الوطن
التقسيم الإداري لا يلقى الإجماع السياسي حوله
المعارضة اعتبرت تمسك السلطة به فرصة "لإلهاء" الشعب وخطوة لتهدئة حراك الشارع
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 فيفري 2015
شككت أحزاب المعارضة في أجندة السلطة على المدى القريب والتي أعلن عنها أمس أول الوزير الأول عبد المالك سلال من قبة البرلمان، خلال اختتام أشغال الدورة الخريفية لهذه الهيئة التشريعية، ورأت المعارضة في تمسك الحكومة بالذهاب نحو التقسيم الإداري الجديد الذي سبق وأن أعلن رئيس الجمهورية عن بعض محاوره في آخر اجتماع مصغر لمجلس الوزراء قبل أيام، قبل أن يطل الوزير الأول على الجزائريين بأجندة موسعة تتعلق بهذا المشروع، ورأت الكثير من الأطراف السياسية المحسوبة على المعارضة في حديث لها مع "الرائد"، بأن السلطة وعلى رأسها رئيس الدولة عبد العزيز بوتفليقة يكون قد أعطى وصفة خاطئة لحراك الشارع خاصة القائم بالجنوب الجزائري، لأن الشعب لم يخرج للبحث عن تقسيم إداري جديد ولا للانتفاضة ضدّ البيروقراطية كما أن هؤلاء لم يختصروا مشاكلهم في هياكل إدارية تسلط عليهم بعض الأطراف المزيد من "المحسوبية" المتفشية في أغلب الإدارات غير أن المشكل الحقيقي عند هؤلاء هو غياب الحوار وتفرد السلطة في اتخاذ قرارات "هامة" بصورة "مستعجلة" وطريقة غير مدروسة، وبالمقابل رحبت أطراف من أحزاب الموالاة بالقرار الذي جدد الوزير الأول التأكيد على أهميته مستقبلا سواء في منطقة الجنوب أو الشرق أو الغرب أو الوسط، ولم يعترض هؤلاء على توقيت القيام به خاصة وأنه يتزامن مع إعلان الحكومة عن سياسة "تقشف" لمواجهة تداعيات انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية الذي أثر بصورة كبيرة على الجزائر، وكان الأحرى بها أن تحافظ على سياسة تخفيض النفقات العمومية، وثمن هؤلاء القرار خاصة الذي مسّ المدن الجنوبية للوطن بل واعتبرت بعض الأحزاب خطوة "لتعزيز تواجد مؤسسات الدولة بالمنطقة الحدودية التي تشهد حراكا خطير يمس بالدولة".
عن هذا الموضوع يقول رئيس حزب جيل جديد، القيادي في التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي، جيلالي سفيان، إن تمسك السلطة وهو ما ظهر من خلال تصريحات مسؤوليها، بداية من قرارات اجتماع مجلس الوزراء المصغر الذي ترأسه بوتفليقة مؤخرا وصولا إلى تصريحات المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي عبد المالك سلال يؤكد على أن مشروع التقسيم الإداري الذي تراهن عليه السلطة مستقبلا يهدف إلى خلق" هدنة" بينها وبين الحراك الشباني الذي تشهده غالبية المدن الجزائرية، وأضاف المتحدث يقول: "إن الخروج بالتقسيم الإداري الجديد في الوقت الذي نشهد فيه غليان في الشارع الجزائري خاصة بمنطقة الجنوب الرافض لقرار استخراج الغاز الصخري يعد هروبا من الأمام للسلطة" وأكد جيلالي سفيان في الصدد ذاته بأن هذه السياسة لن تأتي بثمارها لأن هذا المشروع القديم يتم تجديده في كل مرّة تجد السلطة نفسها عاجزة عن التحكم في حراك الشارع تسعى للدفع بالملفات القديمة إلى الواجهة وتحيينها.
بدورها اعتبرت زعيمة حزب العدل والبيان، نعيمة صالحي أن الفرق بين الولايات المنتدبة والدائرة الإدارية المعتمدة في الوقت الراهن، يكمن فقط في استخراج بعض الوثائق وعدا ذلك فإن التقسيم الإداري الجديد بمفهومه الصحيح غير وارد في أجندة الحكومة التي سارعت للذهاب نحو التقسيم الإداري المستعجل للالتفاف حول مطالب شعبية أخرى خاصة تلك التي تأتي من الجنوب الجزائري، وترى نعيمة صالحي بأن إقرار ولايات منتدبة ليس الحل على الأقل بالنسبة لسكان أهل الجنوب الذين هم بحاجة اليوم على حدّ تعبيرها إلى:" إخماد لهيب الاحتجاجات ضدّ الغاز الصخري".
وعلى الطرف الآخر، ترى الموالاة وعلى حدّ تعبير الناطق الرسمي باسم حزب جبهة التحرير الوطني السعيد بوحجة، بأن اعتماد الحكومة في الوقت الراهن على الدفع بملف التقسيم الاداري إلى الواجهة تكون بذلك تسعى إلى تهدئة الأجواء خاصة بمنطقة الجنوب الجزائري، واعتبر المتحدث بأن هذا الملف لطاما دافعت عنه جبهة التحرير الوطني التي ترى فيه فرصة لتعزيز تواجد مؤسسات الدولة بالمناطق الحدودية التي تحرص وتحمي الجزائر وأمنها واستقرارها، ووجود مؤسسات للدولة كولايات منتدبة وولايات من شأنها أن تضاعف من جهود الدولة الجزائرية الرامية لتعزيز الأمن والاستقرار والتصدي لأي خطر قد يأتي من الخارج ويهدد استقرار البلاد، ورفض بوحجة ربط قرار التمسك بملف التقسيم الاداري كحل للأزمة في الشارع الجزائري بالقول لا يمكن أن نعتبر قرار استحداث ولايات منتدبة بالجنوب قرارا مرتبط بحراك الجنوب الرافض لاستغلال الغاز الصخري لأن مطالب سكان المنطقة لم يكن في هذا الاطار.
بدوره، اعتبر رئيس المنتدى الدولي الإسلامي للقانون الدولي الإنسان، فوزي أوصديق، أن إعلان السلطة الأخير باستحداث 11 ولاية، وبعد احتجاج دوائر أخرى على رأسها عين الصفراء وبوسعادة عمد إلى تداركها بإعلان أنه سيتوسع أكثر في آفاق سنة 2017 إلى ولايات ودوائر أخرى من الوطن، واعتبر المتحدث أنّ الإشكالية الحقيقية لم ترتبط بالتقسيم الاداري أو استحداث ولايات جديد ولا حتى باستغلال الغاز الصخري من عدمه وانما بغياب توزيع عادل للثروة في الجزائر.
خولة بوشويشي