الوطن
أسعار السكر تثير الجدل في الجزائر
قيمته في البورصة العالمية لا تتجاوز 20 دينارا جزائريا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 ماي 2015
- تجار الجملة: دعم الدولة يستفيد منه المستورد لا المستهلك
- الاقتصادي حميدوش: 65.5 دينار هو السعر الحقيقي للسكر
في الوقت الذي تقول البورصة العالمية إن سعر السكر لا يفوق 0.13 دولار، وأن أعلى نسبة بلغها هي شهر جويلية الماضي وهي 0.18 دولار، مع توقعات بعدم تجاوزه 0.17 دولار في السوق العالمية إلى غاية ماي 2016، تبقى أسعار السكر في بلادنا تتراوح بين 85 و90 دينار، ما يطرح العديد من التساؤلات عن طريقة دعم هذه المادة الهامة التي تدخل في عدة منتجات غذائية، وما حقيقة هذا الدعم، أو أن مستوردي هذه المادة يفرضون منطقهم ويلهبون أسعارها في السوق المحلية؟
ويشير المخطط البياني لقيمة السكر على مستوى مؤشر البورصة العالمي بداية من السنة الجارية 2015، إلى انخفاض كبير في قيمته التي بلغت في آخر مبادلة له شهر أفريل الجاري ب0.13 دولار، وإذا ما تم تحويل قيمة 0.13 دولار إلى الدينار الجزائري فهي تساوي 12.73 دينار، وهو الرقم البعيد كل البعد عن 90 دينار، الذي تمخض عن تعليمات حكومية صارمة وجهتها إلى التجار بضرورة احترام الأسعار التي حددتها الدولة والمتمثلة في 90 دينار للكيلوغرام الواحد من السكر و600 دينار بالنسبة لدلو 5 لترات من الزيت، بعد الأحداث التي شهدتها سنة 2011، والتي عرفت بأحداث السكر والزيت، مع إعلان الحكومة ساعتها عن دعمها لهذه المادتين والذي كلفها آنذاك حوالي 3 ملايير دينار للخزينة العمومية في حين أن الإعفاء الجمركي والجبائي الذي سجل ابتداء من منتصف شهر فيفري من السنة ذاتها كلف الدولة خسارة مالية تقارب 23 مليار دج، لتخفيض أسعار مخزونات السكر والزيوت الغذائية، أين عملت الحكومة على منح صكوك تخفيضات لتغطية فارق الأسعار التي بلغت ساعتها عتبتي 140 دينار و975 دج، وهو الأمر الذي جعل سعر هاتين المادتين ثابتا منذ ذلك القرار رغم الانخفاض الكبير الذي تشهده مادة السكر على المستوى العالمي، والذي استدعى تحركا وسط بعض الجهات على غرار جمعية حماية المستهلك التي طالبت لتوضيح الصورة للمواطن البسيط، الذي ما فتئ يطالب بخفض الأسعار التي أثقلت كاهله، لمعرفة إن كان هذا الارتفاع بالجزائر مقارنة بالسعر العالمي مبررا أو لا في ظل انخفاض قيمة الدينار مقارنة بالدولار.
جمعية حماية المستهلك: على الدولة تبرير الأسعار المتداولة في السوق المحلية
ودعت جمعية حماية المستهلك على لسان نائب رئيسها، سمير القصوري في تصريح له مع "الرائد" الدولة إلى ضرورة تبرير الأسعار المتداولة في السوق المحلية لمختلف المنتجات، سيما السكر الذي يشهد حسبها تراجعا كبيرا في البورصة العالمية، ولم يسجل أي انخفاض في السوق المحلية، والذي لا يزال يراوح حدود 90 دينار، وهو أمر غير معقول حسب الجمعية التي قالت أن الأسعار في البورصة العالمية الحالية هو 0.13 دولار، أي ما يعادل 12.73 دينار جزائري، أي أقل من 13 دينار، في الوقت الذي بلغت أسعار السكر أعلى مستوياتها جويلية الماضي أين بلغ 0.18 دولار أي ما يعادل 17 دينار، مضيفا أنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك وتأكدوا من أسعار السكر في البورصة والتي تمتد إلى ماي 2016 والتي لن تتجاوز 0.17 دولار في السوق العالمية، ما جعلهم يطرحون عدة تساؤلات على مختصين في الميدان، وطالبوهم بتقديرات حول التكلفة النهائية للسكر بمروره بكل مراحله التصنيعية قبل وصوله للمستهلك، مشيرا أنه ومهما كانت التكلفة فإنه لن يصل إلى سعر 80 دينار، داعيا في ذات السياق إلى تبرير الأسعار المتداولة في السوق المحلية، متسائلا عن مفهوم دعم الدولة لمنتج معين كيف تتم، وعلى أي أساس؟.
الاقتصادي، محمد حمادوش: 65.5 دينار السعر الحقيقي للسكر
قال المختص الاقتصادي محمد حميدوش في حديث له مع "الرائد" إن السعر الحقيقي الذي ينبغي أن يصل به السكر إلى المستهلك هو 65.5 دينار، بالنظر إلى تهاوي أسعاره في البورصة العالمية والذي وصل حدود 14 بالمائة، أي أنه وبالنظر لنزول أسعاره في السوق الدولية كان من المفروض أن تنزل أسعاره في سوقنا المحلية، لبلوغ السعر المذكور، على حسب الأسعار المتداولة حاليا.
وعن الأسعار المتداولة في سوقنا المحلية، والتي يصل فيها سعر الكيلوغرام الواحد من السكر حدود 85 إلى 90 دينارا في بعض المحلات، قال حميدوش، إن أسعار السكر من وحدة الإنتاج بـ68 دينارا، غير أن هذا السعر يتضمن من 4 إلى 8 دينار غير مصرحة، أي أنه من المفروض أن يوزع بـ60 إلى 64 دينارا، فيما يصل هذا السعر ما بين 72 إلى 74 دينار عند سوق الجملة، ليباع لأسواق التجزئة بـ80 دينارا، قبل أن يصل إلى المستهلك بـ85 إلى 90 دينارا، حسب هذه السلسلة.
وعما إذا كانت أسعار السكر المتداولة مدعمة من طرف الدولة، أضاف محدثنا أن دعم الدولة في هذا المنتج لا تكون إلا بعد تجاوز سعره 90 دينارا، فهنا منتج السكر يطلب الدعم من طرف الدولة، غير أن سعره الذي يتراوح بين 80 85 و90 دينارا، فهنا المنتج لا يطلب الدعم، ويكتفي بهامش الربح الذي يجنيه من جراء عملية تنقية السكر البني القادم من منتجي السكر في بلادنا لا يحتاجون إلى الدعم بالنظر لكون السعر من وحدة الإنتاج أو إعادة التصنيع لا يفوق 68 دينارا، موضحا أن المنتج في حال ما بقي له مخزون قديم والذي كان بسعر معين، ودخل مخزون جديد بسعر آخر، فإن المنتج سيعتمد على السعر المتوسط وهو الذي في كل الأحوال -يقول حميدوش- لن يفوق 90 دينارا.
واقترح محدثنا على الدولة بدلا من دعم المستوردين، دعم المنتجين، عن طريق دعم الفلاحين في إنتاج السكر الأبيض والمستخرج من "الشمندر" ويكون الدعم عن طريق صندوق المقاصة الذي يدعم الفلاح المنتج للشمندر في حالة ما انخفضت أسعار السكر في البورصة العالمية، أي ندعمه عندما تصبح التكلفة مع سعر البيع غير متوازنة، وهو الاقتراح الذي اعتبره الخبير الاقتصادي بمثابة تشجيع للاستثمار في هذه المادة المهمة، والتي تعد أساسا لعديد من المنتجات الغذائية، معتبرا أن إنتاج السكر الأبيض محليا هو الحل لتفادي القيم المضافة في السكر البني القادم من أوروبا ومختلف الدول.
وعما إذا يلجأ منتجو السكر إلى التصدير قال حميدوش، أن 90 بالمائة من السكر المنتج يستهلك محليا، أي ما قيمته 200 إلى 300 مليون دولار سنويا وكلها من سكر بني يعاد تصفيته من الشوائب العالقة وهو سكر القصب، فيما توجه نسبة 10 بالمائة فقط إلى التصدير إلى بعض البلدان.
تجار الجملة: دعم الدولة يستفيد منه المستورد لا المستهلك
من جهته أكد بعض تجار الجملة ممن تحدثنا معهم أنه في حال ما إذا كان هناك دعم من طرف الدولة على أسعار السكر، فإن المستفيد الوحيد من ذلك الدعم هو المستورد، ولا يعود ذلك الدعم بتاتا على المستهلك البسيط، ولا حتى على بقية الوسائط في السلسلة التجارية، التي يبقى هامش ربحها بسيط جدا مقارنة بما يجنيه المستورد.
وفي السياق يقول كمال تاجر جملة بسوق السمار، أنه يشتري السكر بكميات كبيرة من مجمع سيفيتال، بـ 71 دينارا، حسب الكمية التي ترشح الأسعار إلى الانخفاض في حال اقتناء كميات كبيرة، قبل أن يوجهوها إلى أسواق التجزئة بـ75 دينار، والتي بدورها تضيف هامش ربح لا يتعدى -حسبه- 5 دينار، ويعرضون السكر بـ80 دينار.
وأضاف محدثنا أنهم يقتنون السكر بأسعار مرتفعة من المصدر، أي من المنتج المحلي لهذه المادة، التي حسبه يحتكرها مستوردون قلائل يفرضون السعر المتداول، مع غياب قنوات تراقب المستوردين وتفرض عليهم السعر المتداول في السوق، ويضيف هؤلاء المستوردون بعد جلبهم لكميات كبيرة من الدول المصدرة للسكر على رأسها دولة البرازيل، وبولونيا، يفرضون السعر الذي يناسبهم، أين يقدرون حجم التكلفة التي يصل إليها المنتج بداية من تنقيته من الشوائب إلى غاية تعليبه وتوجيهه للمستهلك كآخر حلقة في العملية التجارية.