الوطن

"أونساج".. الحلم الذي تحول إلى كابوس

بعد أن باشرت الوكالة بمتابعة الآلاف من أصحاب المشاريع قضائيا

 

أرقام مشجعة تلك التي أفرجت عنها وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي حول نسبة نجاح مشاريع لونساج التي قدرتها بـ 95 بالمائة من المؤسسات المنشأة في هذا الإطار، والتي لا تزال موجود على الساحة الإقتصادية، لكن السؤال المطروح كيف هي وضعية هذه المؤسسات من الناحية المالية كون معيار النجاح منطقيا هو المشاركة في الحياة الإقتصدية ودفع عجلة التنمية وليس فقط الوجود وامتلاك السجل التجاري. وعكس ما تروجه أرقام الوزرة فإن الواقع يقول العكس فالآلاف من الشركات المصغرة تواجه مشاكل في التمويل والتسيير وكذا تسديد القروض الأمر الذي يهدد أصحابها بالسجن ليتحول مشروع لونساج من حلم إلى كابوس بالنسبة للكثيرين رغم الأمل الذي بعثته فيهم الحكومة عند الحديث عن مسح للديون كما تم الترويج له خلال الحملة الانتخابية للعهدة الرابعة ليتضح فيما بعد من خلال تصريحات مدير الوكالة أن مسح الديون هو ضرب من الخيال وأن هذه التصريحات مجرد وقود لحملة انتخابية تدخل ضمن سياسة الترغيب التي اتبعها وكلاء الرئيس وأن أصحاب لونساج المتهربين من دفع الديون يقابلهم خياران إما التسديد أو السجن. 

 

أزمة تمويل يعيشها أصحاب المشاريع و440 مليار أنفقت في مشاريع النقل !

بلغت عدد المشاريع الممولة من طرف "اونساج" 330 ألف مشروع منذ تأسسيها، في حين انحصرت أغلب المشاريع الممونة في القطاع الفلاحي الصناعي والخدماتي، وأكدت وزارة العمل أنه ما بين 70 إلى 75 المائة من القروض الممنوحة للشباب لإنشاء مؤسساتهم المصغرة سددت، وأن 95 بالمائة من المؤسسات المنشأة في هذا الإطار عاشت، ولم يمت منها سوى 05 بالمائة فقط، أما ما نسبته 25 بالمائة من الشباب الذين لم يتمكنوا من تسديد مبالغ القروض بسبب مشاكل وقعوا فيها فإن الدولة ترافقهم للخروج من هذا المأزق.

مشروع لونساج الذي بدأ واعدا في بداية تأسيسه وكان يمول مشاريع النقل بميزانية تصل إلى المليار سنتيم حيث تم صرف أكثر من 440 مليار دينار لتمويل هذه المشاريع حسب بعض الأرقام بدأ إستراتيجية جديدية الفترة الأخيرة، ففي الوقت الذي تحدث فيه الحكومة عن مراجعة كيفيات تمويل المؤسسات المصغرة، التي تستحدث ضمن أطر آليات تشغيل الشباب منها "أونساج" من خلال تحسين قيمة سقف القروض الذي لا يتجاوز المليار سنتيم، ورفعه إلى 5 ملايير سنتيم، إصطدم أغلب الطالبين لمشاريع لونساج بمشاكل نقص التمويل وشحه حيث تطالب الوكالة من أصحاب المشاريع عند تقديم الدراسات المالية بخفض ميزانيتهم إلى النصف دون تبرير أن كان هذا الإجراء يدخل في إطار سياسة التقشف الذي تتبعه الحكومة أم بسبب خوف الوكالة من عدم قدرة صاحب المشروع على دفع قيمة القرض مستقبلا كما يحدث للألاف من الشباب، دون أن تولي لونساج أهمية لعامل أنه كلما كان التمويل ضعيف كلما زادت نسبة فشل المشروع وبالتالي وضع الشاب المستفيد في أزمة مديونية دون أن يحقق مشروعه شيء.

 

المنح العشوائي وراء تجميد عدد من المشاريع 

مشاكل نقص التمويل ليست هي السبب الوحيد في فشل الآلاف من مشاريع لونساج وإنما هناك أسباب أخرى كثيرة من بينها المنح العشوائي للمشاريع دون الأخذ بعين الاعتبار احتياجات كل منطقة وخصوصياتها وهو الأمر الذي قاله صراحة مدير الوكالة مراد زمالي عندما أكد أن مشاريع لونساج كانت تمنح بطريقة عشوائية الأمر الذي خلق فوضي كبيرة وفائض أكبر من مشاريع محددة بعدد من الولايات لتؤكد معطيات الوكالة أن الاستمرار في هذه المشاريع سوف يؤدي للفشل، وهذا ما حصل مع المشاريع التي لها علاقة بالنقل حيث صدر قرار بتوقيفها سنة 2011، وذلك بعد دراسة أفضت إلى أن جل هذه المشاريع كانت فاشلة وفي حال الاستمرار فيها يمكن أن تحدث كارثة. ليصدر المدير العام للوكالة أمرا مع نهاية سنة 2014 لمسؤولي الوكالات عبر الوطن، بوقف استلام ومعالجة الملفات الخاصة بـ6 نشاطات، وهي تأجير بواخر النزهة وتحويل البلاستيك وإنشاء مؤسسة الطاكسي وتنظيف الملابس والمخابز وصنع الحلويات، وتذكيرهم بالتعليمة السابقة التي أمر بموجبها تجميد تمويل النشاطات التي تتعلق بنقل البضائع، نقل المسافرين، شاحنة التبريد، النقل الخاص، تأجير السيارات، وتأجير عتاد الأشغال العمومية. ودعوة السلطات المحلية وعلى رأسها رؤساء البلديات بضرورة إرسال تقارير بخصوص المشاريع التي تعرف نقصا على مستوى البلدية ليتم تمويلها مباشرة.

 

أصحاب مشاريع لونساج الفاشلة يواجهون السجن !

من جهة أخري يعرف الألاف من أصحاب مشاريع لونساج مشاكل في تسديد قروضهم كون مشاريعهم لم تحقق النجاح ويواجه أصحاب هذه المشاريع تهمة تبديد الأموال حيث تم احالة ملفات عدد كبير منهم على العدالة بينما واجه البعض منهم أحكام بالسجن بعد متابعات قضائية اثر خيانتهم للأمانة وتم في هذا الشأن حسب مدير الوكالة تطبيق قانون صارم وعقوبات في حق كل مخالف ومتعدي على القانون قام بنهب المال العام، في حين سيجبر كل مخالف ومعتدي ووفقا لما تنصه الاجراءات الجديدة على تسديد أموال البنك بعدما يوجه البنك اعذارات للمستفيدين المتابعين ومقاضاتهم أين سيجبرون على تسديد رسومات القرض من خلال غرامات مالية أين يكون التسديد دفعة واحدة واسترداد مستحقات البنك.

كما تم رفع دعاوى قضائية ضد أصحاب المؤسسات المصغرة الذين ثبت قيامهم ببيع عتاد مؤسساتهم، أو تحويل الأموال نحو وجهة أخرى، وتعمل الوكالة هذه الفترة على مراقبة وتصفية الملفات من خلال لجان أسندت لها مهمة التحقيق في جميع الملفات المشبوهة والمطروحة على مستوى الوكالة وكشف المحتالين وإحالتهم على العدالة لتطبيق الإجراءات القانونية في حقهم، سيما الشباب المتحايل على الوكالة والمستفيد من مشاريع على غرار مشروع الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة والذي يسعى للاستفادة من تسهيلات وكالة لونساج لتمويل مشاريع إضافية.

 

شباب يبيعون عتاد لونساج للزواج وشراء السيارات السياحية !

بالمقابل ليس كل أصحاب المشاريع الذين لم يسددوا ديونهم يواجهون مشاكل تمويل أو تسويق فبعض أصحاب المشاريع لم يبدوا مشاريعهم أصلا وإنما حولوا قيمة القرض لشراء السيارات والسياحة وكراء مساكن للزواج بينما حول الكثير من الشباب نشاطهم لنشاطات لا علاقة له بالمشروع المقدم للوكالة خاصة مشاريع النقل وأصحاب شحنات نقل البضائع وغيرها لكن حجة المتهربين من دفع ديون القروض في ذلك هو أن قيمة القرض حقهم من البترول مؤكدين أنهم لو وجدوا عمل مستقر بأجرة محترمة لما فكروا في اقتراض الأموال من البنك خاصة وأن أغلب مشاريع لونساج حسبهم فاشلة لأن الوكالة لا ترافقهم لوضعهم على الطريق الصحيح، ويطمح هؤلاء في مسح الدولة لدينهم مع عدم مسائلتهم قانونيا وهو ما دفعهم للخروج للشارع في عدد من المرات. مطالبين بإلغاء جزئي أو كلي لديونهم المتراكمة ومسح الفوائد الملزمين بها والمقدرة بـ5,7 بالمائة، وتمكينهم من التعليمة التي شملت المستفيدين حديثا من نفس القروض، مع ضرورة إعادة النظر ووضع دراسة شاملة للمشاريع قبل توكيل المستفيد من القرض للتقيد بها.

 

مسح الديون.. وقود العهدة الرابعة.. وإجراء مستحيل تطبيقه !

وجاءت دعوة مسح الديون هذه وما صاحبته من احتجاجات لأصحاب المشاريع الفاشلة بعدد من الولايات بعدما تم تداوله اثناء حملة الرئيس بوتفليقة لتوليه العهدة الرابعة حيث روج وكلاء الرئيس آنذاك أنه سيتم مسح ديون شباب لونساج وأكدت مصادر إعلامية أن الوزير الأول عبد المالك سلال وتطبيقا منه لتعليمات تلقاها من طرف الرئيس بوتفليقة، كلف لجنة مختصة تعمل تحت وصاية الوزارة الأولى بتقديم تقرير شامل ودقيق بالبيانات والأرقام التفصيلية حول ديون الشباب المتحصلين على قروض بنكية ضمن صيغتي ”لونساج” تحضيرا لبدء مسح هذه الديون كما وعد سلال خلال تنشيطه لحملة الرئيس بوتفليقة لكن الحكومة تراجعت عن هذا القرار بعدما صنع الجدل في أوساط الشباب أصحاب المشاريع ليقطع المسؤول الأول بالوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، الطريق أمام الشباب الآملين في أن تقوم الحكومة بمسح ديونهم، موضحا أن هنالك عدة إجراءات وخطوات تتبعها مصالحه في حال ما إذا فشل المستفيد في تحقيق المشروع، أهمها إعادة جدولة الديون والتكفل بمحاولة إعادة بعث المشروع من الجديد من خلال تكوين وتوجيه المستفيد، معتبرا أجراء مسح الديون يتنافي مع استراتيجية الوكالة والهدف المنشود من إنشائها، كما أن هذا الإجراء ستنجر عنها فتنة كبيرة، وسيفتح المجال أمام مستفيدين آخرين للمطالبة بمسح ديونهم.

 

س. زموش

من نفس القسم الوطن