الوطن
الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني تحاكم السلطة افتراضيا
بالموازاة مع إعادة فتح العدالة لملف "الخليفة"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 04 ماي 2015
تحوّل نقاش الجزائريين أمس خاصة من الفاعلين في مختلف منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية إلى منبر لمحاكمة السلطة، التي حملوها مسؤولية تفشي ظاهرة الفساد في مؤسسات الدولة، وتتزامن هذه المحاكمة "الافتراضية " بالموازاة مع إعادة فتح العدالة لملف "الخليفة " الذي هزّ الجزائر خلال السنوات القليلة الماضية، ولم يختلف رأي الساسة ممن سألتهم "الرائد " عن موقف الحقوقيين والقانونيين والفاعلين في المنظمات الناشطة في المجتمع المدني بكون "طرح القضية أمام القضاء وبهذه الصورة التي تسوق لها السلطة" والتعجيل بدفع قضايا الفسادّ للواجهة يحمل "أبعادا أخرى" لم يتم الكشف عنها الآن، ولكنها ستتوضح معالمها من خلال ما ستسفر عنه نتائج هذه المحاكمات التي يجمع الكثير من ساسة على أنها تأتي في ظروف تشهد فيه المنظومة القضائية "تسيسا " أثر على مجريات العديد من القضايا المتعلقة بالفساد، والتي عرضت عليها. وفي هذا الصدد شكل خطاب غالبية رؤساء الأحزاب المحسوبة على تيار المعارضة خلال الفترة الماضية التي بدأت فيها السلطة تتوجه نحو "الدفع" بملفات الفساد إلى الواجهة "الانتقاد" للمنظومة القضائية أكثر منه للسلطة، وهو ما أشار له رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس أكثر من مرّة ونفس الأمر بالنسبة لرئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري وقادّة قطب التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي. ورأى هؤلاء بأن قضية التسييس تكون قد ظهرت في صورة عجز القضاة عن إحضار الشهود لجلسات المحاكمة، وقد كان تصرف وزير النقل الحالي ووزير الأشغال العمومية صاحبة الفضيحة في قضية الطريق السيار شرق غرب خير دليل على كلام هؤلاء وانتقاداتهم، خاصة وأن عمار غول اكتفى بإرسال "رسالة" ردّ فيها على الأسئلة التي وجهت له بعيدا عن أسوار المحكمة.
سياسيون: القضاء الجزائري أصبح يغردّ خارج المسؤولين!
يوضح رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان بأن الطريقة التي دفعت بها السلطة بقضايا الفساد دفعة واحدة خلال الفترة القليلة الماضية تظهر بلا شك بأن صراع السلطة قد بلغ أوجه وأن بعض الأطراف في السلطة تريد تبرئة ذمة جهات نافذة من أجل الترتيب للمرحلة القادمة. وعن حيثيات قضية الخليفة التي هزت الرأي العام الجزائري قبل سنوات ولا تزال أسرارها غير مكشوفة بالرغم من فتح الملف أمام العدالة أكثر من مرّة يقول جيلالي سفيان "إن قضية الخليفة بنك لا تعتبر قضية مختلفة عن باقي قضايا الفساد حيث تقاطعت طريقة كشفها مع باقي قضايا الفساد الأخرى التي طرحت في القضاء مؤخرا، كما أن نفس الأطراف والجهات الأمنية التي عجلت بكشف المستور وخبايا إمبراطورية الفساد في الجزائر سواء في قضية سوناطراك أو قضية الطريق السيار أو قضية الخليفة هي التي فتحت هذه الملفات وسلطت عليها الضوء ونبهت الجهات المختصة بما يحاك داخل هذه الهيئات والمؤسسات التابعة للدولة" ومن هذه المنطلقات يعتقد القيادي في التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي بأنه طالما أن يدّ السلطة كانت بعيدة عن كشف المستور في هذه القضايا فإنه لا أمل في أن تكشف عن الرؤوس الحقيقية المتورطة في نهب المال العام، ويرى المتحدث بأن تصريحات بعض القضاة الذين قالوا على حدّ تصريحاته بأنه ليس لديهم القدرة على إحضار وزير لجلسة المحاكمة سواء كتهم أو كشاهد فلا يمكن أن يكون للقاضي القدرة أيضا على محاسبة من هم نافذين من الوزراء.
وعرج بالمناسبة على التأكيد بأنه في الأخير سيتم التضحية بمتهمين من الدرجة السابعة ووردت أسمائهم كمتورطين غير نافذين في سبيل " تبرئة ذمة المتورطين الحقيقيين " الذين قال بأن الرأي العام يعرفهم ولكن القضاء لا يعترف بتورطهم.
نقابة الأئمة: نتابع أطوار محاكمة المتورطين في القضايا التي تخص الرأي العام لنتبين الحقيقة!
وعلى الطرف الآخر أكد الأمين العام للتنسيقية الوطنية للائمة جلول حجيمي، بأنه يتابع كإمام باهتمام كبير مجريات أطوار قضية الخليفة التي هزت الرأي العام الجزائري على مدار السنوات الـ 12 الماضية، التي شهدت انهيار إمبراطورية الفتى الذهبي كما يحلوا للبعض تسميته. وأوضح محدثنا في تصريح لـ"الرائد" بأن اهتمامه ومتابعته يأتي من منطلقات عديدة، أهمها أن القضية تشغل الرأي العام وتدفع بالمواطنين إلى التساؤل حول المتورطين والمتهمين والضحايا وغيرها من الأمور المرتبطة بالملف، وهي أمور تستوجب على حدّ تعبيره تبيان الحقيقة من خلال ما يحاك داخل أسوار جلسات المحاكمة وتصريحات الشهود والمتورطين وليس من نسج خيال البعض.
ويؤكد جلول حجيمي في سياق متصل بأن القضية التي فتحها القضاء مؤخرا ليست بقضية عادية، بل هي قضية هامة وفاصلة وتلقى اهتماما واسعا من قبل الجزائريين، وأمام غياب معطيات وافية وحقيقية حول خلفيات هذا الملف الذي شغل الرأي العام يرى المتحدث بأنه من الواجب عليه كإمام بالدرجة الأولى إلى متابعة ما سيتم الكشف عنه وتناوله في الموضوع وكذا تنوير الرأي العام به إذا ما طرح عليه هذا التساؤل.
خولة بوشويشي