الوطن
عيد العمال عند الجزائريين.. عيد مع وقف التنفيذ
مشاكل اقتصادية وأخرى اجتماعية يتخبط فيها العمال والحكومة تتفرج
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 29 أفريل 2015
يأتي اليوم العالمي للعمال المصادف للفاتح من ماي هذه السنة والطبقة الشغيلة في الجزائر غارقة في مشاكل اقتصادية واجتماعية خانقة، رغم الافراج خلال الثلاثية الأخيرة عن قرارات وصفت بالمهمة في ملف الأجور والاتفاقيات القطاعية لبعض الفئات العمالية، لكن لا شيء تحقق حتى اليوم، ويقابل الاحتفالات التي ستطلق عبر ربوع الوطن تشجيعا لمجهودات العمال الجزائريين للنهوض بالتنمية والاقتصاد وغيرها من الشعارات التي يحلو للحكومة التغني بها في مثل هذه المناسبات. غضب عمالي كبير وجبهة اجتماعية تعرف اضطرابا متصاعدا في ظل تنامي سياسة "التسويف" والمماطلة التي تصطدم بها مطالب الشركاء الاجتماعيين في كل مرة، وهو ما جعل المئات من العمال يختارون الشارع احتفالا بعيدهم.. بعيدا عن وعود لم تتحقق من طرف حكومة منشغلة بحل أزماتها وممثل باع القضية وفضل الهدنة والاختباء.
لا شيء تحقق منذ اجتماع الثلاثي الأخير
إلغاء المادة 87 لم ير النور... والقرض الاستهلاكي يدور حوله جدل كبير
ثمانية أشهر مرت على اجتماع الحكومة مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين وأرباب العمل الأخير، الاجتماع الذي خرج بقرار التعجيل بتجسيد التزامات العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو وترقية الاقتصاد الوطني وحمايته ومواصلة مكافحة البطالة وتشجيع الاستثمار المنتج المحدث للثروة وتثمين إلغاء المادة 87 مكرر ومنه الزيادة في أجور العمال وتحسين قدرتهم الشرائية بالإضافة إلى الإفراج عن القرض الاستهلاكي نتائج لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع لحد الأن.
لم يكن العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي للنمو الذي تمت المصادقة عليه، أثناء لقاء الثلاثية الأخير كفيلا بتحقيق الحياة الكريمة لكل مواطن وذلك بعد أن غابت النقابات المستقلة، التي تعد الطرف الأهم عن هذا اللقاء لتكون الطبقة الشغيلة هي الخاسر الأكبر بعد فقدان الاتحاد العام للعمال الجزائريين قاعدته وحياده عن مساره الحقيقي أين أصبح يقوم بمهمة رجل المطافئ للحكومة عوض الدفاع عن العمال. اجتماع الثلاثية، التي انتظره العمال في الجزائر بشغف كبير خاصة بعد الوعود التي سبقته سواء من الحكومة أو الاتحاد العام للعمال الجزائري لم تستطع نتائجه "المهزلة"، التي لم يتم تطبيقها إلى غاية الأن أن تنعش القدرة الشرائية للمواطن البسيط الذي يتخبط في مشاكل اجتماعية واقتصادية. وأبسط مثال على ذلك إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل التي لا تزال تصنع الجدل بعدما تم تداوله في العديد من وسائل الإعلام عن زيادة تتراوح ما بين 6000 دج و10000 دج بالنبسة للأصناف من 1 إلى 10 ليتضاءل هذا المبلغ من طرف بعض المصادر الأخرى لتصبح زيادة تتراوح من 3000 دج إلى 5000 دج كأقصى حد، بالمقابل لا يزال ملف القرض الاستهلاكي الأسطوانة التي استهلكتها الحكومة طيلة الثلاثة أشهر الماضية يثير الكثير من التساؤلات بسبب الفوائد الربوية التي سيتضمنه هذا العقد، رغم علم الحكومة بأن الطبقة المحتاجة إلى القرض الاستهلاكي هي تلك التي تعاني من مستوى معيشي متدن ما يعني أعباء إضافية على المستخدمين، وتعامل فيه كثير من الشبهة الأمر الذي رفضه رجال الدين وجمعيات حماية المستهلك.
كل هذه العوامل تجعل من اجتماعات الثلاثية مجرد فرصة للدفاع عن أرباب العمل والإطارات التي تحتسب أجورهم بعدة مرات الحد المضمون وطنيا، من جهة أخري يأتي عيد العمال هذه السنة والسوق الجزائرية تشهد ارتفاع فاحش في أغلبية المواد الأساسية بسبب تدني القدرة الشرائية والسقوط الحر للدينار أمام الدولار، وتشير التقارير والوقائع بان تدني القدرة الشرائية هذه يعيشها المواطن منذ سنوات على خلفية ارتفاع أسعار السلع والخدمات أحيانا بطريقة فوضوية وأحيانا بطريقة منظمة تتراوح ما بين 40 إلى 60 بالمائة بين سنة 2014-2015 بالمقابل نلاحظ انخفاض مستوى الدخل للمواطن ما يعني تآكل القدرة الشرائية بالنسبة لمعظم المواطنين والمفارقة التي يشير إليها معظم الاقتصاديين تكمن في أن «الدخل الوطني يرتفع وترتفع معه حصة الفرد منه، على حين تنخفض القيمة الشرائية للأجر الفعلي. " وهو ما جعل العديد من النقابيين يبدون عدم تفاؤلهم عن مشروع إلغاء المادّة 87 مكرّر من القانون المتعلق بعلاقات العمل، حيث أن اعتماد زيادات الأجور لن يساهم في تحسين القدرة الشرائية، حتى وان بلغت 50% من زيادات اجور العمال، إذ لم يتم التحكم في معدلات التضخم المرتفعة سنويا.
س. زموش