الوطن

تنسيقية الحركات الأزوادية تتنصل من اتفاق السلام رغم توقيعها عليه

بعد ساعات قليلة من توقيع الاتفاق

 

  • محللون: التناقضات التي تتشكل منها تنسيقية الأزواد وراء الارتباك الحاصلفي مالي

 

فاجأت "تنسيقية الحركات الأزوادية" الحكومة المالية والدبلوماسية الجزائرية التي بذلت مجهودا كبيرا من اجل جمع الفرقاء في مالي على طاولة الحوار وايصالهم إلى صيغة حل يرضي جميع الأطراف، بتنصلها من الاتفاق الذي وقعت عليه بالأحرف الأولى الخميس الماضي بالجزائر، حينما اعتبرت نفسها غير معنية باتفاق السلام الذي تم توقيعه اول أمس الجمعة في باماكو بمالي بحضور قادة أجانب، في وقت تتصاعد فيه الأعمال العسكرية بإقليم أزواد "شمالي مالي"، بحسب ما أشار له مسؤول العلاقات الخارجية في التنسيقية محمد مولود رمضان في تصريحات صحفية أمس.وتتمسك التنسيقية التي تضم الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمجلس الأعلى لوحدة أزواد، والفصيل الرئيسي في الحركة العربية لتحرير أزواد ورغم اعتراف الحركات المنضوية في التنسيقية بوحدة الأراضي المالية، فإنها تطالب بنوع من الحكم الذاتي في شمال مالي، وإدراج هوية الطوارق في ولايات الشمال التي تعنيهم مثل كيدال وغاو، على أن تكرس حقوقهم في الدستور كضمان لها.

وقال مسؤول العلاقات الخارجية في التنسيقية محمد مولود رمضان إن التنسيقية غير معنية بالاتفاق الذي وُقع الجمعة بباماكو، ولا تزال متمسكة بموقفها الرافض له لأنه يتجاهل أهم مطالب الأزواديين التي قاتلوا من أجلها عشرات السنين، حسب تعبيره، وأضاف رمضان أن توقيع التنسيقية في الجزائر بالأحرف الأولى على الاتفاق يعبر عن التزامها بالسلام وبالحوار الذي يفضي إليه، لكنه لا يعني تخليها عن مطالبها وكشف أن فريق الوساطة الدولية بقيادة الجزائر تعهد للتنسيقية مقابل تلك الخطوة بفتح مفاوضات بشأن الاتفاق لتضمينه مطالبها قبل أي توقيع نهائي.

يشار إلى أن محمد عصمان أغ محمدو العضو في التنسيقية وقع الجمعة اتفاق السلام في باماكو "دون تفويض" حسب ما قال رئيس ائتلاف شعب أزواد إبراهيم أغ محمد الصالح وكان زعيم التنسيقية الأمين العام للحركة الوطنية لتحرير أزواد بلال أغ شريف قد وقع الخميس بالأحرف الأولى اتفاق السلام في الجزائر وينص الاتفاق على توسيع المشاركة المحلية في الحكم، ودمج مقاتلي هذه الحركات في الجيش الوطني المالي، وتنظيم مؤتمر عام للمصالحة خلال سنتين من توقيع الاتفاق واعتبر أغ شريف أن الخطوة تؤكد التزامهم بالسلام، لكنه أكد أنه لا تزال هناك قضايا عالقة قبل التوصل لاتفاق نهائي مع الحكومة في باماكو.

 

محللون: التناقضات التي تتشكل منها تنسيقية الأزواد وراء الارتباك الحاصل في مالي

اعتبر المحلل الأمني عبد الوهاب بن خليف، تنصل تنسيقية الحركات الأزوادية من الاتفاق الذي وقعت على حروفه الأولى في الجزائر الخميس الماضي وعدم اعترافها بالاتفاق الموقع الجمعة بالعاصمة المالية بماكو، مجرد ورقة ضغط تستغلها التنسيقية من اجل الحصولعلى مكاسب أخرى فضلا عن التي حققتها عند توقيعها على اتفاقية السلم والمصالحة في الجزائر.

وقال بن خليف ان وقت خروج بيان تنسيقية الحركات الأزوادية يدل على انها تسعى لاستغلال الوضع والضغط أكثر على بماكو من اجل تحقيق مطالب أكثر مما وقعت عليه وخاصة الحكم الذاتي في الشمال وإدراج هوية الطوارق في ولايات الشمال التي تعنيهم مثل كيدال وغاو، وتكرس حقوقهم في الدستور كضمان، وأضاف بن خليف ان مثل هذه الخرجات من التنسيقية كانت متوقعة بالنظر إلى التناقضات التي تتشكل منها، معربا في نفس الوقت عن امله في احتواء الازمة وسرعة التعامل معها من اجل إنجاح الاتفاق الذي بذلت فيه مجهودات خرافية من طرف الجزائر، كما اكد بن خليف في حديثه لـ "الرائد" على ضرورة تحرك الجزائر بسرعة من اجل احتواء الوضع خاصة وأنها من ترأس لجنة المتابعة والتي هي مكلفة بمواكبة ومتابعة تطبيق هذا الاتفاق من خلال التفاوض والاستماع لكل الأطراف وحل الخلافات بطرق سياسية وسلمية، وأضاف نفس المتحدث أن تنسيقية الحركات الأزوادية ستكون الخاسر الأكبر في حالة فشل الاتفاق او عرقل، ولن تجد من يجلس معها على طاولة التفاوض مرة أخرى بعد ان اثبتت عدم جديتها وعدم التزامها بما توقع عليه خاصة وان الحوار دعمه الاتحاد الافريقي والاتحاد الأوربي إضافة إلى الامم المتحدة والجزائر.

من جهته قال المحلل الأمني احمد ميزاب ان التناقضات المكونة لتنسيقية الحركات الأزوادية، وراء الارتباك الذي تعيشه الآن، فبعد ان وقعت على الحروف الأولى من اتفاق السلم والمصالحة في الجزائر قبل أيام ها هي تتنصل منه الآن، وهو دليل واضح على وجود خلافات كبيرة في الحركات المشكلة للتنسيقة فمنها من ترغب في المضي قدما في طريق السلم والمصالحة ومنها من تعمل على كسب المزيد من الوقت والمغانم في الربع ساعة الأخير بغرض الضغط على الحكومة المالية وتحصيل بعض الامتيازات والمكاسب.

وشدد ميزاب في اتصال هاتفي مع "الرائد" على ضرورة احتواء الازمة في اسرع وقت ممكن، داعيا الدبلوماسية الجزائرية التحرك بسرعة واكمال دورها الفعال الذي لعبته في الوصول إلى هذه المرحلة النهائية من الاتفاق، كما طالب ميزاب بتكثيف الجهود والتنسيق بين كل الأطراف التي ساهمت في جمع الفرقاء الماليين على طاولة الحوار في إشارة منه إلى الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي، واكد ميزاب أيضا على ضرورة ان تعي كل الأطراف المالية وخاصة التنسيقية باعتبارها الطرف الذي تراجع عن وعوده، ان الفشل في الوصول إلى حل سياسي نهائي لن يكون في صالح أي طرف، غير ان الخاسر معروف في إشارة منه إلى التنسيقية، هذه الأخيرة قال عنها الخبير الأمني ان مكوناتها تعرف الكثير من التناقض واذا استمرت هكذا سيصعب التعامل معها مستقبلا، خاصة وان حركات فيها تحبذ السلم ووافقت على الاتفاق، بينما فيها اطراف أخرى تبقى مطالبها مبهمة وغير واضحة وتتسم بالمراوغة، وهو ما يفسر التنصل من الاتفاق الذي وقعته التنسيقية في الجزائر وعدم الاعتراف باتفاق باماكو.

مراد. ب

من نفس القسم الوطن