الوطن
الريح القادم من سويسرا
سليمان شنين
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 فيفري 2015
لغاية كتابة هذه الأسطر لم يتسن لي قراءة التفاصيل الكاملة، وخاصة في ما يخص الجزائر في الفضيحة المدوية التي تناقلتها الصحف العالمية أمس، عن الحسابات البنكية السرية في البنك البريطاني HSBC وبالضبط في فرعه السويسري لعشرات الآلاف من السياسيين والفنانين ومن جنسيات مختلفة، ووردت أسماء عربية في تقرير الحسابات السرية التي تم إيداعها في الفرع السويسري للبنك، ويقول الصحفيون الذين باشروا التحقيق بأنها حسابات “مشبوهة”، أخفاها أصحابها عن مصلحة الضرائب أو مصدرها عملات في صفقات. وتجدر الاشارة أن التقرير قام به صحافيو لوموند الفرنسية وقامت بنشره جرائد أخرى ضمن ائتلاف لمناهضة التهرب الضريبي.
وتستند الوثائق على بيانات هربها في الأصل موظفٌ سابق في بنك HSBC وسلمت إلى السلطات الفرنسية في عام 2008.
ووفقا لموقع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) فقد حصلت صحيفة "لوموند" الفرنسية على نسخة من بيانات مصلحة الضرائب والتي تغطي الحسابات المصرفية لأكثر من 100 ألف عميل (الأفراد والكيانات القانونية) من أكثر من 200 بلد.
ما صدر عن الجزائر قليل، فقد أشارت المعلومات الأولية أن مجمل المبلغ المودع لغاية 2006 بلغ 671 مليون دولار وان عدد الزبائن ذوي الجنسية الجزائرية في حدود 440 زبون، وبالنظر للتحقيق فإن معظم زبائن البنك هم من المتهربين من الضرائب وأصحاب العمولات في المشاريع العمومية.
الائتلاف لمناهضة التهرب الضريبي الذي يضم صحف عالمية من مختلف الدول المتقدمة أو النامية نحن بأمس الحاجة في الجزائر للتعاون معه من اجل مكافحة الفساد، وهي دعوة أوجهها لزملائي في المهنة وخاصة أن المبالغ المودعة في البنوك الاجنبية تتجاوز عشرات المرات المبلغ المعلن عنه، ويمس اسماء كبيرة في السلطة الجزائرية وخاصة في العشرية الاخيرة التي اصبح المال الفاسد هو العامل الأساسي المتحكم في المشهد السياسي في الجزائر.
إن الصرخات الاخيرة التي صدرت من بعض رؤساء الاحزاب وخاصة لويزة حنون وفوزي رباعيين وغيرهم ممن أشاروا وشخصوا الفساد في شخصية رئيس منتدى رجال الأعمال، والكثيرون ايضا تحدثوا عن تورط قيادات سياسية حزبية ووزراء في قوائم الفساد.
الجزائريون ينتظرون القائمة الاسمية التي ستصدر عن لوموند وهي قطرة من بحر ، ولكن بعد تسريبات شكيب خليل وما عرف بفضيحة سوناطراك الأولى والثانية ستكون هذه الفضيحة مرة أخرى دليل آخر على عجز السلطة في متابعة الفاسدين، وخاصة أن المعطيات الاولية تشير إلى أسماء اعتبرت في مرحلة بوتفليقة غير قابلة للمحاسبة ولا المراقبة...