الوطن

الجزائر تعيش أزمة تمثيل والسياسي أصبح مذموما

أمام تنامي الاحتجاجات الشعبية ورفض الحضور الحزبي فيها سياسيون ومحللون يؤكدون:


عرفت مدن جزائرية كثيرة احتجاجات شعبية في معظمها ذات مطالب اجتماعية، ولكن حراك أهل الصحراء كان مختلفا إذ تضمن مطالب ذات نفع عام وتهم الأجيال مثل ما هو الحال في قضية ايقاف التنقيب على الغاز الصخري، والملفت للانتباه أن هذه الاحتجاجات قادها شباب غير متحزب في معظمه ولم يكتفي بهذا بل أن أغلبية المحتجين رفضوا ووقفوا ضد أي شخصية حزبية لتصدر المشهد وهو ما جعل البعض يستنتج أن الاحزاب أصبحت موبوءة وليست لديها قابلية عند عموم المواطنين وأن هذه الظاهرة توحي بخطورة الوضع أمام غياب أطر قانونية تؤطر المحتجين وفي معظم الوقفات الشباب الذي يقود هذه المظاهرات والمسيرات ليس لديه أي صيغة قانونية ولتسليط الضوء على هذه الظاهرة تواصلت "الرائد"، مع بعض الشخصيات وأحزاب لمعرفة وجهة نظرها حول أسباب وتداعيات رفض المحتجين في كل مكان الأحزاب والشخصيات السياسية لتنوب عن حراك الشعب !، في عين صالح  مثلا حتى الشخصيات الحزبية التي تنتمي للمنطقة رفض تواجدها في واجهة حراك هؤلاء.
الناشط السياسي أرزقي فراد: التعاطي مع السياسيين في الجزائر أصبح" مذموم " شعبيا !
أكد الباحث والناشط السياسي محند أرزقي فراد، على أنّ هناك شبه رفض شعبي لأجندات عمل القوى السياسية، سواء تلك التي تتواجد في صف الموالاة أو المعارضة من منطلق أنّ التعاطي مع السياسيين في الجزائر أصبح وبحكم التجربة " مذموم شعبيا"، وفي رده حول سؤال يتعلق برفض المحتجين إسناد مطالبهم للطبقة السياسية ورغبتهم في مشاركة القوى السياسية لحراكم الشعبي، قال الحقوقي أن هذا الموقف غير سليم بحكم أن المجتمع المدني والطبقة السياسية هما الوسيلتان الحضاريتان التي ينبغي على المواطنين الاستنجاد بهم للتوصل إلى حلول، إلا أن المواطنين يقول المتحدث معذورون لأنهم ملوا من "الدروشة السياسية " التي تقدم حلولا وهمية بدل أن تحول الحراك الشعبي الى مطالب سياسية وبالتالي أصبح التعاطي مع السياسيين في الجزائر مذموم –يضيف –فراد.
واعتبر الباحث والناشط السياسي محند أرزقي فراد أن ما يجري من حراك شعبي في الجنوب يعتبر ظاهرة صحية تعبر عن صحوة ثقافة المجتمع بالمنطقة مشيرا أن الأصل في الأمر أم يكون دورها مراقبة السلطة من منطلق حق المواطن في المراقبة السياسية والتي صنفها في خانة الأساليب المدنية لمراقبة السلطة.
المحلل السياسي سليم قلالة: طلاق الشارع بالسياسة جاء نتيجة لتمثيل وانتخابات غير صحيحة !
 أكد الناشط السياسي والدكتور سليم قلالة  أن أساليب التمثيل غير صحيحة الناتجة عن انتخابات غير سليمة  جعلت الشارع يتخلى عن الطبقة السياسية ويطلقها بالثلاثة، حيث دعا المتحدث إلى مراجعة أساليب التمثيل الشعبي بطرق شفافة، هذا واقترح المتحدث مراجعة أساليب التمثيل الشعبي بطرق شفافة عن طريق تنظيم انتخابات نزيهة يكون الشعب وحد الفيصل في من يراه يمثله عن استحقاق وجدارة.
قال الأستاذ قلالة في اتصال مع " الرائد"،  أن الحراك الشعبي في ولاية تمنراست كشف مدى ابتعاد الطقة السياسية عن عمق ما يعيشه السكان الذين يفضلون تبليغ رسالتهم دون وساطة سياسية بعد أن فقدوا الثقة في المسؤولين السياسيين الذين خذلوهم في العديد من المرات ولم يتوصلوا إلى حلول ملموسة لمطالبهم،  وأضاف قلالة يقول:" أن ممثلي الشعب عادة في الجزائر يؤكدون ميدانيا عدم قدرتهم على حل المشاكل الحقيقية وهو الأمر الذي حسبه ظهر في مختلف ولايات الوطن بدرجة أقل في الجنوب الكبير.
حركة البناء الوطني: الجزائر تعيش أزمة تمثيل !

رأت حركة البناء الوطني، على لسان الأمين الوطني المكلف بالإعلام سعد صدارة، بأن هذا الرفض هو تصرف طبيعي من هؤلاء، خاصة وأنّ الحراك الشعبي لطاما ارتبط في الشارع الجزائري بمسألة" التخريب" ومن هذه المنطلقات يأتي رفض هؤلاء للساسة، ويقول المتحدث في الصدد ذاته:"  طبيعي لأنهم يخافون تحزيب الاحتجاجات ويخافون أن تحسب السلطة احتجاجاتهم على طرف معين ويعرفون حساسية السلطة من الأحزاب ويعرفون أيضا أن بعض الأحزاب تستغل هذه الاحتجاجات لمصالحها الخاصة ويعرفون أيضا أن بعض الأحزاب تريد تمييع المطالب وبالتالي إفساد الحراك الشعبي".
وتعتبر حركة البناء الوطني التي يرأسها الشيخ مصطفى بلمهدي، أنّ:" هذا التنافر جزء منه من تأسيس السلطة التي لا تعترف واقعيا بالأحزاب وتتعامل معها كواجهة شكلية لتزيين الحالة السياسية وبالتالي تقلل من دورها بل وتهميشها وتعميق الهوة وحتى الخصومة بينها وبين المواطن، وبالتالي ضعف التأثير عليه والتفاعل معه فيفقدها المصداقية وهذه المعاملة السلبية من طرف السلطة للأحزاب السياسية تجلت في السنوات الأخيرة بشكل لافت مما زاد الهوة وزادت معها حدة المعارضة"، وتشير إلى أنّ هذا السلوك أفقد قيمة الأحزاب والعملية السياسية برمتها فجعل المجتمع يلجأ في احتجاجاته إلى السلطة مباشرة ولم يعد في حاجة إلى دعم الأحزاب السياسية أو الاستنجاد بها لرفع انشغالاته، بل صار ينفر منها لخوفه من إقصاء السلطة أو تجريمه لتسييس مطالبه، بالإضافة إلى أن هناك أحزابا سياسية غير قادرة على التفاعل مع احتياجات ومطالب المواطن بل بعيدة عنه وتصفق إما للسلطة وبالتالي تعتبر أدوات تزيين واجهة السلطة أو أنها صارت شخصانية غير مهتمة أيضا بمصالح ومطالب الشعب، وبالمقابل فيه رغبة من المواطن وبعض الأحزاب السياسية الفاعلة في العمل سويا لتحقيق مختلف المطالب ولكن لأن رغبة السلطة في توسيع الهوة بينهما وتهميش الأحزاب حتى لا يكون لها دور فاعل يجعل هذه العلاقة باردة وغير فاعلة ومؤجلة لوقت آخر.

وبالمقابل يرى سعد صدارة أنّه اليوم يتحتم على الأحزاب السياسية ضرورة أن تتقدم بخطوات أخرى أكثر جدية تجاه المواطن وتجاه مطالبه واحتياجاته وتدافع عنها بشراسة عبر مختلف الوسائل المتاحة لأنها في الأخير إنما تأسست لخدمته.
خولة. ب/ آمال. ط

من نفس القسم الوطن