الوطن

اليمين المتطرف لم يغير خطابه ضد الإسلام وتأثيره يبقى محدودا

عودة حزب ساركوزي إلى الواجهة في فرنسا

 

في كل مرة يفوز فيها اليمين المتطرف في الانتخابات الفرنسية سواء المحلية أو النيابية، إلا وعاد الجدل حول الإسلام والمسلمين بشكل يثير مخاوف الجالية المسلمة من عدة فعل الأحزاب اليمينية التي تلوك خطابا عدائيا ضدها، خاصة حزب ساركوزي الذي كثيرا ما اتسم خطابه بالمتطرف والداعي لإسلام فرنسي يتماشى وقيم العلمانية في البلاد، ونفس الشيئ تقوله مارين لوبان زعيم الجبهة الوطنية في خطاباتها الإنتخابية وعبر الإعلام، حيث ترافع دوما لصالح فرنسا للفرنسيين فقط ومحاربة الأصولية الإسلامية، لكن بعض الأوساط المسلمة في فرنسا لا ترى مخاوف جراء فوز اليمن بالإنخابات المحلية التي جرت مؤخرا كون حزبا ساركوزي ولوبان تأثيرهما محدود وينحصر في الأقاليم فقط.

أفرزت الانتخابات المحلية أو انتخابات الأقاليم التي جرت الأحد الماضي في فرنسا، عودة اليمين الجمهوري ممثلا بحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية بزعامة نيكمولا ساركوزي، إلى الواجهة، حيث حقق نتائج معتبرة رفقة الجبهة الوطنية، بينما تراجع اليسار الاشتراكي الحاكم، ومهما كانت النتائج، فعودة ساركوزي إلى الواجهة ولو في الأقاليم، فهذا يعني عودة نفس الخطابات التي كان يرددها باسم حزبه منذ فوزه بانتخابات الرئاسة في 2007، خاصة تلك التي تنتقد الإسلام والمسلمين في فرنسا، فساركوزي كثيرا ما رافع لصالح اسلام يتطابق مع العلمانية الفرنسية، وأبرز ما تضمنته خطاباته منذ صعوده عام 2007 إلى سدة الحكم إلى غاية الساعة، وسبق للرئيس الفرنسي الأسبق أن دعا إلى منع الحجاب في فرنسا، وانتقد تعامل الحكومة الإشتراكية وتساهلها مع الجالية المسلمة، خاصة في طريقة ممارسة الشعائر الإسلامية ودور العبادة، وسبق له أن التقى بإمام مسجد باريس دليل بوبكر رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بخصوص هذا الأمر، مؤكدا في إحدى التصريحات التي أدلى بها، " أننا لا نريد طائفية في فرنسا، لا نريد كذلك أي تضارب في القيم الفرنسية". وتنزعج مارين لوبان في خطاباتها من الأصولية الإسلامية وتحمل الجالية المسلمة سبب المشاكل التي يعاني منها الفرنسيون، لا سيما ما تعلق بالجريمة والإرهاب والتطرف، كما كان خطابها على الدوام يرافع لصالح فرنسا للفرنسيين فقط، برغم مرونتها في بعض الأحيان ومحاولة تفريقها بين الإسلام والإرهاب، ومهما يكن، فإن فوز اليمين المتطرف في انتخابات الأقاليم وتراجع حزب مانويل فالس المنتمي لليسار الاشتراكي، فإن تأثير هذه النتائج حسب بعض الأوساط المسلمة في فرنسا سيتعزز خاصة في الأقاليم التي يسيطر عليها اليمين، والتضييق على أماكن العبادة والسلوكات ضد المسلمين ستزداد في هذه الأماكن، بينما لا تتخوف الجالية المسلمة كثيرا من عودة اليمين المتطرف إلى الواجهة لأن تأثيره مهما كان عدائيا اتجاه الإسلام والمسلمين، فإن حضوره وسيطرته تبقى محلية ولن تتعدى إلى سن القوانين، وهو ما يجعل التأثير محدود، في وقت تصر الجاليات المسلمة على اعتبار فرنسا بلدها الأم وترفض التنازل عن معتقداتها الدينية، كما أن الحكومة الفرنسية والأحزاب السياسية ترى في الجالية المسلمة التي تفوق 7 ملايين نسمة، ورقة انتخابية لا يستهان بها، لذلك، كثيرا ما راعت الأحزاب هذا المعطى، وتجلى في خطاباتها المهاندة للإسلام.

رئيس مرصد مكافحة الاسلاموفوبيا في فرنسا عبد الله زكري لـ " الرائد" :

تأثير اليمين المتطرف محدود ولسنا متخوفون منه لأنه لا يملك سلطة سن القوانين

قلل عبد الله زكري، رئيس مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، من حدة تأثير اليمين المتطرف على الجالية المسلمة في فرنسا، مؤكدا في تصريح لـ " الرائد " أن فوز حزب ساركوزي في الإنتخابات المحلية ( الإقليمية ) لن يغير شيئا على مستوى القوانين على اعتبار أن القرارات المصيرية والقوانين التي تصدر ليست بيده، وإنما ينحصر دوره على المستوى المحلي فقط، وقال زكري إن الجالية غير متخوفة من خطاب اليمين المتطرف لأن على الواقع أمر مختلف.

وفي حديث هاتفي معه أمس، أوضح عبد الله زكري أن الانتخابات المحلية بفرنسا والتي أفرزت فوز حزب الإتحاد من أجل حركة شعبية الذي يقوده الرئيس الفرنسي الاسبق نيكولا ساركوزي، لا تثير نتائجها أية مخاوف على الجالية العربية المسلمة بالخصوص، ولا يرى رئيس مرصد مكافحة الاسلاموفوبيا أي تغير في الخطاب الذي سوقه اليمين المتطرف خلال الانتخابات الأخيرة، مشيرا في السياق أنه ومنذ 2007 غداة صعود ساركوزي للحكم في فرنسا، كان خطابه آناذاك متشددا اتجاه الإسلام  والمسلمين، وكان يدعو إلى إسلام فرنسي بمواصفات فرنسية، فالتصور الذي حملته خطاباته المتكررة هو نفسه الذي جاء في حملته الانتخابية الأخيرة، مما يعني أنه لا خطر حقيقي على الجالية بحسب المتحدث، فساركزي كان دوما يعارض فكرة الحجاب والمحجبات في فرنسا، لكنه لا يملك القدرة على سن القوانين حاليا، كما يعتقد زكري أن خطاب ساركوزي في الحقيقة، أشد تطرفا على الدوام من خطاب الجبهة الوطنية التي تقودها مارين لوبان، مضيفا أن هذين الحزبين المشكلين لما يعرف باليمين المتطرف المعارض لليسار المعتدل في فرنسا الممثل في الإشتراكيين، يحمّلان الشباب المسلم بفرنسا ومعه الجالية المسلمة كل المشاكل التي تعاني منها فرنسا، وبرغم هذا فالواقع أمر مختلف حسب زكري، إذ يقول أن المسلمين الفرنسيون يشعرون بأن فرنسا بلدهم ولا يمكن لساركوزي ولا لمارين لوبان بخطاباتهما المتطرفة أن يخرجوا مسلمي فرنسا من بلادهم، وبرأي زكري فمستقبل الجالية المسلمة في فرنسا غير مرهون بسيطرة اليمين المتطرف محليا كونها لا يملك آلية صياغة القوانين واتخاذ القرارات التي تخص الجالية المسلمة أو الديانة الإسلامية، ويقتصر تأثير ساركوزي ولوبان على الأقاليم التي فازا بها بالأغلبية بينما، المخاوف الحقيقية تكون لما يصل حزب ساركوزي إلى الحكم عن طريق الانتخابات، أما وأنه يتحرك على المستوى المحلي فدوره محدود، وقال زركي أن المرصد سواصل دوره المنوط به في ماكفحة ظاهرة الإسلاموفوبيا التي توسعت مع حادثة شارلي ايبدو الأخيرة.

مصطفى. ح  


من نفس القسم الوطن