الوطن

قلالة: تأجيل جولة الحوار يصب في صالح الدول التي تسعى لعرقلة الحل السياسي

الحوار الليبي يتجه نحو المجهول في ظل كثرة المبادرات

 

  • ميزاب: زيارة الثني الأخيرة للجزائر وراء تأجيل الحوار

 

بدأت حالة انسداد تظهر في الأفق لتضرب بمساعي حلّ الأزمة الليبية الذي تريده الجزائر سياسيا، خاصة بعد الإعلان عن تأجيل الجولة الجديدة للفرقاء الليبيين دون تحديد موعدها ومكان انعقادها. وقد رأى مراقبون للملف الليبي بأن التأجيل غير المنتظر من شأنه ان يزيد من شدة الاحتقان بين الفرقاء الليبيين، خاصة وأن أطرافا خارجية تلعب على التناقضات الأيديولوجية للأطراف المتصارعة، وذلك بدعم طرف ضد الآخر بما يخدم مصالحها، واضعة بذلك امن ليبيا ووحدتها تحت طائلة التهديد والتقسيم، وهذا ما لا ترغب فيه بعض دول الجوار وعلى رأسها الجزائر التي تبذل مجهودات حثيثة في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء ومحاولة جمعهم على طاولة واحدة تحدد مصير ليبيا سياسيا وليس عسكريا، كما تحاول أيضا ثني بعض دول الجوار على الكف عن اللعب بأمن ليبيا واستقرارها بدعم اطراف معينة على حساب اطراف أخرى. وما يجعل الجزائر البلد المؤهل الوحيد بالقيام بكل ذلك ليس موقعها وحدودها الشاسعة مع ليبيا فقط وإمكانية تضررها مباشرة جراء تردي الوضع الأمني في ليبيا، بل موقفها الثابت والغير متغير من الازمة الليبية منذ اشتعالها في فيفري 2011، وعدم وقوفها مع أي طرف ضد آخر، بالإضافة إلى سعيها في حل الازمة عند بدايتها. في المقابل تعمل دول أخرى على افشال كل مساعي الجزائر والأمم المتحدة الرامية إلى الوصول إلى حل سياسي، على غرار مصر والمغرب اللتان تصران على لعب دور مشبوه في الازمة ومحاولاتهما اخلاط الأوراق والحسابات كلما استشعرا قرب الأطراف الليبية من التوصل إلى حل، وذلك بضغط على الأطراف التي تدعمها بالمال والسلاح مرة، وبطرح مبادرات جديدة كل مرّة، كل هذا يجعل فرضية التوصل إلى حل سياسي في ليبيا صعب للغاية، طالما ان دول إقليمية فاعلة تتعامل مع الشأن الليبي من منطلق مصلحتها الخاصة والضيقة على حساب الشعب الليبي الذي بات يعاني من وضع امني متأزم، بالإضافة إلى الانقسام الشعبي الحاصل والذي من شأنه ان يؤثر أيضا على الوحدة الوطنية الليبية.

 

قلالة: تأجيل جولة الحوار يصب في صالح الدول التي تسعى لعرقلة الحل السياسي

وعن هذا الأمر يقول المحلل السياسي سليم قلالة، بأن تأجيل جولة الحوار التي كانت مبرمجة خلال شهر ماي الحالي، امر يمكن وصفه بالسلبي والإيجابي في نفس الوقت، باعتبار ان تأجيل أي ازمة أو أي حوار يفيد في حلها امر غير مرغوب، كما ان التأجيل يمكن ان يفيد في التحاق بعض الأطراف التي لاتزال مترددة في نظرتها المريبة للحوار وطاولة المفاوضات. وقال قلالة في معرض حديثه لـ "الرائد" انه ليس هناك شك في ان الفرقاء الليبيين هم الخاسر الأكبر جراء تأجيل جولة الحوار التي كان مقرر عقدها الشهر الجاري، خاصة وان ذلك من شأنه ان يطيل الازمة أكثر فأكثر، ويسمح بإسقاط المزيد ضحايا أبناء الشعب الليبي، وأضاف قلالة ان التأجيل كما هو سلبي قد يكون له بعض الإيجابية، من خلال التحاق بعض المتأخرين عن الحوار واصطفافهم مع الفرقاء الآخرين من اجل تغليب لغة العقل والوصول إلى حل سياسي يرضي جميع الأطراف ويسمح ببناء دولة ليبية قوية ذات مؤسسات دستورية تستند إلى قاعدة شعبية وسياسية صلبة، كما اكد المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر، على ضرورة مواصلة الجزائر في لعب دورها المحوري في حل الازمة الليبية وجمع فرقائها تحت مضلة الحل السياسي الذي لا بديل عنه لحل الازمة والوصول إلى تسوية ترضي الجميع، ودعا نفس المتحدث الأطراف الليبية إلى التجاوب مع مساعي الجزائر والأمم المتحد والاتحاد الأوربي من اجل انهاء الصراع المسلح والتفرغ إلى الحوار والتفاوض على مستقبل ليبيا سياسيا وتجنيبها ما يحدث في العراق وسوريا، والمحافظة على وحدتها الترابية. من جهة أخرى اعتبر قلالة كثرة المبادرات والراعيات لحوار الفرقاء الليبيين من شأنه ان يشوش على تحركات الجزائر من اجل انهاء اللازمة سياسيا، خاصة وان الأطراف التي تحركت بعد ان طرحت الجزائر مبادراتها للحل هي دول معروفة بدعمها اطراف معينة على حساب اطراف أخرى، وهو ما لا يمكنه ان يوصل إلى حل توافقي، لان دعم هذه الدول للأطراف منطلق من أيدولوجية معينة، وحسن مثال على ذلك تحركات مصر التي لا يهما حل الازمة الليبية بقد ما يهمها القضاء على جماعة الاخوان المسلمين في ليبيا باعتبارها امتداد لجماعة الاخوان المسلمين في مصر وتحمل نفس افكارها بل وتتعاطف معها. اما تحركات المملكة المغربية فهي نابعة من محاولة الضغط على الجزائر في ملفات أخرى على غرار ملف الصحراء وفتح الحدود، وذلك بمحاولة تعطيل مساعي الجزائر ومحاولة خلق مشاكل على شتى حدود الجزائر، حيث يتضح ذلك أيضا في دخول المغرب على الخط في ازمة شمال مالي ومحاولته تحريك بعض الخيوط من اجل زعزعة استقرار الحدود الجنوبية للجزائر، اما عن الطرف الذي تصب في مصلحته تأجيل جولة الحوار، فقد قال نفس المتحدث ان كل من لا يرغب في وصول الأطراف الليبية إلى حل سياسي هو مستفيد من هذا التأجيل بطريقة أو بأخرى.

 

ميزاب: زيارة الثني الأخيرة للجزائر وراء تأجيل الحوار

أرجع المحلل السياسي والأمني احمد ميزاب، سبب تأجيل جولة الحوار الليبي التي كان مزمع عقدها خلال الشهر الجاري، إلى زيارة رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني إلى الجزائر مؤخرا، والذي يكون قد قدم إضافات جديدة من اجل دفع مساعي التوصل إلى حل سياسي شامل بين الفرقاء الليبيين، معتبرا في نفس الوقت ان تأجيل الحوار ليس بضرورة اجراء سلبي.

وقال ميزاب انه من الممكن ان تكون زيارة الثني إلى الجزائر قد أعطت نفسا جديدا من اجل بلورة المساعي السياسية بن الفرقاء الليبيين، ومن اجل عرض الأفكار الجديد على كل الأطراف ومناقشتها في هدوء وبروية، تم تأجيل جولة الحوار من اجل معرفة ردود أفعال كل طرف وإمكانية البناء عليها مستقبلا، وأضاف ميزاب عن دور الجزائر الذي يجب ان تلعبه في الفترة الحالية من مرحلة الحوار، بقوله ان الدبلوماسية الجزائرية عليها ان تقلل من اخطائها قدر المستطاع وعدم ترك فراغات قد تستغل من طرف جهات تعمل جاهدة من اجل نسف الحوار ونشر الفوضى في ليبيا والمنطقة، اما عن كثرة المبادرات وتأثيرها على مساعي الحال، فقد قال نفس المتحدث ان المبادرات المطروحة من طرف المغرب ومصر إضافة إلى مباردة الجزائر لا تشكل عائقا ولا تتعارض طالما ان الأمم المتحدة هي من ترعى الحوار، مؤكدا في نفس الوقت ان لكل دوره، فالمغرب بحسب ميزاب منوطة بجمع الفرقاء على حكومة وحدة وطنية تدير شأن البلاد، اما الجزائر فموكول لها الشأن السياسي، اما مصر فمطلوب منها جمع القبائل وتخفيف حدة الصراع بينها، مضيفا بشأن مصر ان اهم شرط للعبها دور أساسي في حل الازمة هو عدم تعاملها مع اخوان ليبيا كتعاملها مع اخوان مصر لان ذلك سيجعلها طرف غير موثوق من بعض الأطراف، وهو ما ينسف وساطتها ومبادرتها من الأساس.

مراد بوقرة

من نفس القسم الوطن