الوطن

بعث القروض في ظل مراجعة سياسة التجارة الخارجية ...تناقض من حكومة سلال

خبراء اقتصاديون يحذرون من مغبة التوجه نحو القرض الاستهلاكي ويؤكدون لـ" الرائد":

 

  • مبتول: إعادة بعث القروض سيشكل عبء إضافي على الخزينة وسينمّي الاستيراد

 

رغم الوضعية المالية والاقتصادية التي تمر بها الجزائر بسبب انخفاض أسعار النفط وتراجع احتياطي الصرف أصرت الحكومة على إعادة بعث القرض الاستهلاكي حيث من المنتظر حسب الوزير الاول عبد المالك سلال إطلاقه  نهاية الشهر الجاري على أكثر تقدير  بعد إكمال الإجراءات المتعلقة بتحديد المنتوجات التي سيمسها القرض، وخلاف ما تحاول الحكومة إظهاره بأن عودة القروض الاستهلاكية ستساهم في دعم وتشجيع الإنتاج الوطني حذر خبراء اقتصاديون أن التوجه للقرض الاستهلاكي حاليا سيساهم في زيادة الواردات أكثر كون نسبة الاندماج في المنتوج المحلي ما زالت ضعيفة جدا ولا تتعدي الـ15 بالمائة وهو ما يتنافى والإستراتيجية التي أقرتها الحكومة مؤخرا حول التجارة الخارجية.

تناقضات كبيرة وقعت فيها الحكومة، ففي الوقت الذي أكدت فيه عزمها على تقليص الواردات التي اصبحت تشكل عبء على خزينة الدولة خلال الندوة الوطنية حول التجارة الخارجية سيساهم بعث القرض الاستهلاكي في هذا التوقيت بالذات بشكل مباشر في زيادة هذه الواردات في ظل الوضعية التي تعيشها مختلف المؤسسات الوطنية.

نسبة اندماج المؤسسات الوطنية  غير كافية للحديث عن منتوج وطني 

 وتنص المقاييس الدولية المعمول بها في تصنيف أي منتوج وطني أن تكون نسبة الاندماج 40 بالمائة، لكن الملاحظ، ومن خلال التجربة والدراسة، أن نسبة الاندماج في المؤسسات الوطنية أقل من 40 بالمائة بكثير فهي لا تتعدي الـ20 بأغلب المؤسسات، باعتراف وزير لتجارة عمارة بن يونس الذي أكد في أخر تصريح له أنه إن تم  الالتزام بنسبة 40 بالمائة فعلا كنسبة اندماج للمؤسسات الوطنية  فإن الحكومة لن تدمج أي سلعة كانت في هذا القرض. وهو ما يطرح إشكال  تصنيف الإنتاج الوطني وما هي المؤسسات التي تنتج فعلا شيئا يمكن أن نطلق عليه اسم المنتوج الوطني؟

وحتى أن تجاوزت الحكومة هذه الوضعية باعتماد نسبة أقل من 20 بالمائة لاندماج السلع فأن إشكال أخر سيطرح فخلاف ما تعول عليه الحكومة من خلال حصر القرض الإستلاكي على المنتوج المحلي يؤكد خبراء اقتصاديون أن القرض الاستهلاكي  سيساهم في زيادة الواردات كون  الإنتاج الجزائري مرهون باستيراد المواد الأولية وهو ما يبدو أن الحكومة لم تضعه في الحسبان، واهتمت فقط بإيجاد طريقة لتصريف المنتوج الوطني المكدس بعدد من الشركات على غرار سيارة رونو سمبول الجزائرية التي عرفت منذ إطلاقها مشاكل في التسويق.

المرسوم التنفيذي المتعلق بالقانون سيناقش خلال أيام

نقلت مصادر من الحكومة لـ" الرائد"، أنّ المرسوم التنفيذي المتعلق بالقانون يتواجد في الوقت الحالي على مستوى الأمانة العامة للحكومة حيث يرتقب أن يدرس ويناقش خلال اجتماع الحكومة المقبل الذي سيعقد قبل منتصف شهر أفريل الجاري، وعليه فإن مسألة إطلاق هذا المشروع ستكون مع نهاية شهر أفريل الجاري أو بداية شهر ماي المقبل على أقصى تقدير.

الحكومة تراهن على القدرة المالية للزبون والجزائريون يشككون !

 بالرغم من حرص الحكومة خلال المشروع الذي يتواجد الآن في شكل مسودة في انتظار الفصل فيها بشكل نهائي، على القدرة المالية للزبون الذي يطلب القرض إلا أن هذا الحرص قرأته الطبقة الشغيلة بأنه فرصة من الحكومة من أجل تسويق منتجات المستثمرين الجزائريين الذين يعتبر في غالبيتهم حلفاء للحكومة ولأجندة عملها، ويبقى مسألة الاقبال على مثل هذه القروض مرهونا بالامتيازات التي ستمنحها له الحكومة خاصة ما تعلق بمسألة النسبة على الفائدة.

مبتول لـ"الرائد": إعادة بعث القروض الاستهلاكية سيشكل عبء إضافي على خزينة الدولة وسينمّي الاستيراد 

وفي هذا الصدد حذر الخبير الإقتصادي عبد الرحمن مبتول في إتصال هاتفي مع "الرائد" من إن إعادة بعث القروض الاستهلاكية يتنافى تماما والإستراتيجية التي أطلقتها الحكومة لمواجهة الاستيراد خلال ندوة التجارة الخارجية، وقال مبتول أن حصر القرض الموجه للاستهلاك على اقتناء المواد المنتجة محليا، غير واقعي لعدم وجود نشاط منتج، وأن الحكومة اتخذت مثل هذا القرار لتصريف المنتوجات مضيفا أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن 70 بالمائة من الاحتياجات الوطنية مستوردة، وعليه استبعد مبتول أن يساهم اقتصار القروض الاستهلاكية على المنتوج المحلي في تطوير النشاط الاقتصادي وعمل المؤسسات، من منطلق أن معظم المواد الأولية تستورد من خارج الوطن، الأمر الذي من شأنه رفع حجم الواردات من هذا النوع من السلع، وهو ما سيخلق عبء جديد لخزينة الدولة، ولمواجهة هذا الإشكال قال مبتول أن الحل في إبرام عقود وتعهدات  مع الشركات المعنية بالقرض الاستهلاكي لرفع نسبة إدماجها إلى 50 بالمائة خلال الأربعة سنوات القادمة من أجل منح الأولوية للشركات الجزائرية المنتجة، من جهة أخري توقع مبتول أن تساهم عودة القروض الإستهلاكية الموجه للإنتاج الوطني في مسار انضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، فضلا عن اتفاقيات التجارة والشراكة التي تربط الجزائر مع الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، في حين أضاف أن الحكومة مطالبة بالأخذ بعين الاعتبار كل هذه الجوانب مستقبلا ووضع إصلاحات جذرية للنشاط الاقتصادي من شأنها منح المؤسسات الوطنية القدرة على المنافسة على الصعيد الدولي والإقليمي، بالإضافة إلى تحسين نوعية المنتوج المحلي.

زبدي: على الحكومة مراجعة الفوائد المفروضة على القروض الاستهلاكية

من جهته إعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفي زبدي أن عودة القروض الاستهلاكية سوف تكون في خدمة الاسر المتوسطة خاصة أنها معنية حصرا بالمنتوج الوطني الذي يتميز بأسعاره المعقولة ، وأضاف زبدي في إتصال هاتفي مع الرائد أن التحفظ الوحيد لدي جميعة حماية المستهلك يبقي في الفوائد المفروضة على القروض الاستهلاكية، والتي ترفضها الجمعية خصوصا تلك المتعلقة بشراء الأولويات على غرار الثلاجة، التلفاز. ودعا المتحدث السلطات إلى ضرورة أخذ هذه النقطة بعين الاعتبار لتدرسها اللجنة المكلفة بإعادة بعث القرض الاستهلاكي، والتي تعمل على التحضير للترسانة القانونية التي تضبط منح القروض الاستهلاكية مستقبلا، ومراجعة وتكييف المرسوم المسيّر لمنح القروض الاستهلاكية، وفي هذا الشأن، أكد زبدي أنه من غير الممكن أن يرد المواطن البسيط القرض الذي أخذه من البنوك بالفائدة، كون أنه عاجز أساسا عن شراء الأولويات بثمنها الرسمي، فما بالك بالفائدة،  كما دعا زبدي لحكومة للتفكير مستقبلا في قروض استهلاكية خدماتية كقروض للسياحة والزواج وحتى العلاج.

المستفيدون من القروض الاستهلاكية سيسددون 30 بالمائة من أجورهم شهريا 

وحسب مشروع المرسوم التنفيذي الخاص بإعادة بعث القروض الاستهلاكية فإن المبلغ الذي يوجب على المواطن تسديده للبنوك شهريا لن يتجاوز 30 بالمائة من أجور المواطنين المستفيدين من القروض الاستهلاكية، المعدل الذي تم تحديده وفقا لنفس المشروع تجنبا للاستدانة المفرطة. أما عن مدة تسديد القرض، فحدّدها المرسوم في مادته الثالثة بين 3 أشهر إلى 60 شهرا كحد أقصى، أي حوالي خمس سنوات، المدة المعتمدة سابقا لمنح قروض استهلاكية خاصة بالسيارات. وحسب الشروط المنصوص عليها في المادة 4 من المرسوم، فإن الشركات المعنية بقرار بعث القرض الاستهلاكي، تفرض على هذه الأخيرة ممارسة نشاط إنتاج بالجزائر، أو نشاط التجميع الموجّه لبيع بعض المنتجات والسلع، إلى جانب ضرورة تعامل الشركات المعنية بالقرار سواء من مؤسسات كبيرة أو متوسطة وصغيرة وحتى حرفيين بالفواتير.  وتضمنت القائمة الأولية للمؤسسات المعنية شركات وطنية تنشط خاصة في مجال إنتاج الأجهزة الكهرومنزلية والالكترونية، إلى جانب التأثيث مثل شركات ”إينيام” و”إيني” وحتى ”كوندور” و”سامسونغ سامحة” و«وودمانيفاكتور” و”بي.أر.سي” وغيرها ولن يقل مبلغ القرض الممنوح عن 20 مرة قيمة الأجر الوطني الأدنى المضمون، مما سيتزامن واستفادة العمال من الزيادات الجديدة التي ستنجرّ عن إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل ابتداء من جانفي المقبل.

 

س. زموش

من نفس القسم الوطن