الوطن

المستفيدون من أزمة الأرندي

بالتزامن مع حراك آخر تشهده الجزائر تحضيرا للاستحقاقات القادمة

 

صبت أغلب توقعات المراقبين حول الحراك الذي تشهده هذه الفترة بعض الأحزاب السياسية الهامة والفاعلة في المشهد السياسي الوطني سواء من حيث الشعبية أو من حيث النفوذ، في خانة أن هذا الحراك القائم اليوم في بيت الأفلان أو الأرندي وبدرجة أقل حركة مجتمع السلم، سيخدم أجندة بعض الأطراف التي تحضر للاستحقاقات السياسية القادمة للجزائر وربما الرئاسيات، خاصة وأن تصاعد الحراك التنظيمي الداخلي لهذه الأحزاب جاء تباعا وأعطى الانطباع للرأي العام بأن أطرافا من النظام هي التي تحركه. وإن اختلفت الأدوات والأهداف والاستحقاقات المرجوة من هذا الحراك، غير أن الأوضاع الداخلية وحركة "الانقلابات" داخل هذه الأحزاب انفرد هذه المرّة التجمع الوطني الديمقراطي في التحضير لها بصورة مغايرة عن تلك التي تحدث في جبهة التحرير الوطني أو في حركة مجتمع السلم، خاصة وأن بعض الأصداء والتصريحات اتهمت أطرافا بـ "التخلاط" في الأرندي، وربما اتجهت مباشرة صوب حليفهم في السلطة الأفلان الذي يتأهب لعقد أشغال مؤتمره العاشر أواخر الشهر الجاري.

ويرى المراقبون بأن الأفلان سيكون أكبر مستفيد مما يحدث في بيت التجمع الوطني الديمقراطي الذي تأجل الفصل في الانشقاقات الحاصلة داخله إلى مطلع شهر جوان الداخل أي مباشرة بعد الفراغ من ترتيب بيت الحزب العتيد، بينما سيكون أكبر خاسر في معركة "ادوات النظام" منظمات المجتمع المدني التي تتوزع بين هذين الحزبين وتحاول في كل مرّة الاستفادة من "كوطة" الاستحقاقات الداخلية والخارجية التي تحضر باسم الحزب، لهذا سيكون من الصعب عليها فرض منطقها على قيادات هذين الحزبين وبدرجة كبيرة الأفلان في ظل انشغال هؤلاء بما يحدث في بيت بن صالح.

يؤكد العارفون بحراك الأحزاب السياسية في الجزائر بأن ما يحدث في حزبي السلطة هو دليل على وجود سيناريو قادم سيلقى على عاتق هذين الحزبين أو أحدهما لترتيب مرحلة الاستحقاقات المقبلة للسلطة، غير أن "الندية" التي ميزت تعاطي قيادات هذين الحزبين "الأفلان والأرندي" مع ما يحدث في المشهد السياسي القائم اليوم، دفعت بالتعجيل في وضع حدّ لحالة الانشقاقات الداخلية لهم وربما هي الخطوة التي ميزت تعجيل الأمين العام للأفلان عمار سعداني لعقد أشغال المؤتمر العاشر أواخر الشهر الجاري. في المقابل سيكون أمام الأرندي وقياداته انتظار أشغال دورة المجلس الوطني المرتقبة يوم 10 جوان الداخل للشروع في التحضير لمن سيخلف عبد القادر بن صالح في سدّة الأمانة العامة، وإن كانت كل المؤشرات تصب في صالح الأمين العام السابق أحمد أويحيى إلا أن الأهم هو أن الحزبين سيقبلان بعد هذه "العاصفة" إلى ترتيب إطاراتهم وقياداتهم بشكل يسمح للسلطة الاستفادة من هذا الانضباط لخلق توازنات في المرحلة القادمة، فالسلطة كما يؤكد المتابعون والعارفون بخباياها، عندما تسعى للتحضير للبدائل تتجه دائما نحو الأكثر استقرارا وهو ما يريده سعداني الآن ويسعى لفرضه قبل وبعد المؤتمر العاشر للحزب العتيد، كما لا تريد أطراف من السلطة ممن عجلت بالترتيب لعقد أشغال المؤتمر العاشر للحزب، أن يفقد الأفلان هذه الميزة خاصة وأن الاستحقاقات السياسية كبيرة في المرحلة القادمة عند السلطة. وبما أن الأفلان أكثر الأحزاب دراية بما تريده السلطة من أحزابها أو بمعنى أدق - أجهزتها -، الاستقرار الداخلي تعجل اليوم لدخوله قبل الأرندي الذي ستؤجل سفرية عبد القادر بن صالح إلى مالي حيث سيمثل الرئيس في القمة التي تقام هناك يوم غد الجمعة بين الأطراف المالية، وكذا موعد دورة المجلس الوطني على ترتيب البيت الداخلي للتجمع الوطني الديمقراطي، بالإضافة إلى وجود بعض الأطراف من قيادات الحزب ممن تسعى لفرض نفسها كبديل آخر عن طريفي الصراع على منصب الأمانة العامة كل هذه الأمور ستجعل الأفلان يتفوق ويكسب معركة الصراعات التي تعيشها أحزاب السلطة في هذه المرحلة. وبالرغم من مساعي بعض قيادات الأرندي التي عجلت وتوجهت نحو الطرف القوي على الورق، وهو مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى الذي يبدو البديل لبن صالح إلا أن أطرافا مقربة منه أشارت في تصريحات لـ" الرائد" أن هذا الأخير لحدّ الساعة لم تصدر عنه أي أنباء بالقبول أو رفض دعوات العودة للأمانة العامة التي غادرها بالاستقالة بعد أن بدأ الشرخ بينه وبين خصومه داخل التجمع يظهر للعلن، قبل سنة ونصف وما كانت استقالته في تلك الفترة إلا بإيعاز من السلطة التي يبدو بأنها أوعزت لخليفته بالتنحي أيضا بالاستقالة لإعطاء صورة مغايرة للأرندي عن الأحزاب الأخرى المحسوبة على الموالاة.

خولة بوشويشي


من نفس القسم الوطن