالح تواجده على رأس الحزب لم تعد حقيقية في نظر حلفاء الرئيس قبل خصومه الذين شككوا فيها قبل أشهر عديدة، ولم يكن لتشكيكهم محل من الإعراب اليوم بعد أن انضم لصفّ المشككين أطراف تاريخية وأخرى حزبية كانت إلى وقت قريب تدعم الرئيس وتساند خياراته وتدافع عنها. 

القوى السياسية ممن سألتهم"الرائد" حول دلالات خطاب التشكيك واتساع دائرة المشككين في قرارات ورسائل الرئيس برروا ذلك بكونه يرجع لغياب الديمقراطية الحقة في الجزائر بالصورة التي يفترض أن تمارس من قبل القاضي الأول للبلاد، غير أن الأكيد في نظر المتابعين والمراقبين هو أن قرارات الخارج وربما املاءاتهم هي السبب الرئيسي وراء ما يحدث في المشهد السياسي الجزائري عموما وينتظر الكثيرون ما ستحمله زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر في قادم الأيام لتأكيد أو نفي هذه الحقيقة.

 

النهضة: شعور البعض بأن تحضيرات المرحلة القادمة في نهايتها دفعهم للخروج عن صمتهم

قال القيادي بحركة النهضة محمد حديبي ان تشكيك بعض الأطراف في رسالة الرئيس الأخيرة التي بعث بها إلى المؤتمر العاشر للافلان، يؤكد وجهة نظرة حزبه وكل الأحزاب المنضوية تحت تنسيقية الانتقال الديمقراطي، معتبرا خطابا كهذا مؤشرا واضحا على ان المرحلة التحضيرية لما بعد الرئيس بوتفليقة شارفت على نهايتها، وهو ما جعل مثل هذه التصريحات تخرج في هذا الوقت بالذات خاصة وأنها خرجت من حزب قريب من النظام رغم ادعائه المعارضة.

واعتبر حديبي التشكيك في رسالة الرئيس من طرف اشخاص او أحزاب محسوبة على الرئيس نفسه دليل واضح على ان النظام يحاول إعادة تجديد نفسه والانتقال إلى مرحلة جديدة. وأضاف المتحدث انه لطالما كان يشكك في مثل هاته الرسائل التي تأتي دائما في أوقات معينة سواء في المناسبات على غرار رسالة الافلان او لأبداء راي او تهدئة جبهة ما على غرار ازمة عين صالح والغاز الصخري، مؤكدا في ذات السياق ان من يشكك اليوم في رسائل الرئيس هو من كان يشهد له بالصحة والعقل والقدرة على تتبع كل التفاصيل، فماذا تغير، وهل كانت شهادتهم تلك زورا وبهتانا ام انها كانت مدفوعة الثمن؟ لا أحد يعرف، كماأكد حديبي ان التصريحات التي تخرج من طرف بعض الأحزاب المحسوبة على السلطة بشكل او بآخر، مجرد ذر للرماد في الاعين ولا تعبر الا عن أصحابها، والذين هم مجرد ورقة يحركها النظام كما يشاء.

 

حمس: تغير خطاب البعض من المحسوبين على السلطة دليل على تغيير قادم داخل النظام

أكد القيادي بحركة مجتمع السلم فاروق طيفور ان تغير نبرة بعض الأشخاص والأحزاب المحسوبة على السلطة خاصة فيما يخص التشكيك في رسائل الرئيس دليل على ان تغيرا مؤكدا سيحصل داخل النظام خلال المرحلة القادمة.

وقال طيفور ان تغير خطاب من مثل هاته الشخصيات والأحزاب وتبنيها لمقاربة المعارضة وتنسيقية الانتقال الديمقراطي دليل على صحة وجهة نظرنا من الاول، خاصة وأننا اول من شككنا في مضامين رسائل الرئيس، ولم يستبعد المتحدث أن تكون تصريحات بعض الأطراف التي لم يسمها، اعلانا منها عن بدء الاعداد للمرحلة القادمة بإيعاز من بعض اجنحة النظام التي تسعى إلى الخروج من المرحلة الحالية بأقل الاضرار الممكنة. كما شدد طيفور على ان تعي كل الأطراف السياسية بأن مقاربة المعارضة المنضوية تحت تنسيقية الانتقال الديمقراطي هي الحل والطريق الذي من شأنه ان يخرج البلاد من أزمتها السياسية والاقتصادية، داعيا الكل إلى الالتفاف حولها وعدم إعطاء السلطة قبلة الحياة من اجل إعادة تجديد نفسها بسلة استبدادية أخرى، قد تدفع بالبلاد إلى الهاوية.

 

الجبهة الوطنية الجزائرية: تغير خطاب البعض دليل على أن المرحلة الانتقالية باتت قريبة

أكد رئيس حزب الجبهة الوطنية الجزائرية جمال بن عبد السلام، ان تغير خطاب بعض الأحزاب من التأكيد والتأييد إلى التشكيك والتساؤل، دليل على ان المرحلة الانتقالية باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى.

واعتبر بن عبد سلام السؤال الجدير بطرح هو: هل المرحلة المقبلة يمكن ان تفرز نظاما ديمقراطيا حقيقيا يجمع كل الجزائريين على بناء دولة قوية، او ان السلة ستعمل على إعادة تجديد نفسها فقط وتغير بعض الوجوه دون تغيير السياسة الحالية التي لم تقدم الكثير للجزائريين منذ عقود؟؟ وقال بن عبد السلام ان التغير في الخطاب لم تشهده بعض الأحزاب فقط او بعض الشخصيات، وانما حتى السلطة غيرت من خطابها، فبعد ان كانت تطمئن الشعب عن مستقبله الاقتصادي ها هي تغير خطابها وتدعو إلى التقشف ودق ناقوس الخطر، كما انها أصرت على تمرير الدستور ثم عدلت عنه، وربما تعدل عن أشياء أخرى وتغير خطابها اتجاه المعارضة في المرحلة القادمة ما يجع التوصل إلى اجماع غير مستبعد.

 

المحلل السياسي عبد العالي رزاقي: وصولنا لمرحلة التشكيك أمر خطير!

ابدى المحلل السياسي عبد العالي رزاقي استغرابه من تصريحات الامينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، بعد تشكيكها في رسالة الرئيس المرسلة بمناسبة عقد المؤتمر العاشر للافلان، قائلا ان التشكيك في الرسالة يعد امرا خطيرا وتترتب عنه أمورا عديدة أهمها ان الرئيس لا يعلم ما يدور حوله وانه ليس من يحكم، وهذا يتناقض مع تصريحات سابقة لحنون اكدت فيها ان الرئيس بصحة جيدة وقادر على تسيير شؤون البلاد.

واكد رزاقي انه لا أحد يملك القدرة على التشكيك فيما يرد من طرف رئاسة الجمهورية، لان التشكيك في ذلك او عدم التصديق بأن هذه الرسائل التي يخاطب بها الرئيس الشعب منذ ان تعرض إلى الوعكة الصحية قبل ترشحه للعهدة الرابعة وبعدها، يعنى ان الرئيس لا يحكم وان هناك من يحكم باسمه وهذا امر خطير لا يجب ان يسكت عنه. كما أكد المتحدث على ضرورة تحري الحقيقة قبل الخوض في أي امر او ابداء تصريح خطير كهذا، رغم ان الكثير ممن يتكلم بهذا، خاصة من جانب المعارضة وهذا مفهوم لأنها المعارضة ومن الطبيعي ان تكون غير راضية عن الرئيس، اما ان يتحدث حزب محسوب على الموالاة على الأقل في المرحلة الماضية، فهذا يستدعي التوقف والتفكير في سبب اطلاق مثل هذه التصريحات وفي هذا الوقت بذات الذي كثر فيه الكلام عن تحضيرات لمرحلة ما بعد بوتفليقة وترتيبات ما تجري في اعلى هرم السلطة، خاصة وأن حنون معروفة بقربها من النظام ومطلعة على ما يجري في دواليبه.

خولة. ب/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن