الوطن

فتح قضايا الفساد... تحقيق للعدالة أم حسابات سياسية ؟

بالتزامن مع فتح ملفات الفساد في الدورة الجنائية الحالية دفعة واحدة

 

 

  • قانونيون لـ"الرائد": المنظومة القضائية في الجزائر تحتاج إلى إعادة هيكلة

 

تباينت آراء المختصين والمتتبعين لقضايا الفساد المنظورة مؤخرا دفعة واحدة في دورة جنائية واحدة ممن سألتهم "الرائد"، حيث اعتبرها البعض محض صدفة، باعتبار ان هذه القضايا قد استوفت الشروط القانونية واستكملت جميع التحقيقات لذلك وجب النظر والحكم فيها. اما البعض الآخر فقد شكك في وجود قضايا فساد كبيرة أصلا على الساحة رغم الأدلة الدامغة الموجودة والأموال الضخمة المنهوبة، معتبرين ان الاعلام ضخم أكثر من اللازم هذه القضايا. بينما اعتبر البعض الآخر ان فتح كل هذه الملفات في وقت واحد مثيرا للشك والريبة، مؤكدين ان مثل هذه القضايا ما كانت لتحرك لولا أوامر فوقية بعدما ظلت حبيسة الادراج طيلة سنوات، متسائلين في نفس الوقت ان كان تحريك هذه القضايا مرده تحقيق العدالة والانتصار للمال العام، ام حسابات سياسية تسعى السلطة لإفرازها لمجابهة استحقاقاتها القادمة، على غرار الدستور الذي يبقى الغموض يكتنف تعديلاته لحد الآن رغم التسريبات التي تخرج من بعض رجالات السلطة؟

 

إبراهيمي: المنظومة القضائية في الجزائر تحتاج إلى إعادة هيكلة 

 

 من جهة أخرى يرى المحامي والحقوقي ميلود ابراهيمي الاحكام التي نالها الجناة في قضية الطريق السيار والتي بلغ أقصاها 10 سنوات بأنها احكام قاسية بنظر إلى الجرم المقترف، واكد ابراهيمي على ضرورة اعادت النظر في المنظومة القضائية في الجزائر برمتها، منوها بتحسنها في الآونة الأخيرة، وانتقد المتحدث الحكم واصفا إياه بالحكم القاسي والصعب، معتبرا اجتزاء 10 سنوات من حرية أي شخص اغلى بكثير من أي مبلغ مالي ولو كان مليارات الدولارات. كما شدد نفس المتحدث على ضرورة انهاء مثل هذه الاحكام التي وصفها بالخيالية والغير منطقية والمتوافقة مع الحرية وحقوق الانسان، وقال ابراهيمي أيضا ان مثل هذه الاحكام ما كانت لتصدر في حق المتهمين لو حوكموا في بلد أكثر حرية وديمقراطية على غرار دول الاتحاد الأوربي او غيرها من الدول المتقدمة. وعن عدم اجراد بعض الأسماء النافذة في السلطة في هذه القضية رغم ورود أسمائهم فيها، فقد قال المتحدث ان لا احد يستطيع تحديد إجراءات المحاكمة غير النيابة والقاضي وطالما لم يقوما بإدراج هذه الأسماء فهم يعرفون عملهم جيدا، معتبرا ان في ذات الشأن الاعلام هو من يسهب في ذكر الشخصيات العامة من اجل إعطاء زخم اكبر للقضايا مما تستحق. 

 

برغل: فتح ملفات الفساد في دورة جنائية واحدة محض صدفة

 

استبعد الخبير القانوني والمحامي خالد برغل، ان يكون فتح ملفات الفساد دفعة واحدة غرضه سياسي، معتبرا قانون الإجراءات الجزائية هو من كان الفيصل في تحديد توقيت معالجة القضايا التي استكملت فيها التحقيق، وهو ما يستدعي محاكمة المتهمين فورا لأنهم هم الخاسر الأكبر في حال تأخير القضايا أكثر من ذلك باعتبار انهم محبوسين احتياطيا، مؤكدا في نفس الوقت ان تزامن قضايا الفساد وطرحها في وقت واحد وفي دورة جنائية واحدة محض صدفة لا غير.وقال برغل ان قضايا الفساد المنظورة حاليا في أروقة المحاكم جنائية بالدرجة الأولى وليست سياسية ولا دخل لسلطة في وقت وكيفية طرحها ولا الحكم فيها، معتبرا ان القضاء الجزائري حر ونزيه ولا يقبل من يتدخل في عمله، كما أكد برغل ان الجانب السياسي الموجود في هذه القضايا يتمثل في ذكر بعض الأسماء التي كانت تتقلد مناصب رفيعة في الدولة او مازالت، رغم ان التهمة لم تثبت على أي أحد منهم ويعتبر الكثير منهم مجرد شهود لا غير، واتهم المتحدث بعض الأطراف التي لم يسميها باستغلال قضايا الفساد سياسيا ومحاولة الساق التهمة بكل أجهزة السلطة، في إشارة منه ضمنيا إلى المعارضة، التي تعتبر الفساد مستشري في النظام ككل وان السلطة تغض الطرف عن محاسبة مرتكبيه رغم انه تعلمهم بالاسم، وعن الاحراج الذي تسبب فيه فتح ملفات الفساد من طرف القضاء في الخارج على غرار إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، للقضاء الجزائري، فقد فند برغل ان يكون فتح هذه الملفات من قبل السلطات القضائية الأجنبية، مؤكدا ان القضاء الجزائري هو من كان سباقا في فتح هذه الملفات والتحقيق فيها.

 

بورايو: الفساد موجود لكنه ليس بالصورة التي ينقلها الإعلام 

 

ويقول في هذا الشأن المحامي وأحد أبرز الأسماء التي دافعت عن إطارات مسجونة في قضايا الفساد خالد بورايو، ان الاعلام كان أحد أبرز الاعبين في هاته القضية، من خلال تضخيمه للقضية وإعطائها صورة بأنها قضية وطن وفساد كبيرة، برغم من انها قضية عادية كان يمكن ان يكون الحكم فيها اقل مما رأينا بكثير، وأضاف بورايو انه ليس بصدد التعليق عن احكام القضاء وانما يحلل من منطلق معرفته وخبرته الطويلة في مثل هاته القضايا، معتبرا ان الحكم بـ 10 سنوات على المتهم الرئيسي عادي وغير مخفف، اذا اعتبرنا ان القاضي حكم بما لديه من ادلة وأوراق تدين المتهم وتبرء غيره، زيادة على ان القاضي في مثل هذه القضايا التي تأخذ زخما إعلاميا وسياسيا، لا يمكنه ان يحكم الا بعد ان يجرد نفسه من هذه الضغوطات وهذا ما اعتقد انه فعل، اما عن رايه في إمكانية ان تسير باقي قضايا الفساد المطروحة على غرارا سوناطراك 1 و2 والخليفة، بنفس المنوال او ربما بنفس الاحكام التي يراها البعض مخففة، فقد قال بورايو انه متأكد ان هذه القضايا سوف تأخذ منحا عادلا بغض النظر عن التضخيم الإعلامي الذي قال انه ينقل صورة اضخم بكثير من واقع القضايا التي ان دقق فيها يكتشف انها قضايا عادية.

 

مراد. ب

من نفس القسم الوطن