الوطن

تأكيد على فشل بناء الإجماع أم استفاقة

في الخرجة الأخيرة لتشكيلة الدا الحسين بعد ردود أحزاب الموالاة

  • الأفافاس: هدفنا كان بناء إجماع وطني وهدفهم كان إنقاذ السلطة !
  • أرزقي فراد: الأفافاس عاد إلى رشده السياسي !

تباينت قراءات المراقبين والمتابعين أمس للخرجة الأخيرة لتشكيلة جبهة القوى الاشتراكية، التي لوحت بـ" الورقة البيضاء" في وجه مناضليها بعد محاولات متكررة منها لحشدهم لدعم مشروع بناء الاجماع الوطني، الذي قالت بأنه لا يمكن أن يتحقق بعيدا عن "رعاية السلطة له"، وقد رأت بعض الأطراف بأن الأفافاس انتفض على أحزاب الموالاة بعد محاولة فاشلة منه للاصطفاف في جناح السلطة ورفض هذه الأخيرة له، بينما رأى آخرون بأن جوهر الاختلاف كان واضحا بين الطرفين وأن المغامرة السياسية التي قام بها القياديون في جبهة القوى الاشتراكية كانت تبحث من خلالها هذه التشكيلة على موقع لها في المشهد السياسي، بعد أن حادّت في الفترة الاخيرة عن الخط السياسي المعهود للأفافاس الذي يعتبر من أعرق الأحزاب السياسية في الجزائر معارضة للنظام القائم. وفي الوقت الذي رأت فيه بعض الأطراف بأن الصفقة التي تحدث عنها البعض بين حزب الدا الحسين وبين السلطة القائمة اليوم تكون قد غررت بهم لدخول في مشاوراتها المتعلقة بالدستور واستغلال الخطوة للحراك السياسي المدعوم في المشهد السياسي الجزائري، بينما أكدت أطراف أخرى على أن مسار المشاورات بين الطرفين قد بلغ نهايته وأن اللا توافق هو الذي خلص إليه الطرفان ما دفع بكل جهة الاستثمار في الموضوع لصالحها.

الأكيد اليوم هو أن السلطة سوف لن تغفر للأفافاس ما جاء في التصريحات الأخيرة للحزب على لسان السكرتير الأول محمد نبو، وسوف تردّ عليها في أقرب فرصة سواء عن طريق حلفائها من أحزاب الموالاة أو من خلال"رفض" مقترحات الحزب خلال مشاورات الدستور الأخيرة التي شاركت فيها، بينما تشير أطراف أخرى إلى أن خرجة الأفافاس الأخيرة تأتي بعد تيقن هؤلاء بأن السلطة غير قابلة لأن تغير موقفها لأي طرف كان ولو تعلق الأمر بإرث الزعيم حسين آيت أحمد.

وعن الحراك الأخير للأفافاس أوضح الحزب على لسان الناطق الرسمي والمكلف بالإعلام يوسف أوشيش بأن الأمر عادي وأن الخرجة الأخيرة للتشكيلة السياسية للحزب عادية ومحسوبة، بينما أشار المحلل السياسي والناشط أرزقي فراد في ردّه على سؤالنا بأن الأفافاس أدرك الآن بأن مكانه هو الاصطفاف مع المعارضة لا مع الموالاة.

أرزقي فراد لـ"الرائد": الأفافاس عادّ إلى رشده السياسي !

وصف المحلل السياسي محمد ارزقي فراد الخرجة الأخيرة لجبهة القوى الاشتراكية بمثابة "العودة إلى الوعي والرشد"، والى المكان الطبيعي لأقدم حزب معارض في البلاد، داعيا احزاب المعارضة الى احتضانه و التخلي عن تصفية الحسابات خاصة في الوقت الراهن، الذي يحمل الكثير من التحديات التي يصعب التغلب عليها في ضل تشرذم المعارضة  و مراوغات النظام .

واعتبر فراد  استفاقة الأفافاس وادراكه مراوغة السلطة وأولوياتها جاءت في وقتها، خاصة وأن الكثير من المتتبعين رأوا في  مبادرته المطروحة محاولة لإنقاذ السلطة من ورطتها، و هو ما اساء الى سمعة الحزب و تاريخه النضالي الكبير الذي زاد عن نصف قرن، وشدد فراد في اتصال هاتفي مع "الرائد" على ضرورة احتضان المعارضة للافافاس و الوقوف جنبا الى جنب من اجل مواصلة النضال و السعي الى تحقيق مطالب الحرية و الديمقراطية و ترسيخ دولة القانون، التي يعمل من اجلها الجميع، و اضاف فراد ان الوقت اصبح ضيق و لا يسمح بتصفية الحسابات كما لا يسمح بتراشق و القاء التهم، مبرزا في نفس الوقت الايجابيات التي خرج بها حزب الدا لحسين من مبادرته الاخيرة، حيث اكتشف مدا مراوغة السلطة وقدرتها على التنصل من اي مسؤولية كما ادرك اولوياتها و خطوطها الحمراء التي ظهر في الاخير انها اشخاص بعينهم و ليس قدسية الوحدة الوطنية، أو الطابع الجمهوري للدولة او حتى مؤسسات الدولة كالجيش او المخابرات او غيرها من المؤسسات التي لا تقوم بدونها الدولة الجزائرية، و اضاف نفس المتحدث بقوله ان جبهة القوى الاشتراكية اخطأت و يبدو انها عرفت خطأها و هذا جيد و مفيد و يمكن البناء عليه في المستقبل حتى لا يتكرر، و اما عن مطالب الافافاس فيما يخص  لاعتراف بالأمازيغية لغة وطنية ورسمية، و دعوته لإطلاق سياسة ثقافية لغوية أكاديمية لترجمة التعدد اللغوي، فقد قال فراد ان هذا مطلب كل الاحزاب و القوى الوطنية و لا اختلاف عليه.

يوسف أوشيش لـ"الرائد": هدفنا كان بناء إجماع وطني وهدفهم كان إنقاذ السلطة !

اكدت التشكيلة السياسية للأفافاس على لسان الناطق الرسمي للحزب يوسف أوشيش أن الأفافاس لم ولن يتخلى عن مبادئه، كما انه لن يتخلى عن موقعه في المعارضة، معتبرا بعض التأويلات الاعلامية التي ذهبت بالقول ان الافافاس انحرف عن مبادئ حسين آيت حمد و ارتمى في حضن السلطة لمجرد انه قدم مبادرة تسعى لتحقيق الاجماع عارية عن الصحة و غير دقيقة.

وأفاد اوشيش في تصريح مقتضب لـ "الرائد" ان  موقع حزبه لم يتغير ولن يتغير لمجرد انه قدم مبادة حاول ان يجمع فيها المعارضة و السلطة على طاولة واحدة سعيا منه لتحيق الاجماع الوطني وإنهاء الانسداد الحاصل على الساحة السياسية منذ مدة ليست بالقصيرة، مضيفا ان المبادرة المقدمة من طرف حزبه رغم ان العديد وصفها بالفاشلة، إلا انها اسفرت عن عدة ايجابيات و على راسها زيف بعض الاطراف التي طالما صدعتنا بحب الوطن و الوطنية و ما الى ذلك، لنكتشف في الاخير ان الوطن لا يعني لهم شيء سوى اشخاص معينين، كما اعتبر اوشيش المبادرة التي طرحت منذ سنة من قبل حزبه مجرد وسيلة لتقريب وجهات النظر وتخفيف حدة الاستقطاب و ذلك طبعا لما فيه مصلحة للبلاد ومؤسساتها.

خولة. ب/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن