الوطن

مؤسسات حكم توافقية ولا حديث عن جيش ليبي

في انتظار استكمال المسودة المتفق عليها في الجزائر

 

التقى الفرقاء الليبيون مجددا في الجزائر وبرعاية أممية وتواصل الحوار لمدة يومين تقريبا، تعمق النقاش حول المسودة التي تعرضت في جولات الحوار السابقة إلى كثير من التعديل والتحوير ولم تكتمل المسودة هذه المرة بل وعد المبعوث الاممي الدبلوماسي الاسباني السيد برناردينو ليون ان يبعث المسودة بعد الاخذ بعين الاعتبار الملاحظات والتحفظات التي سلمت له ابتداء من غد الاحد.

الحاضرون ومن خلال التصريحات الصحفية أبدوا تفاؤلهم من المشاورات واعتبروا ان الامضاء على مذكرة التفاهم سيكون قريبا جدا رغم الصعوبات المتوقعة في تنزيلها للواقع، فالاتفاق على تشكيل المجلس الرئاسي الذي يضم رئيسا للحكومة ونائبين له يتم اقتراحهم من الكتلتين المؤتمر الوطني والمجلس الوطني، في حين يختار رئيس الحكومة من خمسة أسماء متوافق عليها بين الطرفين وتكون قرارات المجلس الرئاسي بالإجماع ويتكفلون بإنشاء الحكومة. وكما تتفق الأطراف المتحاورة على أن ينتقل المجلس الوطني إلى طرابلس وأن يكون المؤتمر الوطني بمثابة غرفة ثانية وأن توسع صلاحياته على ما هو منصوص في المسودة الأولى. وقد اشترطت الأطراف المسيطرة على الأرض والمدعومة من الكتائب المنتشرة في أكثر من ثلثي مساحة ليبيا على ان القرارات السيادية لا يجوز للحكومة ولا للمجلس الوطني ان ينفرد بها بل وجب ان تمرر عبر المجلس الوطني، كما ناقش الحضور على ضرورة استمرار الميليشيات دون تسميتها وتأجيل تكوين الجيش إلى فترة قادمة، في حين تستمر المؤسسات الأمنية والشرطية بأداء دورها، ولم يستبعد الحاضرون ان تكون كل هذه الملفات محل توافق بين الفرقاء الليبيين.

ويعد موضوع الجيش من القضايا الأكثر تعقيدا في الحوار الليبي الليبي وخاصة بعد التداخل القائم لدول إقليمية ممثلة في مصر والامارات التي تسعى إلى فرض حفتر ومن معه على انهم يمثلون الجيش الليبي، وهو اتجاه لبعض الدول الكبرى، لكن عدم تمكنهم من السيطرة على الأرض قلل من حظوظ ان يتولى هذا الطرف موضوع تشكيل الجيش الليبي.

ويأتي الموضوع الأمني وخاصة تمدد داعش في لبيبا أحد أسباب عدم تحمس الأطراف الدولية الكبرى لموضوع الجيش، وخاصة ان تركيبة داعش من مختلف الدول المحيطة سواء تونس والجزائر والسودان والمغرب،وأن جزءا من شرعيتها تستمدها من كون المتزعمين لفكرة الجيش هم من أنصار النظام السابق، مما يعطي الحجة في الاستمرار في التعبئة وتجنيد الليبيين في هذا التنظيم الإرهابي، الذي عبر المجتمعون في الجزائر عن ادراكهم لخطورة الأوضاع وعن قلقهم إزاء زيادة وتيرة الاعمال الإرهابية الناجمة عن سيطرة داعش على بعض المناطق في ليبيا.

وفي لقاءاتنا مع الحاضرين في الحوار يقر معظمهم بالحياد للدول المستضيفة وخاصة الجزائر وقللوا من لقاءات القبائل التي استضافته القاهرة في الأسابيع الماضية، وخاصة ان هذه اللقاءات لم تكن برعاية الأمم المتحدة وانها اتسمت بخلافات حادة كون معظم الحضور في لقاء القبائل هم من انصار معمر القذافي، وبدأ الخلاف من النشيد الوطني إلى الاحتجاج عن العلم وغيرها من الاحتجاجات، ويرى مستقلون حضروا لقاء الجزائر ان المجتمع الليبي بقدر حضور القبيلة في شقها الاجتماعي الا ان التأثير السياسي بيد الأحزاب اكثر من أي مؤسسات أخرى، وان اللقاءات الأخرى وخاصة في موضوع المجتمع المدني والمنتخبين كلها رافعات للحوار الدائر في الجزائر والصخيرات بالمغرب. 

وفي انتظار المسودة التي سينجزها المبعوث الاممي والتي هي مطالبة بان تتضمن اتفاقا سياسيا شاملا متوازنا وتوافقيا يمكن الشركاء من التعجيل بتشكيل حكومة وفاق وطني، تتولى مسؤوليتها لمواجهة التحديات الكبرى وخاصة في شقها الأمني والإنساني،وخاصة امام اقبال شهر رمضان مما فرض على الجميع التوافق من اجل تبادل الاسرى وتأمين ممرات آمنة لتسهيل العمليات الإنسانية المختلفة التي أصبحت مطلبا جماهيريا واسعا لليبيين.

سليمان شنين

من نفس القسم الوطن