الوطن
بوشوارب "الشاف" الجديد لترتيب الأرندي لأويحيى
بعد اكتمال النصاب ووصول رسائل التنحية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 13 ماي 2015
تأكد عبد القادر بن صالح ولو بطريقة غير رسمية أن المرادية لا ترغب في استمراره على رأس الأرندي، ووصلته الرسائل تلو الأخرى توضح هذه الرغبة، حتى وإن لم يشر له رئيس الجمهورية لذلك خلال اللقاءات التي جمعته به مؤخرا حين التقاه كمرافق للوفود الأجنبية التي استقبلها الرئيس، ولم يبق إلا أيام قليل على خطوة الاستقالة، التي ربما ستكون مباشرة بعد عودته من مالي، حيث سيمثل رئيس الجمهورية يوم غد الجمعة في القمة التي ستعقد بين الفرقاء الماليين هناك، حيث سيعلن بن صالح عن استقالته بشكل رسمي. ولا يخفي الرجل خيبة أمله ممن أوصلوه قبل عام ونصف ليبعدوه بهذا الشكل المهين، والذي سيجعله في حرج كبير أمام أعضاء مجلس الأمة خاصة من حزبه، الذين أمضوا في اللائحة المطالبة باستقالته وسيجعل منه هزيلا في الأداء وغير قادر على مواجهة الأعضاء في مجلس الأمة، ولهذا تداعيات كبرى وربما هذا الذي استهدف لتكون المرحلة القادمة الاستيلاء على منصبه وبالتالي التحضير الكلي لمرحلة ما بعد الرئيس، بضمان من يشرف على المرحلة الانتقالية انتخابيا كما ينص الدستور حتى لا تترك للصدف أي فرصة للتأثير على المخططات القائمة.
Chef هكذا يسمي اعضاء المجلس الوطني للأرندي هذه الايام بوشوارب عبد السلام وزير الصناعة، والذي يشرف بشكل مباشر وشخصي على الترتيب الإجرائي والشكلي لإنهاء مهام عبد القادر بن صالح وتعويضه بالسيد احمد اويحيى. وبكلمات فيها كثير من التشفي واحيانا الاستعجال يجيب اطارات الحزب ومصطلحاته اصبحت معروفة عند البعض او الكثيرين من الاطارات فهم مكلف من "الاخ الكبير"، وفي نفس الوقت الرجل لم ينس لبن صالح انه رفض ان يكون ضمن حصته في الاطارات ولم يقبل به في الامانة الوطنية، ورفض التجديد لأصدقائه في رئاسة الكتلة الخاصة بالأرندي وغيرها من الممارسات التي سيحاول الانتقام ان تركت "يده حرة" من بن صالح.
بوشوارب لم يبق مكتوف الايدي بل نشط مع محيط الرئيس واسترجع اصدقاءه وعمل على استيعابهم، وتوالت الترسيمات التي كانت كلها في اتجاه ان بن صالح لا يزن شيئا عند المتحكمين في المرادية، بما فيها تعيين مولود شرفي في رئاسة سلطة الضبط، ثم تنامي دور بوشوارب مع رجال الاعمال وفي الحكومة من خلال الزيارات الاخيرة وخاصة للدول الكبرى حتى اصبح البعض يتحدث عن امكانية توليه الوزارة الاولى.
لقد بدا واضحا من خلال تصريحات مومن خليفة وشهادته الاولى في محاكماته بتبرئة بوشوارب، ثم الحملات المنظمة قضائيا وغيرها في إنهاء الجدل حول ماضي والده في الثورة، ومرورا بما نشرته ويكيليس من علاقاته بالسفارة الامريكية وتسريباته لها حول المؤسسة الأمنية، وصولا إلى ما نسب من الوزير الأول الفرنسي الأسبق جون بيار رافران من ايحاءات منه للرئيس بأن هذا الرجل لا ترغب فرنسا في استمراره في موقعه، كل هذا استطاعت الحملات المنظمة والعلاقات الخاصة والمآدب المغلقة والولاء الظرفي ان تزيله من سيرته الذاتية، وتجعل منه احد المحاور في حزب الأرندي وان استمر الوضع على ما هو عليه في الدولة الجزائرية.
ما تبقى من اطارات في الحركة التصحيحية التي قامت ضد اويحيى مستهدفة برسائل طمأنة حتى لا تربك المشهد وتحقق الهدف وشلت حركتهم بشكل غير مسبوق، وهامش المناورة بالنسبة إليهم منعدم ولا أحد في النظام يريد التحرك في مربع الأرندي باستثناء المجموعة التي تتحرك ومنسوبة إلى محيط الرئيس، والتي أعلمت البعض انها فصلت امرها في بن صالح وأنها بحاجة إلى الحزب الذي يضم اطارات الدولة والأكثر انضباطا من الافلان، والذي يسير وفق مسطرة المتحكم ولا يخضع للتوازنات ولا لشيء آخر.
المراقبون يشيرون إلى اسماء تدير المرحلة الحالية في الجزائر ومنها بوشوارب وسعداني وآخرون تحت إشراف "الاخ الكبير" الذي يبدو انه اكثر تحرر ولا شيء يقف امامه في ترتيب المرحلة القادمة، والكل من هؤلاء يدين له بالولاء من جهة والتسليم بالقدرة والامكانية في التوجيه، امام تحقق كل رغباته وما أراده في المراحل السابقة مما خفف من تأثير الاخرين بالنسبة للساسة المحيطين به.
الأرندي ليس مطلوب منه الا القيام بالأدوار القادمة تحت قيادة اويحيى من جهة، و"الشاف" الجديد بوشوارب الذي سيخطط ويضع كل انصاره ومواليه في الامانة العامة، ولا يترك الفرصة تمر عليه هذه المرة. كما سيشارك سعداني في ترتيب الحكومة القادمة بعد تعديل الدستور، وهذا ما جعل سلال يتحالف مع هذا الثلاثي ويحرص على التجاوب مع مطالبه بشكل دائم ويفسر ايضا البروز المتكرر لبوشوارب في الواجهة الاعلامية والسياسية.
لا أحد يعلم اين هي المؤسسات الاخرى فيما يحدث وخاصة المؤسسة العسكرية واجهزتها الامنية التي لم يصبح لها اي دور فيما يحدث، بل تتفرج كباقي الاطراف السياسية وترصد، ويبحث بعض العقلاء عن أي مبادرة تعيد البلد إلى مسار المؤسسات.
يبقى ان الخريطة الجديدة والتي يشرف فيها سعداني على الافلان واويحيى على الأرندي، وقد يغير بن صالح مستقبلا مراعاة لتوازنات جهوية لم نعهدها في مرحلة بوتفليقة، وربما يكون هذا خيار مؤقت كما فعل من قبل حتى يعاد ابناء العشيرة والمدينة، فهم أولى بالثقة والمسؤولية من غيرهم.
سليمان شنين