الوطن

حوارات الداخل وأزمة الفشل المتكرر

في الوقت الذي تنجح الدبلوماسية في مبادراتها الحوارية للآخرين

 

  • المعارضة: الجبهة الداخلية تدفع ضريبة تحسين صورة الجزائر دوليا

 

انكبت الجزائر في الآونة الأخيرة من خلال توجيهات رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة حول الحوار مع أطراف دولية لحلّ أزمات دول الجوار ومنطقة الساحل التي هي تصب ضمن أمننا واستقرارنا، وقد رأت أطراف سياسية في هذه الخطوة "فرصة" لإعادة مجد الدبلوماسية الجزائرية إلى سابق عهدها، بينما رأت أطراف أخرى محسوبة على تيار المعارضة بأن الخطوة تهدف إلى البحث عن مجدّ دبلوماسي خارجي ولعل أسباب هذا التصنيف في رأي هؤلاء جاء بعد أن أظهرت الحكومة والسلطة القائمة فشلا متكررا في إدارة أزمات الداخل والحوار بينها وبين شركائها السياسيين الآخرين خاصة الذين يقبعون في صف المعارضة، واتهم بعض هؤلاء ممن تحدثنا معهم السلطة بكون الجبهة الداخلية اليوم أصبحت تدفع ضريبة تحسين صورة الجزائر دوليا والتي حاول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ اعتلاءه سدّة الحكم في سنة 1999 أن يهتم بها بصورة كبيرة، على حدّ قول المحلل السياسي والدبلوماسي الأسبق عبد العزيز رحابي. ولهذا استضافت الجزائر طوال الفترة الماضية اجتماعات ورافعت لصالح المبادرات المتعددة صبت في مجملها حول "خدمة السلم والاستقرار الإقليمي والجهوي بمنطقة الساحل ودول الجوار"، كما عززت الحراك الأجنبي بالجزائر من خلال برمجة العشرات من الزيارات لرؤساء دول وحكومات في الأشهر القليلة الماضية، فكانت مفتاحا لحل النزاعات والأزمات في القارة الإفريقية والأوربية وحتى لبعض الدول العربية، بصورة لم يسبق أن قامت بها الجزائر، ولعل الملفت في الموضوع هو أن اصرار السلطة على فتح أبواب ومعالجة أزمات الخارجة قابله رفض لحوار الداخل سواء مع القوى السياسية أو مع انتفاضة الشعب بداية من أزمة غرداية وصولا إلى أزمة الجنوب التي كان آخرها الرفض الشعبي الواسع لاستغلال الغاز الصخري.

وصبت غالبية الآراء المتعلقة بمسألة الرهان على حوار الخارج في خانة عدم الرغبة في صنع توافق بين الموالاة والمعارضة أو بين الرئيس وخصومه السياسيين كما يعتقد رحابي، بينما أوضحت الأحزاب السياسية المنضوية في جناح المعارضة في ردها على سؤالنا حول " تداعيات الرهان على حوار الخارج والصمت المطبق الذي تقابل به السلطة حراك الجبهة الداخلية سواء على الصعيد السياسي الاقتصادي الاجتماعي سواء في خطابات الرئيس ورسائله أو في حراك الحكومة ووكلاءه وتأثير ذلك على الأوضاع في الجزائر خاصة فيما يتعلق بمسألة البحث عن التوافق الداخلي الذي أصبح مطلبا ضروريا في الوقت الراهن".

حمس: تقوية الجبهة الداخلية تتطلب فتح نقاش واسع مع المعارضة 

جددت تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي على لسان القيادي في حركة مجتمع السلم فاروق طيفور مطلبها للسلطة بضرورة فتح حوار وجاد قصد منح الفرصة لتقوية الجبهة الداخلية بدل التركيز على القضايا الدولية رغم أنها كانت من أهم المطالب التي طالبت بها المعارضة.

وفي هذا الإطار قال طيفور في اتصال مع "الرائد" أن فتح الحوار بين الفرقاء في بلدان الجوار ضروري من منطلق المقاربة السياسية لتقوية المقاربة الأمنية من أجل ضمان الأمن الداخلي, إلا أن تقوية الجبهة الداخلية ضروري لحماية البلاد من كل خطر يبهددها وتساءل محدثنا عن القدرة التي تملكها لحل الأزمات فيودل الجوار في حين لات زال هذه السلطة تدير ظهرها لمطلب المعارضة. كما استغرب طيفور القدرة التي تملكها لحل الأزمات في ودل الجوار في حين لات زال هذه السلطة تدير ظهرها لمطلب المعارضة.

جيلالي سفيان: السلطة فشلت في حل مشاكل الداخل وتحاول أن تسوق نفسها خارجيا 

اعتبر رئيس حزب جيل جديد جلالي سفيان تحركات السلطة الاخيرة اقليميا محاولة يائسة من اجل تجميل صورتها في الخارج، وسعيا منها إلى اكتساب شرعية خارجية تفتقدها في الداخل، منتقدا في نفس الوقت مساعيها الحثيثة في محاولة حل مشاكل الغير متناسية مشاكلها الداخلية التي تتخبط فيها منذ 15 سنة. 

وأكد جلالي سفيان في تصريح لـ "الرائد" ان السياسة التي تصر السلطة على انتهاجها تمثل خطرا كبيرا يهدد الدولة الجزائرية في كيانها ومؤسساتها، معتبرا في نفس الوقت تحركات الدبلوماسية الجزائرية الاخيرة في كل من الشأن الليبي والمالي ما هي إلا محاولة يائسة من اجل كسب شرعية خارجية للنظام افتقدها في الداخل، وذلك سعيا منه إلى فرض نفسه اقليميا وتسويق نفسه إلى الغرب على ان الجزائر في ضل حكم بوتفليقة قوة اقليمية لا يمكن الاستغناء عنها في المنطقة، من جهة اخرى انتقد جلالي سفيان سياسة تعامل السلطة مع ملفات الداخل وعلى رأسها ملف الغاز الصخري الذي اعتبرها فشلت فيه فشلا ذريعا، حيث انها لم تحسم امرها فيه كما انها لم تستجب إلى طلبات المحتجين الذين يعتصمون في ساحة الصمود بعين صالح لأكثر من ثلاثة اشهر متتالية، وأما عن الانسداد الحاصل في الساحة السياسية وغياب حوار بناء بين السلطة والمعارضة، فقد قال رئيس حزب جيل جديد ان السبب الرئيس في هذا الانسداد يعود إلى ممارسات السلطة التي تعتبر نفسها منزهة عن الخطأ وترفض اي نقد من المعارضة او غيرها، كما انها تحتقر كل معارضيها ولا تقبل ان يشاركها احد الحكم وكأن الجزائر خلقت لتكون تحت حكم هذه السلطة لا غير. 

حركة البناء الوطني: على السلطة أن تلتفت حول حوار الداخل وتعزيز الجبهة الداخلية

رأت حركة البناء الوطني بأن النجاح الذي تحققه السلطة على الصعيد الخارجي والذي أثبتته المبادرات المتعددة التي تقودها سواء فيما يتعلق بإيجاد حلّ للأزمة في ليبيا أو مالي، يدفع بها اليوم إلى الالتفاف حول مسألة تعزيز الجبهة الداخلية التي تبقى في نظر هؤلاء ضعيفة، ورأت الحركة في مسألة غياب الحوار بين السلطة القائمة وشركائها السياسيين أو الشعب كما يحدث في حراك عين صالح بتمنراست مسابقا في أزمة غرداية، دليل على غياب ثقافة الحوار.

خولة. ب/ مراد. ب

من نفس القسم الوطن