الوطن

"السلطة" تقدم جرعة أكسجين للبرلمان لإنقاذه

تسعى لتكريس الفصل بين السلطات في الدستور المقبل بعد أن تحول إلى غرفة تسجيل

 

  • الأحزاب: البرلمان الحالي شكلي باعتراف السلطة !

 

تشير التسريبات الأخيرة بشأن التعديل الدستوري أن السلطة ستمنح صلاحيات أوسع للبرلمان لممارسة دوره الرقابي، ضمن سلسلة من الإصلاحات، وهو الأمر الذي يثير تساؤلا حول نجاعة هذه الهيئة وقدرتها على فرض نقاش قوي وجاد خاصة بعد جملة من الإنتقادات شنها برلمانيون ومتتبعون للشأن السياسي الذين أكدوا أن الهيئة التشريعية عرفت خروقات قانونية بالجملة، وتعطيلاً للدور الرّقابي والتشريعي للبرلمان، وتغوّلا للسلطة التنفيذية عليه، وصراع مصالحٍ يرهن السير العادي له" وصل إلى حد تسير مبنى ولد خليفة عن طريق "أس أم أس". كشفت العهدة البرلمانية الأخيرة الغطاء عن العديد الجوانب الخفية في أداء البرلمان، خيب أمل المعارضة التي كانت ترى رغم أنها لا تمثل الأغلبية أنه إذا لم نستطع أن تمرر مقترحاتها فإنها ستضمن نقاشا داخل المجلس، وتجعل من هذه الهيئة التي من واجبها دستوريا الوفاء لثقة الشعب وتحسس تطلعاته، منبرا لإسماع صوت نواب الشعب، غير أنها اصطدمت لطريقة إدارة هذه المؤسسة، وذلك بشهادة النائب السابق والحقوقي مصطفى بوشاشي الذي قدم استقالته في بداية العهدة بعد أن أكد أن جميع مقترحات القوانين المقدمة من طرف النواب لا ترى النور، ولا تحال إلى اللجان الدائمة لدراستها، إلى جانب حضور ممثلي الوزارات لنقاش اللجان خلافا للقانون الداخلي والقانون العضوي الذي يحدد تنظيم البرلمان بغرفتيه وعملهما، وكذا العلاقة الوظيفية بينهما وبين الحكومة، وتدخلهم في النقاش من خلال تقديمهم الاقتراحات مشاريع القوانين يحضرون ويستمرون حتى مداولات اللجان الدائمة، إضافة إلى رفض لجنة التحقيق البرلمانية لتقصي في أحداث غرادية.

ما يعاب على هذه العهدة حسب نواب المعارضة تسجيل "انتهاكات صارخة للنظام الداخلي والقانون العضوي النّاظم للعلاقة بين البرلمان والحكومة، حيث تمّ إقصاء الكتلة البرلمانية لتكتل "الجزائر الخضراء من المشاركة في هياكل المجلس وهو الأمر الذي اعتبرته إقصاءً تعسّفيا وانتقاما سياسيا، مع أنها تخضع للتمثيل النّسبي والتّجديد السنوي، وكذا "تعطيل المجلس الشعبي الوطني عن أداء دوره الرّقابي، حيث تمّ اغتيال كل المبادرات التشريعية وإعدامها على مستوى مكتب المجلس، مثل عدم السماح بتشكيل حوالي 07 لجان تحقيق برلمانية منذ بداية العهدة التشريعية وكان آخرها لجنة التحقيق البرلمانية في تسيير وتوزيع الإشهار العمومي، وكذا عدم إحالة استجواب الحكومة وعدم برمجة الجلسة في ذلك حول انهيار أسعار البترول وإجراءات الحكومة في ذلك، وكذا التعطّل والمِزاجية والانتقائية في برمجة الأسئلة الشفوية، إذ تعود بعض الأسئلة إلى ما يقارب السنتين بالرغم من الطابع الاستعجالي والحيوي لها"، بينما يتم برمجة مشاريع قوانين أخرى بشكل استعجالي لا يسمح للنواب بالمناقشة الجادة والتعديلات الحقيقية والمصادقة الفعلية عليها بالرغم من أهميتها وخطورتها مثل: قانون تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما.

ولعل أن حدّة الانتقادات التي شابت هذه المؤسسة بسبب عدم نجاعتها وتحولها إلى "غرفة تسجيل" حسب سياسيين، جعلت رئيس الجمهورية يأخذ الأمر بمحمل الجد حتى لا تفقد "ما بقي لها من شرعية " خاصة وأن التسريبات تؤكد أن البرلمان بغرفتيه ستكون له "كلمة الفصل" في التعديل الدستوري الذي سيعزز مبادئ " الفصل بين السلطات ومنح صلاحيات واسعة للبرلمان في المجال التشريعي والرقابي وكذلك الوصول إلى مواقع المسؤولية عن طريق الانتخابات ".

هذا وقد رصدت " الرائد" رأي القوى السياسية والأحزاب الفاعلة في المجلس الشعبي الوطني حول حقيقة " نفوذ " الحكومة على البرلمان وممارسة التغول عليه، والاستحقاقات التي يمكن أن يأتي بها دستور السلطة المقبل لمنح البرلمان حقه كسلطة تشريعية بعيدة عن هيمنة الحكومة والسلطة التنفيذية.

النهضة: البرلمان الحالي شكلي باعتراف السلطة !

اعتبر رئيس حركة النهضة محمد ذويبي، دور البرلمان الحالي شكليا ولا يحقق التوازن بين سلطات الدولة، والتي من المفروض ان تلعبها اي هيئة تشريعية في اي دولة تسعى لتطبيق منهج ديمقراطي سليم، مشددا على ضرورة اعادة الهيبة لسلطة التشريعية في التعديلات الدستورية المزمعة اجراؤها قريبا. وقال ذويبي إن البرلمان الحالي بغرفتيه يلعب دورا مرسوما له لا يحيد عنه حيث ان القوانين التي ترفع له من طرف السلطة التنفيذية، لابد له ان يصادق عليها دون ابداء اي ملاحظة أو حتى تحفظ، مضيفا ان السلطة التنفيذية هيمنة في الفترة الاخيرة على البرلمان وقزمة دوره الذي يعد محوريا بالنسبة لأي نظام ديمقراطيي كما أبدى المتحدث تحفظه على الطريقة التي تسير بها الهيئة التشريعية في البلاد، والتي بحسبه زادت من تغول السلطة التنفيذية هذه الاخيرة لم يعد يحاسبها احد عن اخطائها طالما ان المخول مراقبتها مغيب، وأشار القيادي في قطب التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي إلى استحالة انصاف التعديلات الدستورية القادمة لسلطة التشريعية وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات، مستندا في ذلك إلى غياب الاجماع الوطني عن هذه التعديلات التي لم تشارك فيها المعرضة مضيفا أن السلطة لم تعر يوما الاهتمام بالسلطة التشريعية عموما مستدلا بذلك على تغيب الوزراء وعدم حضورهم طرح الاسئلة الشفوية عليهم من طرف النواب، وفي بعض الأحيان عدم الرد عليها لا شفويا ولا كتابيا.

الأفانا: البرلمان أصبح هيئة تنفيذية للحكومة ! 

قال رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية موسى توتي إن البرلمان في الجزائر مختلف عن جميع برلمانات العالم، التي تعد سلطة تشريعية في المقام الأول في بلادها، بينما برلماننا فهو هيئة تنفيذية بالنسبة للحكومة يسهر على تمرير كل أوامرها حتى وإن خالفت الدستور والأعراف. 

وتساءل تواتي عن دور البرلمان الحالي في النظام السياسي ككل وعن محله من الإعراب في الخريطة السياسية للبلاد، كما اعتبر المتحدث وجود البرلمان بغرفتيه من عدمه سواء، لان وجوده شكلي بالنسبة لسلطة والشعب وحتى المعارضة التي لم تعد تؤمن بالنضال والتغير من خلاله، وعن التعديلات الدستورية المرتقبة والتسريبات التي تخرج من بعض المقربين من النظام، وأثرها على السلطة التنفيذية، قال تواتي أنه من المؤكد أن تسير التعديلات المزمعة في اتجاه واحد يخدم السلطة لأنه من غير المنطقي أن تأتي بعكس ذلك مستبعدا في ذات الوقت ان يعزز هذا التعديل الفصل بين السلطات أو يعطي لسلطة التشريعية صلاحيات واسعة تسمح لها بمراقبة السلطة التنفيذية.

تاج: الهيئة التشريعية لها كل صلاحيات المراقبة وهي تقوم بدورها في إطار القانون !

 أكد المكلف بالإعلام لدى تجمع امل الجزائر نبيل يحياوي إن السلطة التشريعية في الجزائر تقوم بدورها كما ينبغي لها ان تقوم به وذلك في ايطار القانون والدستور الذي يحدد صلاحياتها، مؤكدا على ضرورة احترام مؤسسات الدولة وعدم الطعن فيها وخاصة المؤسسات التي انتخبها الشعب بكل حرية وديمقراطية على حد قوله. 

وانتقد يحياوي الطريقة التي يتحدث بها البعض عن البرلمان وخاصة المعارضة التي قال انها تنتقده في الوقت الذي هي جزء منه، معتبرا الانتقاد والطعن في هيئة منتخبة شعبيا أمرا مرفوضا، مضيفا أن ما يقال عن تغول السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية هو محل افتراء مستندا في ذلك إلى ممارسة النواب عملهم التشريعي بكل حرية وشفافية، اما عن تمرير القوانين التي تسنها الحكومة دائما من طرف البرلمان فقد اعتبره يحياوي أمرا عاديا باعتبار أن الاغلبية البرلمانية في صف الحكومة وهو أمر منطقي، ويحدث في كل دول العالم، أما من جهة التعديلات الدستورية التي كثر الحديث عنها في الساحة السياسية مؤخرا وعن كيفية تأثيرها على السلطة التشريعية، فقد أعرب حزب الوزير عمار غول على لسان الناطق الرسمي باسم الحزب، عن أمله في تعديل بعض النصوص من أجل تحسين مردودية البرلمان في المستقبل ومنحه دورا اكبر في التسيير والمراقبة. 

حركة البناء الوطني: الحكومة والبرلمان يمثلان اتجاها سياسيا واحدا.. والتداخل بينهما طبيعي 

اعتبر المكلف بالإعلام لحركة البناء سعد صدارة التداخل الحاصل بين السلطة التنفيذية والتشريعية مرده إلى تمثيل كلا الطرفين اتجاه سياسي واحد، باعتبار أن حزب الافلان وهو حزب الأغلبية وحزب الأرندي وهو الحزب الثاني في البرلمان من حيث المقاعد يدعمان الرئيس بوتفليقة وحكومته على طول الخط. 

وقال صدارة انه لا يوجد تعارض بين السلطة والبرلمان لأن الاغلبية مساندة للحكومة وتقوم بالمصادقة بالإيجاب على قوانينها التي ترى أنها تسهل مهامها، وهو أمر منطقي ويحدث في كل البرلمانات العالمية التي تحوز فيها الحكومة على الأغلبية البرلمانية. من جهة أخرى تمنى المتحدث أن تكون التعديلات الدستورية القادمة عميقة وتكرس مبدأ الفصل بين السلطات وتمنح السلطة التشريعية حيزا كبيرا، يتسنى لها من خلاله مراقبة الحكومة مراقبة حقيقة حتى وإن كانت تمثل نفس اتجاهها السياسي. وأضاف نفس المتحدث أن المشكل الحقيقي الذي يواجه السلطة التشريعية في البلاد هو ليس مشكل نصوص أو مشكل قوانين يجب سنها أو تعديلها وإنما المشكل يكمن في آليات تطبيق النصوص والقوانين ذاته. 

آمال. ط/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن