الوطن

تضامن دولي يذلل من التحديات المعرقلة للتنمية في تونس

تونس تؤكد للعالم أنها أنجح تجربة في دول الربيع العربي

 

  • بن جانة: مسيرة تونس ايقظت روح المواطنة لدى الشعب التونسي

 

اثبتت تونس مرّة أخرى نجاحها كأول دولة عربية تحشد الرأي العام العالمي ضد الإرهاب وتشهد انزالا دوليا على أعلى مستوى، وذلك من خلال مسيرة عالمية ضد الإرهاب الذي استهدف متحف الباردو والسياحة في تونس، أول أمس، ويبدو أن السلطات التونسية نجحت في شحن روح المواطنة لدى الشعب التونسي ضد التهديدات الإرهابية، في وقت تواجه هي ودول الجوار ( الجزائر، وليبيا، ) نفس التحديات الأمنية، لكن تونس كما يرى ملاحظون تكون بهذه المسيرة قد أكدت أنها أنجح تجربة ديمقراطية في ثورات الربيع العربي عسكس ما يحدث في مصر وليبيا وسويا، وجاء التأييد العالمي والأوربي خاصة ليظهر معاملته لتونس بشكل لم يسبق أن حصل عربيا بهذا الشكل، فهل كان سيحدث نفس الشيء مع الجزائر وقد كانت عانت أكثر مما تعانيه تونس اليوم؟

المسيرة اعتبرت ناجحة كونها أظهرت تلاحم التونسيين كشعب وحد موحد في مواجهة التحديات الأمنية، وهي الدولة الحديثة العهد بالديمقراطية، فالمسيرة التي شارك فيها الآلاف من التونسيين والعديد من المنظمات العالمية وقادة العالم، وقفوا إلى جانب تونس، فقد جاب عدد من رؤساء دول وحكومات العالم أبرزهم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الحكومة الجزائري عبد المالك سلال ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، وغيرهم من الشخصيات السياسية، فحسب الملاحظين، فالمسيرة التي جابت شوارع تونس تنديدا بالإعتداء الإرهابي على متحف الباردو، أثبتت من الناحية الداخلية، قدرة السلطة في تونس على تعبئة الرأي العام االوطني وشحنها لروح المواطنة لديه في مواجهة التحديات الأمنية وإثبات نجاح التجربة الديمقراطية في تونس كأفضل نموذج ناجح لثورات الربيع العربي، المسيرة جاءت في ظرف وجيز شهدت فيه البلاد اعتاداء ارهابيا الأعنف من نوعه واستهدف قطاعا حساسا في البلاد هو السياحة، والمعروف أن هذا القطاع تستثمر فيه لوبيات أوروبية معظمها من جنوب اوروبا خاصة ايطاليا وفرنسا، وهو ما يفسر الإنزال الإيطالي والفرنسي على المسيرة من خلال حضور رئيس البرلمان الفرنسي ( الجمعية الوطنية الفرنسية ) الى جانب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وهو المشهد الذي يؤكد من جهة أن العالم يتعامل مع تونس كاستثناء، وقد أعاد هذا الوقوف الدولي مع تونس في مواجهة الإرهاب، نفس المشهد الذي عاشته فرنسا منذ اشهر قليلة، حيث جمعت باريس عددا معتبرا من قادة العالم تنديدا بحادثة شارلي ايبدو، ومن ناحية أخرى، تكون المسيرة الحاشدة التي شاركت فيها كل التشكيلات السياسية توحد مختلف الحساسيات للدفاع عن وحدة الوطن في وجه الإرهاب، وتأثير ذلك على الداخل التونسي كبير بدليل أن المؤسسات السياسية والدستورية في البلاد حديثة العهد، وقد خرجت البلاد من انتخابات رئاسية وبرلمانية ودستور جديد في ظرف قياسي دون انزلاها نحو المجهول، عكس ما تعيشه مصر وليبيا وسوريا والآن اليمن والعراق، فكل دول الربيع العربي لم تستطع انجاح التجربة الديموقراطية ودخل في صراعات فيما بين أجنحة سياسية وميليشيات مسلحة من أجل الظفر بالسلطة، وفي سياق آخر، تكون مسيرة تونس ضد الارهاب بمثابة رسالة إلى ليبيا بضرورة السير بنفس النهج للخروج من أزمتها، وتوحيد الليبيين ضد عدو واحد هو الإرهاب، أما الجزائر، فمشاركتها في المسيرة يمكنها أن تعني أنها تقف دوما إلى جانب تونس باعتبارها جارة شقيقة وأن أمنها من أمن الجزائر، لكن التعامل العالمي مع تونس بهذه الطريقة يطرح أكثر من تساؤل، خاصة وأنها دولة حديثة العهد بالإرهاب، بينما الجزائر مثلا عانت منذ سنوات وليات هذه الظاهرة وشهدت اعتداءات أعنف وافضح من اعتداء الباردو بتونس، فهل كانت فرنسا وأوروبا وقادة العالم لتشارك في مسيرة مماثلة؟ والتاريخ يشهد أن العالم أدار ظهره للجزائر في التسعينيات لما كانت الإرهاب يرتكب المجازر، وكادت الدولة أن تنهار.

عامر بن جانة: مسيرة تونس ايقظت روح المواطنة لدى الشعب التونسي

يرى المحلل الأمني عمر بن جانة أن المسيرة التونسية ضد الإرهاب حققت أكثر من نتيجة، فالسلطة في تونس تمكنت حسبه من تجييش الشعب التونسي رمزيا من خلال التعبئة الجماهيرية لإحتواء الأوضاع في الداخل ضد الإرهاب، واستطاعت بمشاركة الآلاف في مسيرة كبيرة أن توقظ الروح الوطنية وشحن المواطنة لدى التونسي وابعاد شباب تونس من الوقوع في يد الجماعات المتطرفة، وهذا هو الهدف من مثل هكذا مسيرات، أما من حيث تأثيرها على دول الجوار، فيعتقد الخبير الأمني بن جانة أن المسيرة ليس لديها تأثير على الدول المجاور، وفيما يخص المشاركة القياسية لعدد من قادة الدول ورؤساء الحكومات فيرى المتحدث أن هذا التجييش للمجتمع الدولي ما هو إلا تأكيد على نجاح التجربة الديمقراطية في تونس كنموذج لدول الربيع العربي الناجحة، أما الحضور اللافت لدول جنوب أوروبا مثل الرئيس الفرنسي ورئيس وزراء ايطاليا، فيعتقد بن جانة أن لهذا الإنزال دلالة مصلحية أكثر منها تضامن مع تونس، والدليل هو أن قطاع السياحة التونسي يسيطر عليه لوبيات من جنوب أوروبا خاصة الفرنسيين والايطاليين من خلال الاستثمارات في المجال، وحسبه أيضا، فتونس أثبتت من خلال المسيرة النسق السياسي مقارنة مع مصر مثلا، فالسلطة غير منسقة وتعاملت بعنف مع عمليات ارهابية، فقد تدخلت في درنة الليبية فور تعرض مواطنيها لعملية ارهابية على يد داعش، في حين تونس لم تتعامل بهذا المنطق وعرفت كيف تجلب الرأي العام الدولي إلى جانبها.

مصطفى. ح 

من نفس القسم الوطن