الوطن

إلغاء المادّة 87 مكرر.. الكذبة الكبرى من حكومة سلال

الطبقة السياسية انتقدت تأخر الحكومة في تطبيقها.. وأقرت بوجود فشل في فكّ "ألغام" الجبهة الاجتماعية

 

حالة الترقب لدى الطبقة الشغيلة في الجزائر من القطاعين الخاص والعام لإقرار أهم مكاسب العهدة الرئاسية الرابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تحولت مع مرور الوقت إلى حالة "قلق" بسبب تماطل الحكومة في الكشف عن موعد رسمي وثابت لتطبيق الزيادات ونوعيتها للفئات المعنية بسلم الأجور الجديد في الجزائر والتي ستشمل في مرحلتها الأولية الفئات الهشة فقط، كإجراء أفرزته تداعيات انهيار أسعار البترول على الخزينة العمومية الجزائرية، ورغم تطمينات الحكومة سواء عن طريق المكلف بالجهاز التنفيذي عبد المالك سلال أو الوزراء المعنيين بهذا القرار كوزارة العمل والمالية، إلا أن الطبقة الشغيلة التي كانت تنتظر أن تطبق الزيادة في شهر جانفي الفارط تكون قد فقدت الثقة في الحكومة الحالية واعتبرت ما جاء من نتائج الثلاثية الأخيرة مجردّ زوبعة في فنجان، وما زاد من مخاوف هؤلاء هو التغير في لغة خطاب المسؤولين وعلى رأسهم وزير العمل والضمان الاجتماعي محمد الغازي الذي تدفع به الحكومة في كلّ مرّة لإطلاق وعود "الطمأنة" كلما تأخرت في إقرار قرار الإلغاء خاصة وأن الوزير ومنذ الثلاثية الفارطة كشف عن ثلاث تواريخ لتطبيق الزيادات غير أن هذه التواريخ لم تصب لحدّ كتابة هذه الأسطر سهام الصواب وهو ما استثمرت فيه الطبقة السياسية خاصة تلك المحسوبة على تيار المعارضة لقصف الحكومة والسلطة على حدّ سواء واصفين إياها بـ"غير القادرة على فك ألغام الجبهة الاجتماعية".

وأجمع الساسة ممن سألتهم "الرائد" عن تداعيات "تخلف" الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الطبقة الشغيلة، خاصة وأن هذا الملف يعتبر أهم الملفات التي راهن عليها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خلال سباق المنافسة على كرسي الرئاسة لعهدة رابعة، على أنّ المركزية النقابية التي يشرف عليها عبد المجيد سيدي السعيد هي المسؤولة عن هذا التماطل لكونها تخلت عن الدور المنوط بها في الدفاع عن العمال على اعتبار أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين يعتبر أكبر تكتل نقابي يضم العمال الجزائريين تحت سقفه، وفي الوقت الذي ينتظر فيه العمال من هذه الهيئة الدفاع عن حقهم في الحصول على زيادات في الأجر، تكون الهيئة قد انحازت لصف الحكومة وأصبحت تدافع أيضا عن خياراتها بما فيها خيار تأخير تطبيق القرار الذي صدر قبل أشهر وظل حبيس الأوراق الرسمية للمسؤولين في الجهاز التنفيذي، وخلص هؤلاء إلى التأكيد على أن" الغاء المادّة 87 مكرر أصبح أكبر كذبة تصدر عن حكومة عبد المالك سلال.

وعلى الطرف الآخر يرى العمال المعنيين بهذا القرار، بكون مسألة إلغاء الحكومة للمادة 87 مكرر من قانون العمل، تكون قد تحولت مع مرور الوقت إلى " زوبعة في فنجان" خاصة وأن المستفيدين منها لن يتعدى في أقصى تقديرات الحكومة مليون عامل من القطاع العمومي وحوالي مليوني عامل من القطاع الخاص، رغم وجود مطالب بضرورة وضع فئات أخرى عمالية في القرار المتعلقة بوضع صيغة جديدة لمضمون المادة 87 مكرر والمادة 87 من قانون العمل التي توضح الأخيرة بأن مفهوم الأجر فيه "يحدد الأجر الوطني الأدنى المضمون المطبق في قطاعات النشاط بموجب مرسوم بعد استشارة نقابات العمل والمستخدمين والتنظيمات النقابية الأكثر تمثيلا"، ويراعى عند تحديد الأجر الوطني الأدنى المضمون تطور متوسط الإنتاجية الوطنية المسجلة،الأرقام الاستدلالية لأرقام الاستهلاك،

الظروف الاقتصادية العامة، بينما المادة 87 مكرر فتتمحور حول مفهوم الأجر الذي " يشمل الأجر الوطني الأدنى المضمون، المذكور في المادة 87 أعلاه،الأجر القاعدي والعلاوات والتعويضات مهما كانت طبيعتها، باستثناء التعويضات المدفوعة لتسديد المصاريف التي دفعها العامل".

وعليه بإلغاء هذه المادة دون وضع نص أو صيغة جديدة للمادة فإنه سوف يتم الرجوع إلى المادة الأولى (المادة 87) والتي لا ترعي فيها فعلا شروط تحديد الحد الأدنى للأجر المضمون بحيث تم تحديده وفق اجتماع الثلاثة بـ 18000 دينار وهو لا يعكس مستوى الإنتاجية ولا ظروف الاقتصاد الجزائري.

الجبهة الوطنية الجزائرية: الحكومة تنصلت من الخطوة !

قال رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية جمال بن عبد السلام ان القرار الذي خرج به اجتماع الثلاثية اواخر السنة الماضية بإلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل لم يكن مدروسا بعناية وبالقدر اللازم باعتبار ان مثل هذه القرارات يجب ان تتمتع بقدر كافي من الدراسة ومن شتى المناحي، خاصة وان الجزائر تعتمد اقتصادا ريعيا لا يمكن التحكم في مداخيله. 

واعتبر بن عبد سلام في اتصال هاتفي مع "الرائد" الخطوة التي اقدمت عليها الحكومة بإلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل بعد اجتماع الثلاثية (مركزية نقابية، حكومة، ارباب العمل ) كانت متسرعة ومبنية على اسس ووقائع آنية، خاصة وان فترت اتخاذ هذا القرار كانت مريحة ماليا، اما عن عدم دخول هذا الالغاء حيز التنفيذ رغم خروجه في الجريدة الرسمة، فقد قال بن عبد السلام ان المماطلة في التطبيق متوقع ومنطقي بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد منذ عدة شهور او بالأحرى منذ تهاوي اسعار النفط والتي خسرت اكثر من 50 بالمائة من اسعارها في الاسواق العالمية، ويضيف بن عبد السلام ان السيولة المالية التي ستترتب عن الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل ستجبر الحكومة على التماطل اكثر فأكثر وهو ما يفسر بحسبه التأجيلات المتتالية، وذهب رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية ابعد من ذلك حيث اشار إلى امكانية الغاء هذا القرار من الاساس بحجة عدم قدرة الحكومة على تحمل تبعاته الاقتصادية الكبيرة والتي سيكون لها الاثر السلبي على الموازنة العامة. 

جيل جديد: على المركزية النقابية تحمل مسؤولياتها وأن تضغط على الحكومة !

فتح المتحدث بسم حزب جيل جديد سفيان صخري النار على الامين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، وتهمه بالانحياز إلى الحكومة وأرباب العمل ضد مصالح العمال اللذين من المفروض ان يكون اول المدافعين عن حقوقهم، معتبرا ان العكس هو الحاصل مستشهدا بتأجيلات المتكررة للحكومة عن تطبيق الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل والتي من المفروض ان يبدا الغاؤها في الفاتح من جانفي الماضي وهو ما لم يحدث لحد الآن. 

وأكد صخري في حديث مع "الرائد" ان المركزية النقابية تتحمل الجزء الاكبر بالنسبة له في هذا الموضوع بذات، لأنها بحسبه بعد ان اجتمعت مع الحكومة وأرباب العمل او ما يسمى بالثلاثة، لم تطالب بتطبيق ما اتفق عليه بل اكتفت بالعب دور المتفرج، وهو الدور الذي قال عنه صخري انه مشبوه ويعد تواطؤ على حقوق عمال القطاع الخاص والعام، وأضاف صخري ان على الجزائريين ان يكفوا عن الحلم بتطبيق ما اتفق عليه العام الماضي لان السلم الاجتماعي الذي تعودت الحكومة على شرائه بالمال لم يعد باستطاعتها شراءه الآن، بالنظر إلى حالتها الاقتصادية المتراجعة في الستة اشهر الاخيرة وسياسة التقشف التي تدعو اليها، وأضاف المتحدث بسم جيل جديد ان الآية الآن قلبت، والحكومة تعمل على جمع المال من العمال والمواطنين بدل ضخها وسياسة الضرائب خير دليل على ذلك، كما توقع صغري ان يتم العدول عن قرار الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل وفي احسن الاحوال قد تؤجل مرات اخرى كما حاصل الآن.

جبهة التغيير: تهرب الحكومة من إلغاء المادة 87 مكرر كان متوقعا 

رأت جبهة التغيير ان السبب الرئيس وراء تأجيل تطبيق الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل من شهر جانفي وهو الموعد الرسمي المفروض بحسب الجريدة الرسمية، إلى شهر افريل ثم جوان هو تراجع اسعار النفط التي باتت تمثل هاجسا بنسبة للحكومة خاصة وان هذه الاخيرة تعتمد على مداخيل النفط بنسبة تفوق 95 بالمائة. 

وقالت الجبهة على لسان متحدثها الاعلامي ادريس ربوح لـ "الرائد" ان التأجيلات المتكررة كانت متوقعة في ضل انهيار اسعار النفط، بالإضافة إلى عدم اتخاذ الحكومة كامل التدابير التي تضمن الغاء هذه المادة التي تتطلب اموالا كبيرة كل سنة وترفع من مصروفات مزيانية الدولة الخاصة برواتب عمال القطاع العام والذين يفوق عددهم 4 ملايين عامل، وعن كيفية تحصيل العمال حقوقهم طالب ربوح الاتحاد العام للعمال الجزائريين بالضغط على الحكومة من اجل تحصيل حقوق العمال، كما دعا الاحزاب السياسية في لعب دورها والضغط هي الاخرى على الحكومة في البرلمان من اجل التسريع في الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل مادام انها صدرت في الجريدة الرسمية وباتت قانونيا ملزمة للحكومة.

الأفلان: قرار إلغاء المادة 87 مكرر لا رجعت فيه 

اعتبرت جبهة التحرير الوطني الحديث عن تراجع الحكومة عن الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، لمجرد انها تأخرت في تطبيقها على ارض الواقع وتأجيل ذلك إلى شهر جوان القادم، امرا منافي للواقع ولا يمت له بصلة.

وأكد القيادي بالحزب العتيد مصطفى معزوزي ان شهر جوان سيكون بداية تطبيق الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل حسبما اعلنه وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي محمد الغازي، معتبرا التأخر في تطبيق هذه المادة مرده تعقيدات قانونية وإجرائية لا غير، مضيفا ان الحديث عن تراجع الغائها غير منطقي لان هذا القرار اصبح ملزما ونافذا بعد صدوره مباشرة في الجريدة الرسمية كما ان قرار الغاء هذه المادة اتخذ ن طرف الرئيس شخصيا وهو الضامن على عدم التراجع عنها، وطمأن نفس المتحدث العمال عن حقوقهم التي قال انه سيأخذونها كاملة باعتبار ان الغاء المادة سيكون بأثر رجعي ابتداء من اول جانفي الماضي.

 وبالنسبة إلى تأثير عائدات النفط على هذه المادة بذات قال معزوزي ان تراجع اسعار النفط اثر على مداخيل الدولة كلها ومن الطبيعي ان يكون له الاثر السلبي على ميزانية الدولة لكن الحكومة تعرف عملها وما كانت لتتخذ اجراء مماثل لولا دراسته جيدا وبعناية ومن شتى الجوانب. 

حزب العمال: التدابير التنظيمية وراء دخول القرار حيز التفعيل !

ارجع حزب العمال التأجيلات المتكررة من طرف الحكومة لإلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل والتي كان من المزمع ان تدخل حيز التنفيذ في الفاتح من جانفي الماضي قبل ان يتم تأجيلها إلى افريل ثم جوان، إلى تأخر في التدابير التنظيميه والقانونية. 

واستبعد المتحدث بسم الحزب جلول جودي في حديث له مع "الرائد" ان تكون التأجيلات المتكررة لالغاء المادة المعنية، سببها تهرب الحكومة من التزاماتها التي قطعتها في السابق خلال اجتماع الثلاثة شهر سبتمر الماضي، واضاف جودي بقوله ان الغاء مادة كالمادة 87 مكرر، تتطلب اجراءات قانونية ومالية كبيرة، ولذلك يجب الصبر والتريث قبل الحكم على نية الحكومة، مضيفا ان حقوق العمال مكفولة خاصة وان القرار متى نفذ سيكون بأثر رجعي وهذا على حد قوله ضامن مهم، اما القول بأن الحكومة تحاول ربح الوقت بتأجيلها كل مرة الغاء هذه المادة، خاصة في ضل تدني اسعار المحروقات، فقد قال جودي ان هذا غير وارد لانه وحتى بسعر الحالي للبترول والذي يتراوح ما بين 50 و55 دولار، يكفي الحكومة للوفاء بالتزاماتها خاصة وان السعر المرجعي الذي تعتمد عليه في الميزانية هو 37 دولار. 


خولة. ب/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن