الوطن

الإسلاميون بين منخرط ومتردد ورافض لأجندات السلطة

مع انطلاق مرحلة الترتيب للاستحقاقات السياسية القادمة

 

تتجه أنظار الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي الوطني نحو التحركات الممكنة من طرف السلطة تجاه التيار الإسلامي بشكل واسع، لاستكمال ترتيب البيت الداخلي لها تحضيرا لمرحلة الاستحقاقات الطارئة أو التي خططت لها السلطة وشرعت في تنفيذها في الوقت الحالي، فبعد أن أنهت ترتيب أجهزتها بداية بالأفلان الذي لا يعتبر حزبا سياسيا بقدر ما هو جهاز من أجهزة السلطة والشروع في ترتيب البيت الداخلي للتجمع الوطني الديمقراطي، الأسبوع القادم تشير أنباء مستقاة من محيط لجان المساندة للرئيس في كل المواعيد السياسية الكبرى بأن الضوء الأخضر لبداية حراك هذه اللجان قد جاء وأن الساحة السياسية والاجتماعية ستشهد عودة هذه اللجان للحراك بداية من الأسابيع القادمة، بالتزامن مع انطلاق الحديث عن احتمال إمكانية الترتيب لمرحلة ما بعد بوتفليقة قد انطلق بشكل فعلي، وأن مؤشرات عديدة ستظهر في القادم.

الأحزاب الإسلامية اليوم تشهد حالة من التشرذم لم تشهدها من قبل فالحزب الأساسي الذي تحالف معه السلطة في السابق " حمس"، لم يعد كما كان منقى بل الحزب انقسم إلى 4 أقسام والسلطة لا تزال تحن إلى استرجاع هذا الوعاء الذي ترى فيه نفسها طرفا أصيلا وأنها استثمرت في الحزب ووصل إلى ما وصل إليه من صدى داخلي وخارجي بدعمها وبمباركتها له، والمتأمل فيما يحدث داخل حركة مجتمع السلم بعيدا عن الأحزاب التي خرجت منها يرى الصراع القائم اليوم بين تيارين رئيسيين يحاول كل واحد منهما الاستحواذ على الرصيد السياسي للحزب، فتيار أبو جرة سلطاني رئيس الحركة السابق يعتمد أساسا في حراكه لصالح خيار العودة إلى السلطة والتعاون معها وعدم الاستمرار في التعامل مع المعارضة لعدم جدوى هذا التوجه، ويراهن هذا التيار على لقاء مجلس الشورى القادم لإقناع المجلس بهذه القناعات والتوجهات والخيارات المستقبلية للحركة.

أما التيار الآخر الذي يقوده رئيس الحركة الحالي عبد الرزاق مقري فهو يرى بأن أي محاولة التواصل مع النظام هو محاولة لإنقاذه وهو ما يعتبر جريمة عند الكثيرين حسب ما صرح به مقري أكثر من مرّة، وتشير مصادر مطلعة لـ"الرائد" داخل حركة مجتمع السلم بأن هناك اتصالات قائمة بين أبو جرة سلطاني وأطراف داخل النظام ستعمل على إقناع مجلس الشورى بهذا التوجه أو فرض هذا الخيار عليهم من خلال استعمال الإدارة لتغيير موقف مجلس الشورى لصالح الخيارات التي تبني عليها السلطة توجهات المرحلة القادمة.

وغير بعيد عن حمس تجد الأحزاب الإسلامية الأخرى ممثلة في النهضة والإصلاح وجبهة العدالة والتنمية نفسها منسجمة معاتجاه المعارضة وقد اختارت هذه الأحزاب عدم الانجراف مع تحالفات مع السلطة رغم أن حركة النهضة لها عناصر لا تزال تؤمن بإمكانيةالتعاون والتحالف مع السلطة وهو أمر معروف داخل الحركة وعند النظام نفسه، ولكن يبدو أن هذا الخيار لا يزال بعيدا عن متناول القيادات الكبرى داخل الحزب ولهذا ففرضية اندماج النهضة مع السلطة تبقى مستبعدة.

وبالمقابل يرى المتابعون للشأن السياسي عندنا بأن التيار الشعبي الواسع في الحركة الإسلامية الممثل في الجبهة الإسلامية للإنقاذ أو ما تبقى منها يرفضون بتاتا أي شكل من أشكال التحالف مع السلطة ويرون بأن الوضع الحالي يسهل إقناع جميع الأطراف بالمرحلة الانتقالية التي يكون هو طرفا لا الاستمرار في نفس مسار السلطة، أما التيار الآخر الذي تمكنت السلطة عبر سلال ترويضه في الحملات الانتخابية السابقة لبوتفليقة، هو التيار السلفي بمدارسه المختلفة حيث استطاع عبد المالك سلال الذي قاد الحملات الانتخابية للمترشح عبد العزيز بوتفليقة في الفترات الأخيرة أن يبقي هذا التيار ضمن مسارات السلطة عبر منابر المساجد المختلفة التي أتيحت لهذا التيار ومكنت له فترة حكم الرئيس بوتفليقة من التغلغل في معظم المساجد بالجزائر، مقابل إقبال هذا التيار على دعم خيارات السلطة ورجالاتها وهي تجربة مكررة في مصر من خلال حزب النور المصري، ولهذا التيار امتدادات شعبية لا يستهان بها رغم أن الدور المطلوب منه داخل النظام وداخل السلطة يختلف.

هذا ويؤكد العارفون بخبايا النظام بأنه كما تعتمد السلطة في استحقاقاتها الكبرى على تيار واسع يستعمل الدين للمكاسب السياسية والممثل في الزوايا والطرق الصوفية التي دعمت في فترة بوتفليقة بشكل لم تدعم به من قبل وكان خيارها دائما خيار السلطة وألزمت مريديها بخيارات السلطة الجزائرية.

إن كل هذه التفاصيل في المشهد توحي بإمكانية أن تكون للسلطة بعض التحالفات أو بعض الجهود والمساعي بعضها معلوم والبعض الآخر سيظهر في الأيام القادمة لمعرفة حلفاء السلطة الجدد من التيار الإسلامي.


خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن