الوطن

السلطة تتهيأ للإعلان عن فضاء جديد للهيمنة و الاستمرارية

يضم منظمات المجتمع المدني ورجال المال والأعمال وسيحظى بدعم الأسرة الثورية

 

  • المجتمع المدني وعاء التنافس في الاستحقاقات السياسية المقبلة للجزائر

 

 ستشهد الساحة السياسية في قادم الأيام ظهور تكتل جديد يضم تشكيلات سياسية ومنظمات المجتمع المدني كما سيحظى بدعم الأسرة الثورية، بالإضافة إلى دعم الاتحاد العام للعمال الجزائريين، والمنظمات التي سبق لها وأن ساندت خيارات السلطة من الناشطين في مجال المجتمع المدني، وبحسب ما أشارت له مصادر مطلعة لـ"الرائد"، فإن هذا التكتل الجديد الذي سيحظى بدعم خاص من رجال المال والأعمال والمنظمات الفاعلة في المجال، يهدف في الأساس إلى التحضير للاستحقاقات السياسية المقبلة للجزائر، حيث سيدعم هذا الفضاء خيار الاستمرارية الذي يدافع عنه محيط الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة. واستبعدت ذات المصادر أن يذهب هؤلاء للإعلان عن حزب سياسي جديد يكون قطبا جامعا للأطراف التي تدعم الاستمرارية بعد نهاية فترة حكم بوتفليقة، لاعتبارات عديدة أهمها أن ميلاد حزب سياسي للموالاة سيضعف أحزاب "الاجهزة" القريبة من الرئيس وحلفائه والتي يأتي في مقدمتها حزبي الأفلان والأرندي، وعليه يكون الرأي قد استقر على بناء "تكتل" مجتمعي أكثر من سياسي يكون فضاء موسعا يضم المجتمع المدني والأحزاب والشخصيات وتنظيمات المال والأعمال تمهيدا لدعم خيارات المرحلة المقبلة خاصة استحقاقات 2019 او ما قبلها. ونقلت مصادر عن أطراف على صلة بالملف، أن محيط الرئيس عكف في الفترة الماضية، على التحضير بصورة جادّة لمرحلة ما بعد بوتفليقة، والتي ستبدأ بالنسبة إليهم حين انتهاء فترة حكمه الحالية في سنة  2019 او بحدوث مانع قدري، وتقول هذه المصادر بأن السلطة أوكلت لوزير قطاع الشباب عبد القادر خمري الذي يعتبر احد رموز ومنظري محيط الرئيس لما يملكه من خبرة وتجربة حزبية ونضالية وتأهيل علمي كل هذا وغيرها من المواصفات فرضت اعطاء خمري مهمة الترتيب لهذا المشروع، الذي يفترض ان تكون له وظائف سياسية ومجتمعية كما سيكون خطوة أخرى في التموقع المجتمعي وخنق القوى الاخرى المنافسة سواء كانت من داخل النظام او خارجه. ولم توضح مصادرنا الشكل القانوني الذي سيتخذه هذا الفضاء مع احتفاظهم بأن السعي مستمر من أجل ابقاء الادارة مجندة ومتعاونة مع المشروع، رغم ما حدث مع وزيرة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال مؤخرا، والتي حاولت الاسراع في الانخراط في هذا المسعى من خلال طلب رخصة لدى مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية من أجل التحضير لتجمع "كبير" يضم الفاعلين في المجال من المنظمات الشبانية والجمعيات الشبابية التي تعنى بهذا المجال، غير أن رفض مصالح بلعيز منحها الرخصة لعقد هذا التجمع طرح أكثر من تساؤل حول أسباب وتداعيات هذا الرفض.

ويقول بعض المراقبين ان الشروع بصورة فعلية في تجسيد المشروع بدأ من خلال ما يعرف بمشاركة الجزائر في المنتدى الاجتماعي العالمي الذي سيعقد بتونس في قادم الأيام، وقد حرصت الجزائر من خلال الحكومة على دعمه وتأطير الراغبين في المشاركة فيه. وزارات تعنى بالشباب لتأطير حراك المنظمات والجمعيات وأوضحت ذات المصادر بأن مساعي السلطة تصب في مجملها حول مسألة "الرعاية " كمرحلة أولية توليها الحكومة لهذه المنظمات، ولهذا الأساس حاولت في الوقت الذي يقوم فيه وزير قطاع الشباب من خلال حشدّ المنظمات الشبانية التي سيراهن عليها مستقبلا إلى التقريب من الجمعيات والنفوذ إليها والتحكم فيها مستقبلا وفي حراكها ضمن ما يعرف بـ" برامج مستقبلية لهذه التنظيمات"، والتي عرضت للنقاش في وقت سابق ضمن ندوات وجلسات الحوار التي عقدتها الوزارة مع القائمين على هذه التنظيمات. هذا التوجه الجديد في نظر مراقبين سيكون فرصة أمام السلطة لحث هؤلاء على دعم خيارات مجموعة لمرحلة ما بعد بوتفليقة التي لن يكون عن طريق رئاسيات مسبقة كما يروج البعض، فالرئيس يحوز على عهدة شرعية وستنتهي في 2019. كما أنه يؤدي مهامه كرئيس للجمهورية بصورة طبيعية في نظر العديد من المتابعين وفي نظر حلفائه، لهذا تبدو فرضية رئاسيات مسبقة بطلب من محيط الرئيس أمر غير مطروح. وعن هذا الملف الذي يكون قد أسال الكثير من الحبر في المرحلة الماضية، يرى مراقبون بأن إمكانية وجود حزب سياسي جديد للسلطة الآن كما حدث مع الأرندي سابقا، مستبعد لاعتبارات عديدة أهمها أن الظروف الحالية التي تعيشها أحزاب السلطة لا تساعد على ذلك، في ظل وجود رغبة عند بعض قيادات هذه الأحزاب في التقرب من أصحاب القرار والذي قد يكون لفرصة إنشاء حزب جديد مناسبة لإفراغ الأحزاب القديمة منها خاصة الأرندي والأفلان الذين علا صوت وخيارات رجال المال والأعمال فيهم على صوت المناضلين وتربعوا على مفاصل القرار وهياكل الحزب.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن