الوطن

المنظومة البنكية في الجزائر... إصلاحات غير مجدية وعجز في ترقية الاستثمار الوطني

توجه قدراتها لتمويل القروض المصغرة كعملية مربحة واسترجاع سريع لرؤوس الأموال

 

  • ناصر سليمان لـ"الرائد": النظام المصرفي الجزائري متأخر وغير قادر على مواجهة الأزمات

 

قررت الحكومة مؤخرا العودة للقروض الاستهلاكية، في وقت أبدت استعدادها لمراجعة سياستها فيما يخص التجارة الخارجية، من خلال تطوير الصادرات خارج المحروقات وتشجيع المنتوج المحلي وترقيته وتطوير الاستثمارات الوطنية، كإجراءات إستعجالية فرصتها الوضعية الاقتصادية الحالية للجزائر في ظل إنخفاص أسعار النفط وبداية تراجع احتياطي الصرف، وأمام كل هذه المعطيات يطرح إشكال "انعدام فعالية" النظام المصرفي المحلي، وضرورة مراجعته ليصبح أساس الاستثمار الوطني والأجنبي ومدى انسجام الساحة المالية الوطنية مع قواعد الأمن المالي العالمي وقدرتها على ترشيد احتياطي الصرف الذي تتمتع به الخزينة العمومية حاليا والذي بدأ في التراجع.

تعاني الجزائر مشاكل نوعية بشأن المؤسسات المالية ويتعلق الأمر خصوصا بقدرة جلب والحفاظ على تدفقات الاستثمار، حسب تقارير صندوق النقد الدولي، وهو الأمر الذي دفع بالسلطات العليا للبلاد للإعلان عن حزمة من الإصلاحات للمنظومة المالية ضمن تصور عام للارتقاء بمستوى الأداء النقدي وعصرنة القطاع المالي، بعد الانتقادات الكثيرة التي طالت الأخير من متعاملين داخليين وخارجيين، خاصة في سياق الأزمة المالية الدولية وانخفاض اسعار النفط ما يستدعي صلابة مالية كبرى للمؤسسات المصرفية لتتمكن من الوفاء بالتزاماتها، إذ أعلن وزير المالية في العديد من التصريحات السابقة أن تحديث المنظومة المصرفية والمالية يعد "إحدى أولويات" السلطات العمومية.

وتقتصر قدرات البنوك العمومية حاليا على تمويل القروض المصغرة قصيرة الأجل وهو ما دفع بالحكومة للعودة للقروض الإستهلاكية كونها عملية مربحة بالنسبة للبنوك وفيها دوران سريع للأموال، بينما ترفض أغلب البنوك العمومية التوجه لتمويل الاستثمار الداخلي لما فيه هذا الأخير من مخاطر للبنوك كون القروض فيه طويلة المدي وحركة رؤوس الاموال فيه بطيئة وبالتالي فإن البنوك في الجزائر تريد استثمارات وتمويلات قصيرة لأنها تضمن الفعالية واسترجاع رؤوس الأموال في وقت قصير وبالتالي الربح السريع.

لكن هذا الإجراء بحسب الخبراء يأتي مخالف لما تحاول السلطات العليا للبلاد تطبيقه فيما يخص التجارة الخارجية وتطوير الصادرات خارج المحروقات والتخفيف من عبء الوردات على خزينة الدولة كون العودة للقروض الاستهلاكية وحصرها على المنتوج الوطني الغير موجود أصلا سيشجع عملية الاستيراد لنعود للإشكالية ذاتها.

ناصر سليمان لـ"الرائد": النظام المصرفي الجزائري متأخر وغير قادر على مواجهة الأزمات 

وفي هذا الصدد يؤكد الخبير الاقتصادي والمالي ناصر سليمان في اتصال هاتفي مع "الرائد" أن مسايرة النظام المصرفي الجزائري للتطورات العالمية تتطلب اتخاذ بعض الإجراءات أهمها المراجعة المستمرة للمنظومة القانونية المصرفية إذا يسجل عليها التأخر في مواكبة التطورات العالمية فيما يتعلق بالتقيد ببعض معايير الرقابة المصرفية وقدرتها على مواجهة الأزمات كما أن قانون النقد والائتمان رقم 10 لسنة 1990 لم تتم مراجعته إلا بصدور الامر رقم 11 لسنة 2003 إلا بعد إفلاس بعض البنوك الجزائرية وبعد فضائح الخلفية، وذات السياق طالب سليمان بضرورة تعزيز استقلالية البنك المركزي ليمارسها بصفة فعلية، مضيفا أنه على البنك المركزي المسؤول الاول على توجيه البنوك في الجزائر وضع قوانين صارمة للبنوك من أجل التقيد بنسبة لا تتجاوز الـ40 بالمائة لتمويل التجارة الخارجية فيما يخص شق الإستيراد فيما تخصص النسبة الباقية من التمويل للاستثمار الداخلي وعن ضرورة تعديل قانون النقد قال ناصر سليمان ان هذا القانون عرف منذ تغييره سنة 2003 عدة تعديلات والمشكل لا يكمن في هذه الأخيرة وإنما في مدي تطبق هذه التعديلات حيث أعطي مثال في هذا الصدد أنه في سنة 2011 تم إدخال تعديل يقضي بضرورة إدخال قاعدة 51/49 بالنسبة للبنوك الخاصة التي تنشط في الجزائر بينما نري أن هناك الكثير من البنوك هي 100 بالمائة أجنبية في حين توجد بنوك أخري مختلطة نسبة الراس المالي الاجنبي يتعدي 56 بالمائة على غرار بنك البركة. 

 

س. زموش

من نفس القسم الوطن