الوطن

العودة إلى الاستدانة وإملاءات اللوبيات التي تتحكم فيها

سلال أعلن الدخول في الأزمة الاقتصادية ولوّح بالتوجه قريبا نحو الاستدانة من الخارج

 

  • المعارضة تستنكر تصريحات الوزير الأول!

 

يبدو أن الحكومة الجزائرية قد التفتت أخيرا للتقارير التي كانت تصدر عن صندوق النقد الدولي الذي حذرها أكثر من مرّة من مغبة تجاهل الإقبال على إصلاحات مالية وأخرى اقتصادية تسمح لها بتنويع الصادرات وتطوير الصناعات المحلية وتحسين مناخ الاستثمار، لجلب أكبر عدد من المستثمرين للحدّ من أي أخطار قد تلحق بها اقتصاديا في ظل أزمة اقتصادية عالمية هزّت عرش الدول الاقتصادية الكبرى وأزمة أوضاع الدول الصغيرة، ولم تكن تلك التحذيرات والتوجيهات والنصائح تصب في هذا الشق فقط فقد حذر الصندوق بصورة واضحة وصريحة من " عودة قريبة للجزائر لبوابة الدول المستدينة " وهي الأرقام التي كانت تعجل الحكومة وأعضاؤها إلى انتقادها جملة وتفصيلا، غير أن ما جاء على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال مؤخرا أكد بشكل قاطع بأن الجزائر تعاني أزمة رسمية على المستوى الاقتصادي ولوّح بقرب طرقها لأبواب الدول التي تنتظر هذه الفرصة من سنوات من أجل ممارسة الابتزاز على الصعيد الاستثماري والسياسي والدبلوماسي كما لم يكن عليه الوضع من قبل.

فالحكومة ومن خلال ما جاءت به الأرقام التي كشف عنها سلال، قدرت بأن استمرار أسعار النفط على نفس الوتيرة التي هي عليها في الوقت الراهن، سيمتص مدخرات الجزائر من العملة الصعبة لتصل إلى ما قيمته 9 ملايير دولار فقط في آفاق سنة 2019، وهو ما يعني عند الاقتصاديين والخبراء الماليين التعجيل بوضع الجزائر في خانة الدول" المستدينة "، لكن السؤال الذي يفرض نفس الآن هو أن الجزائر التي خطت خطوات " جريئة " في 2005 بقرار من القاضي الأول للبلاد الذي عاد لوقف الاقتراض من الخارج، والشروع في تسديد الديون العالقة منذ سنوات حيث نجحت الجزائر في تسديد الديون التي كانت مدرجة منذ 1985 إلى غاية الفترة التي صدر فيها قرار الرئيس بالإضافة إلى تسديدها لجزء كبير من ديون أخرى في السنوات التي تلت تلك الفترة وحتى 2007 لعدّة دول كبرى وفي مقدمتها روسيا، لكن تلك الخطوات لم تلق بظلالها على الاقتصاد الوطني بشكل مربح ومفيد، بل فتحت المجال واسعا على سياسة جديدة من الفساد والنهب الذي طال غالبية المشاريع التي أقبلت عليها الدولة بداية من مشاريع الأشغال العمومية، إلى مشاريع الفلاحة مرورا بمشاريع السكن والبنى التحتية وزاد غياب الرقابة للمؤسسات المخولة قانونا بذلك في استمرار الفساد وتفشيه في غالبية القطاعات دون أن تستطيع توفير هامش بسيط من الربح في المشروع الوطني الرامي لتعزيز الاقتصاد والذي عجلت الأزمة التي تعيشها الأسواق العالمية بسبب انهيار أسعار النفط في سنة 2014 في تأكيده على أرض الواقع.

 

بمن ستستنجد الجزائر لإخراجها من عنق الزجاجة؟؟!

 

وبالرغم من تأكيدات الحكومة على أن الجزائر اليوم تتواجد في صف الدول الأقل مديونية في العالم مقارنة بدول أخرى حيث وصل مقدار الدين الخارجي أواخر سنة 2014 حدود 3.66 مليار دولار بعد أن كان في حدود 30 مليار دولار في السنة الأولى التي تسلم فيها بوتفليقة سدّة الحكم، إلا أن السنوات الأخيرة والمقبلة حسب تقديرات الحكومة وهو ما صرح به الوزير الأول عبد المالك سلال يدفع بالجزائر إلى الحذر من العودة من جديد إلى "نادي باريس" الاقتصاديالذي يتكفل بإعادة جدولة الديون للدول المديونة، ولكن وبالرغم من أن هذا النادي يتعامل بأجندات اقتصادية إلا أن لوبيات أمنية وسياسية دولية هي التي تتحكم فيه وفي الخيارات التي يقدمها للدول التي تقع فريسة عندهم، فهل ستكون الجزائر مجبرة في آفاق 2019 للعودة إلى هذا النادي أم أنها ستستنجد بدول أخرى لإخراجها من عنق الزجاجة؟؟

وعن هذا الموضوع انتقدت أحزاب المعارضة هذه التوقعات التي صدرت عن الوزير الأول عبد المالك سلال، معتبرين إياها المسؤولة الأولى والأخيرة عن هذه الوضيعة، وأكدت أحزاب المعارضةأن تصريحات سلال التي حذرت الجزائريين من السلبيات التي قد تنجر عن الأزمة النفطية هي بمثابة إعلان رسمي لإفلاس الدولة الجزائرية اقتصاديا وماليا، بعد تسجيل حالة الإفلاس السياسي مشيرة أن توقيت هذا الإعلان عشية التغيير الحكومي هو رفع المسؤولية السياسية والأخلاقية عن نتائج تسيير نظام الحكم.

 

النهضة:الفراغ المؤسساتي ألقى بظلاله على كل مؤسسات الدولة!

قالت حركة النهضة إن الوزير الأول عبد المالك سلال وفي خطابه الأخير هو بمثابة اعلان رسمي لإفلاس الدولة الجزائرية اقتصاديا وماليا بعد تسجيل حالة الإفلاس السياسي، مشيرة أن توقيت هذا الإعلان عشية التغيير الحكومي هو رفع المسؤولية السياسية والأخلاقية عن نتائج تسيير نظام الحكم للوضع الاقتصادي وبرامجه المفسلة في هذه المرحلة ورفع الغطاء مستقبلا عن الأداء.

 كما أكدت حركة النهضة في بيان لها أن هذه التصريحات جاءت عشية تغييرات للأشخاص قامت بها السلطة في الجهاز التنفيذي والقطاعات الاقتصادية الحساسة بعيدا عن مراجعة حقيقية لعمق الازمة التي اوصلتنا إلى هذا النفق، والتي المتمثلة في الازمة السياسية الناتجة عن حالة الفراغ المؤسساتي وغياب المسؤولية السياسية في هرم الدولة.

وامام هذا الوضع الخطير دعتالحركة الطبقة السياسية الجادة إلى وقفة جادة لإنقاذ الدولة الجزائرية التي تمر بمرحلة ابتزاز خطير ورهن لمقدراتها وقراراتها خارج إرادة الشعب الجزائري لمصالح الجماعات والأشخاص.

 

حمس: النظام السياسي في حالة فشل ذريع وسيجر المجتمع نحو عواقب وخيمة!

من جهته قال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري إن الوزير الأول أكد مخاوف الحركة، حيث قال "ها هو الوزير الأول عبد المالك سلال يؤكد بشكل واضح وعلني ما كنت أكرره في العشرات من اللقاءات الصحفية والتجمعات والمقالات، بأن النظام السياسي في حالة فشل ذريع وأنه يجرنا نحو وضع اجتماعي واقتصادي خطير ستكون عواقبه كارثية على البلد". وأضاف مقري "لو كان النظام السياسي أمام هذا الإعلان عن الفشل يحترم نفسه ويهمه مصير الوطن لرد الأمانة إلی أهلها الذي هو الشعب الجزائري من خلال انتخابات تشرف عليها لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات أو أن يقبل بالحوار مع المعارضة لتنظيم الانتقال الديمقراطي السلس".

واستدل مقري بشهادة لكساسي في قضية الخليفة الذي أقر بوضوح بأن وزارة المالية والبنك المركزي ومختلف المؤسسات الحكومية لم تكن تتوفر علی الكفاءة اللازمة لمراقبة بنك الخليفة قائلا "نحن حقيقة أمام حالة من الرداءة والفشل وغياب ثقافة الدولة وضياع الأمانة وفقدان المسؤولية أكثر بكثير مما كنا نظنه في النظام السياسي، خصوصا في هذه الفترة التي كدنا نصدق فيها التحاليل التي تقول بأن فيه إرادة مبيتة من داخل منظومة الحكم لتفكيك الدولة الجزائرية... ولصالح من؟".

كما أوضحت الحركة على لسان القيادي فاروق طيفور الذي أكدأن السلطة لا تزال تنتهج طريقة تقديم المسكنات للجزائريين عبر إعادة بعث مشاريع منتهية الصلاحية على غرار الطاقات المتجددة التي لاتزال الحكومة تتغنى بها منذ سنوات، مشيرا أن التصريح الأخير للوزير الأول هو اعترافمتأخر جاء بعد خطابات التهدئة التي كانت تبعث بها الحكومة منذ سنوات، في وقت كانت المعارضةتحذر من خطر تراجع الأسعار وتحول الجزائر نحو المديونية منذ أكثر من سنتين. وأضاف محدثنا أن الوزير الأول هو ليس مطالب اليوم بشرح الواقع الاقتصادي للجزائريين وإنما ببحث الوسائل والحلول للخروج من الأزمة، مشيرا أن سلال وفي خطابه الأخير لم يعط بدائل واكتفى بالتذكير فقط من سنوات العجاف القادمة، حيث قال إنالسلطة لا تملك رؤية استشرافية ولا تقدم أية مقاربة وإنما تكتفي بإجراءات وتدابير احترازية حتى لا تقع في الانهيار. بالمقابل قال القيادي في حمس إن الجزائريين ليسوا بحاجة لتدابير استعجالية وإنما لرؤية اقتصادية واجتماعية تمتد إلى غاية سنة 2030, بالإضافة لحل سياسي عنوانه الاستعداد للحوار مع الطبقة السياسية.

 

جيل جديد: لا بديل أمام السلطة إلا الذهاب نحو التغيير الحقيقي

وفي هذا السياق، قال رئيس جيل جديد جيلالي سفيانإن النظام سيواصل سياسته المعهودة من خلال الإيقاع بالمزيد من الضحايا وذلك في حال لم يتحمل الجزائريون مسؤوليتهم عبر إحداث تغيير.

 

الأفلان: الوزير الأول تحدث من باب واجب التنبيه لا غير!

وعكس المعارضة، قال الناطق الرسمي باسم جبهة التحرير الوطني سعيد بوحجة إن حديث الوزير الأول جاء من باب الواجب والمسؤولية الملقاة على عاتقه، باعتبار أن الظروف الاقتصادية للبلد تستدعي من الوزير الأول التنبيه وحث الجزائريين علىالتقشف،باعتبار أن الدولة مواصلة في تطبيق مشاريع الخماسي وهو الأمر الذي يتطلب من الجزائريين ترشيد نفقاتهم ومساعدة الدولة على تخطي الأزمة.

خولة. ب/ أمال. ط

من نفس القسم الوطن