الوطن

مؤرخون: النظام الجزائري لا يرغب في تجريم الاستعمار

تباين الآراء حول ما تريده فرنسا من حراكها في الجزائر

 

  • سياسيون: البرلمان الجزائري رفع الحرج عن الحكومات الفرنسية!

 

قبيل أسابيعمن إحياء الجزائريين ذكرى مجازر 8 ماي 1945 التي راح ضحيته ما لا يقل عن 45 ألف شهيد، لاحظ العديد من المراقبين حراكا فرنسيا مكثفا بدأ بزيارة كاتب الدولة لدى وزير الدفاع الفرنسي المكلف بقدامى المحاربين والذاكرة، جان مارك تودشيني، إلى مدينة سطيف أحد أكبر معاقل تلك المظاهرات التي تحولت إلى مجزرة باعتراف كل العالم إلا فرنسا الاستعمارية، التي ما إن يفتح ملفها الأسود في الجزائر إلا وهرولت لإنكاره مرة والضغط والمساومة مرات أخرى. ولعل خرجة الرئيس الفرنسي الاخيرة كانت تصب في هذه الخانة، حيث انكر فرنسوا هولاند ان تكون بلاده قد ارتكبت جرائم حرب في الجزائر، معتبرا 130 سنة من الإبادة والتنكيل والتهجير مجرد حرب وكفى، وقد نقلت"الرائد" سؤالا حول أسباب ودلالات الانزال الفرنسي لمسؤولين بالجزائر في الآونة الأخيرة أمام رفضهم للاعتراف بجرائهم ضدّ الجزائريين تباينت ردود فعل القوى السياسية حول الأسباب، ولكنهم اتفقوا على أن طالما هناك برلمان في الجزائر أزاح عبئا ثقيلا على الحكومات الفرنسية فلا حرج عند مسؤوليها لزيارة الجزائر دون فتح ملف الذاكرة.تزامنت الخرجة الإعلامية الأخيرة للرئيس الفرنسي مع زيارة شخصية فرنسية رسمية للجزائر بمناسبة حفل تسليم شارات وسام الشرف لمحاربين جزائريين قدامى خلال الحرب العالمية الثانية، وتصريحاتهم التي اعترفوا من خلالهابتاريخ فرنسا الأسود الذي تركته وراءها في الجزائر وجرائمها الشنيعة المرتكبة في حق الشعب الجزائري، إلا أن تلك الاعترافات ضربت عرض الحائط بعد الأنغام المعاكسة التي عزفها الرجل الأول في الدولة الفرنسية، تصريحات هذا الأخير أحدثت ضجة إعلامية كبيرة في الجزائر، حيث تباينت الآراء واختلفت توجهات من سألتهم "الرائد" اتجاه ما تفوه به هولاند، فمنهم من اعتبرها استفزازات واضحة، ومنهم من حمل السلطة المسؤولية الكاملة باعتبارها لم تسعى يوما إلى تجريم الاستعمار ومحاسبته على جرائمه البشعة، كما اعتبر البعض الآخر تصريحات الرئيس الفرنسي منطقية وتصب في خانة الدفاع عن تاريخ فرنسا الاستعماري الذي هو جزء من تاريخ الدولة الفرنسية خاصة وان النظام الجزائري بعد اكثر من نصف قرن من الاستقلال لم يستطع ادانة او تجريم المستعمر الفرنسي. 

أرزقي فراد: النظام الجزائري لا يملك"الرغبة" في تجريم الاستعمار الفرنسي!

قال الأستاذ والباحث في التاريخ محمد ارزقي فراد، ان النظام الجزائري غير راغب في تجريم الاستعمار الفرنسي باعتباره خاضعا ومنبطحا لفرنسا التي يستمد شرعيته منها، وبالمقابل باريس غير مستعدة للاعتراف بجرائمها البشعة التي ارتكبتها طيلة 130 سنة من الاستعمار الاستيطاني على حد وصفه. 

وأكد فراد أن الحديث عن هذا الموضوع متشعب ويحتاج إلى وقفة يكشف فيه المستور المتسترين عن جرائم فرنسا في الجزائر على مدار قرن وربع القرن من الزمان راح ضحيتها الملايين من الجزائريين، الذين كانوا يقتلون على الهوية، وأضاف فراد ان على الجزائريين ان ينتظروا كثير من اجل ان تعترف فرنسا بجرائهما، رابطا ذلك ببقاء النظام الحالي الذي وصفه بعديم الشرعية الشعبية، معتبرا إياه في نفس الوقت غير جاد او حتى راغب في محاسبة فرنسا عن الماضي او مطالبتها بتعويض عن سنوات الاستعمار الذي هو سبب خراب البلاد حتى الأن، كما شدد فراد على ضرورة تحرك الجزائريين على جميع الأصعدة وعدم الاتكال على النظام في مساعيه لتجريم فرنسا الاستعمارية، وعن تصريحات الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الأخيرة بهذا الشأن قال فراد ان هذا الأخير تكلم من منطلق حماية مصالح بلاده، ولا يمكن لومه، ولكن اللوم يقع على من لم يتحرك يوما من اجل القول للمجرم انك اجرمت في حق الشعب الجزائري ولابد لك ان تعتذر وتعوض المتضررين على سنون التعذيب والقتل والدمار التي لحقت بشعب اعزل. 

 موسى تواتي: فرنسا أجرمت في حق الجزائريين وعلى بوتفليقة الرد على هولاند 

طالب رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بالخروج والرد على تصريحات فرنسوا هولاند الأخيرة والتي قال فيها ان فرنسا لم ترتكب جرائم في الجزائر، وان المسألة كانت مجرد حرب انتهت بحصول الجزائر على الاستقلال. 

وهاجم تواتي السلطة والأحزاب التي تدور في فلكها بسبب صمتها المطبق عن تصريحات هولاند مطالبا أيها بالرد صراحة ان كانت تستطيع فعل ذلك، وأضاف تواتي بأن تصريحات الرئيس الفرنسي تنم عن رغبته في عدم فتح ملف تجريم الاستعمار او الاعتذار للجزائر عن الجرائم المرتكبة ابان الحقبة الاستعمارية خاصة وان النظام الجزائري يميل هو ايضا إلى طي هذا الملف حتى لا يغضب من يستمد شرعيته منهم على حد قوله، وتساءل تواتي عن التناقض الغريب الذي يحمله النظام الجزائري في طياته، حيث انه يستمد شرعيته بحسبه من الشرعية الثورية التي هي في الأصل كانت تحارب فرنسا الاستعمارية، ثم تأتي اليوم لتوقف أي قانون او تشريع يتيح تجريم فرنسا او محاسبتها عما ارتكبته من جرائم يندى لها الجبين على حد وصفه. 

محمد ذويبي: مطلب الاعتذار بعيد المنال.. وفرنسا همها مصالحها الاقتصاديةفي الجزائر!

أكد الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي في اتصال مع"الرائد"، أن التصريحات الأخيرة الصادرة عن مسؤولين فرنسيين حول مطلب الاعتذار تبقى مجرد ذر للرماد وهدفها تحقيق مصالح اقتصادية بحتة بعد أن رأت هذه الأخيرة أن وارداتها للجزائر قد تراجعت بسبب هيمنة الصين في حين انكمشتالجزائر، فيالاستمرار في مطالبة البرلمان بإقرار مشروع قانون تجريم الاستعمار، بعد تجميد مشروع القانون على مستوى مكتب المجلس، عام 2010، ورفع البرلمان الجزائري عبئا ثقيلا عن الحكومات الفرنسية.

وأشار محدثنا أن فرنسا تراوغ بمطلب الاعتذار لتحقيق المزيد من التوسع في الجزائر خاصة في المجال الاقتصادي، بعد أن رأت ضعف السلطة التي قال إنها تبني شرعيتها من الخارج بدل تقوية الجبهة الداخلية وهو الأمر الذي دعت له المعارضة الممثلة في تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي وأكدت عليه في العديد من المناسبات.

مراد. ب / أمال. ط

من نفس القسم الوطن