الوطن
رأب الصدع واستكمال الإصلاحات رهانات المؤتمر العاشر
أمام استمرار التصدعات الداخلية والأدوار المطلوبة من الأفلان
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 24 ماي 2015
تحضر قيادة حزب جبهة التحرير الوطني لأشغال المؤتمر العاشر في ظروف يرى المتابعون بأنها صعبة وحرجة عليه وعلى قيادته الحالية، فلا على المستوى الداخلي هناك حالة من عدم الاستقرار بسبب الانقسامات الحادّة التي تعرفها المؤسسات القيادية له سواء في اللجنة المركزية أو تلك التي تمثل الأفلان في مختلف المجالس المنتخبة وعلى رأسها البرلمان بغرفتيه، كما يعقد المؤتمر ولأول مرّة مع بداية ظهور شرخ واضح داخل مؤسسات الدولة –البرلمان-، بإعلان مجموعة من النواب المحسوبين على الأفلان انشقاقات عن القيادة المركزية وبدؤوا يلوحوا بالذهاب نحو كتلة المعارضة التي تنشط في المجلس الشعبي الوطني، في سيناريو يذكر الجميع بما حدث في برلمان 1999 وما قام به نواب التجمع الوطني الديمقراطي الذين تحول جزء كبير منهم إلى صفّ المعارضة، هذه الأخطار بدأت تنذر بمؤتمر سيحمل الكثير من الأسرار التي لن تكشف حتى إعلان بداية أشغاله يوم الخميس القادم بالقاعة البيضوية بالعاصمة، خاصة وأنّ كل الأنظار الآن مشدودة نحو خصوم القيادة الحالية الذين طعنوا في شرعية استدعاءها للمؤتمر أمام القضاء الذي بدوره أدخل"سوسبانس" آخر على مجريات الصراع القائم اليوم داخل الأفلان.
توضح القراءة الأولية بأن مسألة الصراع الداخلي يكون الأمين العام للحزب العتيد قد فصل فيها، وسار تأجيل العدالة للطعن المقدم أمامها بخصوص عدم شرعية ما يقوم به لصالح سعداني وأنصاره الذين يشتغلون الآن في ظروف بعيدة عن الضغط الذي يسود الجناح الآن والذي يبدو واثقا هو بدوره بكون العدالة ستنطق يوم الأربعاء القادم أي عشية انعقاد أشغال المؤتمر لصالحها، وفي انتظار ذلك تبقى السلطة التي تعتبر الأفلان أحد أهم الأدوات التي تجسد وتدافع عن إستراتيجيتها وسياستها تنتظر أدوارا كبرى تكون قد ألقتها على عاتق القيادة الحالية للحزب من أجل الترتيب لها خلال المؤتمر العاشر ومرحلة الـ 5 سنوات القادمة.ويأتي اهتمام السلطة بما يحدث في الأفلان في ظل غياب الاستقرار السياسي في المشهد الجزائري العام، في ظل وجود قطبية بارزة داخل المجتمع بين أحزاب الموالاة وأحزاب المعارضة وغياب الأجهزة التي يمكنها أن تقود بدور الوسيط والمقرب بين طرفي المعادلة السياسية في الجزائر، فعلى مستوى الأحزاب المحسوبة عليها شهدت في غالبيتها وبدرجة أكبر الحزب العتيد صراعات من نوع خاص أثر على الأدوار المطالبة بلعبها في المشهد العام الجزائري، خاصة على المستوى السياسي الذي تنتظر فيه السلطة أن تجد توليفة مناسبة للدفع بمشروع التقارب بينها وبين المعارضة وهذا لن يكون إلا بوجود أحزاب قوية داخليا وخارجيا أيضا وهو ما تريد أن تحققه بقرار تعجيلها بالدفع بالمؤتمر العاشر للحزب العتيد إلى الواجهة أي قبل البت في الدستور المقبل للبلاد.خاصة وأن مساعي التقريب السابقة التي قادها الأفلان مع الأفافاس لم تأتي بالاستحقاقات التي كانت مرجوة منها، ولكن وبإعادة الأمور إلى نصابها داخل الأفلان ثم الأرندي بعد أسابيع قليلة سيكون من شأنه أن يدفع بالسلطة نحو تحقيق الرهانات المؤجلة بالنسبة لها والتي ستظهر جلية في أشغال المؤتمر العاشر للأفلان وما سيصدر عن المشاركين فيه من قرارات.ويؤكد العارفين بشؤون الحزب بأن الظروف التي يعقد فيها المؤتمر العاشر المزمع تنظيمه في الفترة الممتدة بين 28 إلى 30 ماي الجاري بالعاصمة، ترتبط أساسا بوجود رغبة عند السلطة السياسية في استكمال تحقيق الاستحقاقات المتبقية في أجندة إصلاحات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ويأتي في مقدمتها التعديل الدستوري المنتظر وما سيصاحبه من إجراء انتخابات مسبقة في المجالس المحلية والوطنية لضمان استمرارية الأجندة التي تراهن عليها السلطة إلى حين نهاية العهدة الرئاسية الحالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
ولعل أبرز ما تنتظره السلطة من أدوار سيقبل على لعبها الأفلان باعتباره صاحب التمثيل الأوسع في المجتمع الجزائري ويتواجد على أرض الواقع في مختلف ربوع الوطن وهو ما لم تحققه الأحزاب المعتمدة في الجزائر على كثرتها وتعددها بما فيها التجمع الوطني الديمقراطي يأتي الملف الاجتماعي والأمني وتداوله بالشكل المطلوب من وجهة نظر السلطة اجتماعيا من خلال التعبئة والتحسيس وتوعية المواطنين بالرهانات الاقتصادية التي تقبل عليها الحكومة وكذا العمل على التخفيف من حدّة القرارات التي تتخذها الحكومة بما يتوجب أن يتعاطى معه الشارع الجزائري، أما على المستوى الأمني فالأفلان مطالب خلال المؤتمر العاشر وما سيصدر عنه من قرارات واستحقاقات على مستوى القيادة أو التمثيل أو الخيارات هو محاولة إيجاد دور سياسي يعين المؤسسات الأمينة والجيش في تحقيق الهدف الأساسي للرئيس بوتفليقة والمتمثل في تحقيق الأمن والاستقرار الذي شكل محور عهداته الرئاسية السابقة والحالية ومنذ اعتلاءه سدّة الحكم في 1999.أما فيما يتعلق بالرهان الداخلي للمؤتمرين ولقيادة الحزب الحاليةفتتمحور حول مسألة إصرار أطراف من المعارضة بعدم المشاركة في مؤتمر ولا العمل بأي قرارات تتخذها القيادة ما سيجعل من مسألة جمع الفرقاء قبل المؤتمر أمر مستبعد خاصة وأن المؤتمر من شأنه أن يزيد من الشرعية الإدارية والقانونية للقيادة الحالية وهو ما يدرك خصوم سعداني وهو الأمر الذي دفع بهم إلى إشهار بطاقة الرفض في وجه المؤتمر وما سينتج عنه من قرارات، ولكن الأمر المؤكد عند المراقبين هو أن الشرعية النضالية داخل كل إطارات الحزب هي التي ستكون منقوصة بعد إسدال الستار عنه ولعل اتخاذ البعض من المشاركين مبادرة لجمع وحدّة الصفوف ورأب الصدع هي الوحيدة القادرة على إنهاء الانقسام.