الوطن

السلطة تستعين بالدستور لإغراء خصومها

بعد فشل ورقة الأفافاس

 

 

تبدو الظروف التي أفرزها حراك التشكيلة السياسية لجبهة القوى الاشتراكية التي تعتبر أقدم حزب معارض في الجزائر مواتية أمام السلطة، للكشف عن وثيقة المشاورات التي قادها مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى حول الدستور منتصف السنة الفارطة، وقد مهد الحراك السياسي الذي خاضه الأفافاس برئاسة القيادة الحالية التي يتزعمها السكرتير الأول محمد نبو، على مدار الأربعة أشهر الماضية للسلطة لفتح باب الحوار والنقاش الذي يشكل نقاط توافق واختلاف بين الموالاة والمعارضة، ويرى مراقبون بأن الفرصة متاحة أمام رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ليستعين من جديد بالدستور لتحريك المشهد السياسي لصالحه، من خلال استدراج خصومه السياسيين إلى دائرته في ظل وجود "نية" عند بعض الأطراف المحسوبة على جناح المعارضة للتقرب من السلطة ما جعل مشروع "الوحدة" و"التوافق" بين هؤلاء على المحك، شأنه في ذلك شأن أجندة عمل هؤلاء التي لا تلقى الإجماع حولها في السرّ، خاصة وأن التشكيلة السياسية لحركة مجتمع السلم بقيادة رئيسها عبد الرزاق مقري لا تجد حرجا في الحوار مع السلطة ومؤسسات الدولة بداية من الوزير الأول وصولا إلى مدير ديوان مؤسسة الرئاسة وربما رئيس الجمهورية أيضا.

وتتوقع أطراف محسوبة على جناح السلطة بحسب تسريبات يروج لها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني، أنّ يكشف رئيس الجمهورية قريبا عن محتوى وثيقة الدستور. وقالت هذه الأطراف في حديث لها مع "الرائد"، أن خليفة عبد العزيز بلخادم على رأس الأمانة العامة للحزب العتيد عاد من جديد يؤكد لشركائه وحلفائه داخل اللجنة المركزية للحزب العتيد والمكتب السياسي للحزب بأن أسباب رفض الجلوس على طاولة الحوار بينهم وبين التشكيلة السياسية للأفافاس التي دعتهم للحوار مع المعارضة حول الاجماع الوطني جاءت بإيعاز من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ فقط بل أشار إلى أن أجندة عمل السلطة في المرحلة القادمة ستكون مرتبطة أساسا بالدستور. ولم يوضح سعداني بحسب تلك المصادر الآليات التي سيكشف بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن الدستور المقبل للبلاد وإن كان الغرض منه الذهاب به نحو إقراره ودخوله حيز العمل بعد المصادقة عليه؟ أم أن مؤسسة الرئاسة ستستدعي شركاءها السياسيين وحلفاءها الجدد إلى طاولة الحوار وخوض جولة جديدة من التشاور حول الوثيقة قبل الفصل في محتواها النهائي.

ورغم أن توقعات سعداني وتصريحاته التي يحرص على الإدلاء بها في كل ظهور إعلامي له حول وثيقة الدستور كانت دائما تصب في خانة بعيدة عن أرض الواقع وعن أجندة عمل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الذي دفع غيابه عن المشهد السياسي الداخلي إلا أن مراقبين ربطوا بين كيفية تعاطي السلطة وأحزاب الموالاة مع حراك الأفافاس كان يصب في مجمله حول أخذ المزيد من الوقت بالنسبة لرئيس الجمهورية وحشدّ مؤيدين لأجندته، هو الهدف الرئيسي الذي دفع بأحزاب الموالاة إلى المخاطرة بدعم علني لمبادرة الأفافاس في مرحلتها الأولية قبل أن يتم التخلي عنها في نهاية المطاف وفي توقيت حاسم.

ويرى مراقبون بأن الظروف المتعلقة بالبحث عن توليفة مناسبة لوثيقة الدستور تمنحه الشرعية الغائبة عنه بسبب عزوف أطراف المعارضة عن خوض الجولة السابقة المتعلقة بالمشاورات حول الوثيقة والتي قادها أحمد أويحيى خلال الفترة الممتدة بين الفاتح من شهر جوان و8 جويلية الماضيين قد تكون متاحة اليوم أمام الرئيس خاصة وأن أحد أطراف المعارضة _حمس _، أعلن عن شروعه في قادم الأيام عن خوض جولات من الحوار مع السلطة ومؤسسات الجمهورية والحكومة والأحزاب والمنظمات حول آليات إقرار التغيير المنشود في البلاد والذي يأتي في نظر جميع الأطراف عبر وثيقة الدستور.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن