الوطن

داعش تهدد المنطقة العربية وتنذر الدول غير المستقرة

بعد التوسع المفاجئ لها بالعراق وسوريا

 

خبراء أمنيون لـ"الرائد": "محاربة خطر داعش لن يكون فقط بالاتكال على الجيش"

 

خلق التوسع المفاجئ لتنظيم داعش الإرهابي، حالة من الذعر في أوساط العديد من الدول العربية التي تعيش في غالبيتها على فوهة بركان الجبهة الاجتماعية بسبب غياب الديمقراطية الحقة وتململ الأنظمة في الذهاب نحو إصلاحات حقيقية، من شأنها أن تدفع بالجبهة الداخلية نحو الاستقرار الحقيقي الذي لا تصنعه الدبابات والأسلحة بقدر ما تصنعه العزيمة في التصدي لأي طارئ أمني يتربص باستقرار الدول والذي يعتبر حراك التنظيم الإرهابي داعش أخطر ما يمكن أن تتعرض له الدول العربية لما يحوز عليه التنظيم من إمدادات وقدرة على التحكم بالتكنولوجية الحديثة، التي ساعدت على بروزه بشكل لافت للانتباه ويحمل الكثير من المراقبين والمتابعين للملف من الخبراء الأمنيين والمحللين هذه الخطوة التوسعية للتنظيم في عدّة دول عربية إلى قوى غربية خاصة أمريكا التي توجه لها أصابع الاتهام في ميلاد وتوسع هذا التنظيم.

 

تمدد داعش وخطره على الجزائر

 

يبدو أن تمدد تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق وليبيا ومصر وحتى اليمن وإعلان مسؤوليته عن تفجير القطيف في السعودية أول أمس، زاد من إمكانية تهديده للعديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعلى رأسها الجزائر التي تبقى هدفا لتنظيم بسبب مواقفها ضد الإرهاب عموما والتنظيم خصوصا.

ويرى في هذا الشأن العقيد المتقاعد رمضان حملات في حديثه لـ "الرائد" ان تمدد تنظيم داعش الإرهابي، هي امر واقع ومحسوس، فالمساحة التي بات يسيطر عليها التنظيم في كل من سوريا والعراق ليست بالهينة وانتصاراته الميدانية المتعاقبة التي بات يحققها أصبحت خطرا تهدد جل الدول المجاورة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، بما فيها الجزائر التي قال بشأنها حملات عليها ان تكون حذرة وان تؤمن حدودها لان سرعة خلق التنظيم وتمدده فائقة خاصة وان البيئة الحاضنة له في المنطقة موجودة في إشارة منه إلى المستنقع الليبي والمالي، اما المحلل الأمني رشيد قرين فقد اعتبر تمدد داعش غير مقلق كثير للجزائر باعتبارها بعيدة كل البعد عن منطقة نفوذه التي تتركز في الشرق الأوسط، إضافة إلى قوة الجيش الجزائري الذي باستطاعته القضاء على أي جماعة إرهابية على شاكلة داعش بحسبه.

وتتضارب المصادر والمعلومات عن حقيقة تواجد تنظيم الدولة الإسلامية في الجزائر، خاصة بعد ان أعلنت بعض الجماعات الإرهابية الصغيرة ولاءها له ومبايعتها لخليفة التنظيم أبو بكر البغدادي الذي رد عليها بقبول البيعة وانضوائها تحت رايته.

ويعتقد في هذا الجانب المحلل الأمني رشيد قرين ان التنظيم الإرهابي المذكور غير متواجد في الجزائر هيكليا، بل إعلاميا فقط، حيث وبحسب محدثنا فإن التنظيم والجماعات الإرهابية المبايعة له في الجزائر تلعب لعمة إعلامية متبادلة فالأول يسعى للقول بأن تواجده يتزايد وقوته تتعاظم في كامل البقاع الإسلامية، اما الجماعات الإرهابية فترمي إلى المتاجرة باسم التنظيم الذي أصبح عالميا، والى نفس الاتجاه ذهب العقيد المتقاعد رمضان حملات، حيث أكد ان التنظيم ليس له موطأ قدم في الجزائر بالنظر إلى قوة الجيش الجزائري وقدرته الفائقة على تعقب اثار الإرهاب واجتثاثه من اصوله، مضيفا ان خبرة الجيش الوطني الشعبي تسهل عليه عملية القضاء على كل من تسول له الانضمام إلى داعش او مبايعتها، مبرزا في ذات الوقت عدم قدرة التنظيم على التمدد في الجزائر ان وجد أصلا فيها بسب افتقاده إلى أي حاضنة شعبية او حتى غطاء سياسي.

 

غياب الأرقام الرسمية لا ينفي وجود منتسبين للتنظيم

 

في ظل غياب الأرقام الرسمية وتضارب التقرير الدولية عن منتسبي داعش من الجزائريين، يبقى تواجدهم بصفة كبيرة غير مؤكد، لكن المؤكد انهم موجودين ومنتسبين لتنظيم داعش ويقاتلون في صفوفه في مختلف الجبهات التي يقاتل فيها على اختلاف اماكنها.

ويعتبر العقيد المتقاعد رمضان حملات، تواجد مقاتلين جزائريين في جبهات داعش امر محسوما ومؤكد لكن الأرقام بحسبه ضعيفة وليست بالقدر الكبير الذي يخيف، مستندا في ذلك إلى بعض التقارير الامريكية التي اكدت ان أكبر الاعداد التي تنظم إلى داعش هي من اوروبا وبعض الدول العربية والإسلامية الأخرى، بينما اعتبرت الجزائر من أضعف الدول تصديرا للإرهابيين نحو داعش، من جهة أخرى وفي نفس السياق ذهب في نفس الاتجاه المحلل الأمني رشيد قرين حيث اعتبر الشعب الجزائري محصنا ضد أفكار داعش بسبب العشرية الدامية التي عاشتها البلاد، بالإضافة إلى الامن والأمان التي تعيشه البلاد وتحسن المستوى المعيشي للجزائريين، اللذين لم يعودوا يميلون إلى العنف والتطرف كما في السابق بعد ان ذاقوا ويلات الحروب والدماء.

 

هل تكفي جاهزية الجيش للتصدي للتنظيم؟!

 

يؤكد اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، بأن جاهزية الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأسلاك العسكرية والأمنية للتصدي لأي خطر قد يهدد أمن واستقرار ووحدة التراب الوطني أمر مؤكد وراسخ في عقيدة هؤلاء والقيادة العليا للبلاد ولكنه يعتقد بأن هذا الأمر لن يكون كافيا لوحدة للتصدي لخطر تنظيم بحجم داعش الذي تتحكم قوى غربية في تمدده إلى عدّة مناطق عربية وعرج المتحدث في تصريح له لـ" الرائد"، على كيفية انتقال التنظيم من العراق واليمن وسوريا وليبيا وتبني التنظيم لعدّة عمليات وتفجيرات حدثت في مناطق متفرقة من العواصم العربية، وأشار المتحدث في سياق متصل يقول: " محاربة خطر داعش لن يكون فقط بالاتكال على الجيش والمؤسسات الأمنية فقط" فنحن في الجزائر لدينا جبهة داخلية هشة ومختلف الأطراف الفاعلة في المشهد الوطني العام تغرد لوحدها خارج السرب، لهذا يعتبر مجاهد بأن ضرورة بناء وحدة في الأحزاب والمؤسسات وفعاليات المجتمع المدني لتكون درعا متينا في وجه أي خطر يهدد الجزائر ووحدتها سواء كان داعش أو غيره.

ودعا بالمناسبة اللواء المتقاعد الفاعلين إلى ضرورة الارتقاء إلى مستوى الوطن فالخطر الذي يظهر داعش يوما بعد آخر يؤكد على أن المخططات الغربية في المنطقة العربية تكون قد وجدت الأدوات التي تساعده على ذلك، وأكد محدثنا على أن التصدي لهذا التنظيم وغيره هو في متناول أيدينا كجزائريين فالجزائر ليست سوريا ولا العراق ولا أي دولة أخرى فهي نبت نفسها بنفسها وحاربت الإرهاب على مدار سنوات عديدة بسواعد أبنائها ولكن هذا كله لا يمكن أن يتحقق في ظل وجود أحزاب مشتتة ومؤسسات غير منسجمة.

وأوضح محدثنا بأن توحيد النخب وتوحيد مؤسسات الدولة وتوحيد الأحزاب موالاة ومعارضة حول مشروع وطني واضح وثابت سيضمن تقوية الجبهة الداخلية التي هي مفتاح التصدي لأي خطر أمني أو سياسي أو مشروع آخر يهدد الجزائر.

وأثنى اللواء المتقاعد في نفس الشأن على الجاهزية التي يتمتع بها الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأجهزة الأمنية التي قال بأنها كانت واقفة وستضل بالمرصاد لأي مغامرين بالجزائر قبل أن يؤكد على أن القضية بالنسبة لخطر داعش ليس قضية سلاح أو جيش فقط بل القضية أعمق لأنها تتعلق بمدى صلابة الجبهة الداخلية وقدرتها على التصدي للخطر الذي تروج لها الأنظمة الغربية بمساعدة حلفائها من القوى العربية التي ترافع للأنظمة الأسروية على حساب الأنظمة الشعبوية والديمقراطية.

خولة. ب/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن