الوطن

السلطة تحرك آلتها الدبلوماسية لمواجهة ضغط الداخل

المعارضة تشكك في الإنزال الدبلوماسي بالجزائر وتتهم:

 

  • رحابي: بوتفليقة يوظف الإنزال الدبلوماسي للردّ على شبهة" شغور منصب الرئيس"


تطرح الديناميكية الجديدة في الأجندة الديبلوماسية الجزائرية في الأشهر التي أعقبت تولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سدّة الحكم لعهدة رابعة بعد رئاسيات أفريل 2014، تساؤلات عديدة لدى القوى السياسية والمتابعين للشأن السياسي الجزائري، التي اعتبرته بعض الأطراف حراكا غير عادي، على اعتبار أن الجزائر ظلت لعقود طويلة تفتقد لمكانتها على مستوى المحافل الدولية خاصة في فترة التسعينات، وكانت زيارة الوفود الدولية إلى الجزائر تقتصر في تلك الفترة على زيارة واحد إلى زيارتين في 6 أشهر وأحيانا في ظرف سنة كاملة، ويقول أحد العارفين بخبايا الدبلوماسية الجزائرية وأحد ممثليها في حديث له مع "الرائد"، بأن هناك دول خاصة من القارة السمراء كانت تنتظر لأكثر من 15 سنة في قاعات الانتظار لبرمجة زيارة لوفودها إلى الجزائر، وظلت هذه الفترة مرتبطة حتى في بداية فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يكن " مؤهلا " في تلك الفترة وغير قادر على توظيف حنكته الدبلوماسية مع شركاء الجزائر في القارة الإفريقية، بل انكب على إعادة الديناميكية في أجندة الجزائر الدبلوماسية على الصعيد الأوروبي وتحسين صورة الجزائر ووضعها أمام هؤلاء الذين كانت تستهدفهم الجزائر لإعادة مكانتها الحقيقية أمام أوروبا، وبالمقابل أهملت هذه السياسة الجديدة القارة السمراء ودولها من ذلك الحراك، ولهذا نجد اليوم – يضيف محدثنا -، أن الحراك الديبلوماسي منوط بدرجة كبيرة بوفود من القارة الإفريقية، ويشكل تواجدهم بالجزائر وتواجد الوفود الجزائرية عندهم مقارنة بالغرب ما نسبته 75 بالمائة مع الشركاء الآخرين.
وقال محدثنا بأن الأجندة التي كان يحملها وفود عن الدول الغربية في زياراتهم إلى الجزائر ارتبطت منذ ذلك الوقت وحتى الآن بمسائل أمنية بالدرجة الأولى بالرغم من الأهمية التي كانت ولا تزال عليها الأجندة الاقتصادية وطموحات هؤلاء في الجزائر، ولكن هذا الجانب لم يكن ليغفل أهم ملف كانت تحمله الديبلوماسيات الأجنبية وبالتحديد الأوروبية منها مع الجزائر التي ارتبطت بأجندة واحدة فقط هي توفير أمن واستقرار تلك الدول في منطقة الساحل عن طريق الدور الأمني الذي تلعبه الجزائر في المنطقة، حيث حرص هؤلاء على تعزيز موقعها في القارة السمراء دون أن تمارس هي هذه المهمة، ويتفق الطرح الذي قدمه محدثنا الذي رفض الكشف عن اسمه مع الطرح الذي يقدمه الديبلوماسي والمحلل السياسي عبد العزيز رحابي الذي قال بأن أوروبا تنظر إلى الجزائر على كونها" دركي الغرب في منطقة الساحل" وهو محور أجندة الزيارات التي تقوم بها الوفود الأوروبية إلى الجزائر في الفترة الأخيرة.
وغير بعيد عن آراء الدبلوماسيين الجزائريين تتهم أطراف المعارضة وتشكك في مجمل الخطابات التي تصدر عن رؤساء هذه التيارات السياسية وأمنائها العامون في حراك السلطة المتعلق بالديبلوماسية وترى هذه الأطراف بكون "كثافة" و"تجدد فرص التواجد الأجنبي الغربي والإفريقي إلى الجزائر في الآونة الأخيرة" الهدف منه بالنسبة للسلطة هو فرصة تواجه من خلاله السلطة ضغط الداخل أي -حراك المعارضة في الشارع وضغط هذا الأخير عليها- على اعتبار أن توقيت هذا الحراك وإن كان مبرمجا قبل فترة زمنية محددة سلفا إلا أنه يتزامن مع كشف السلطة عن أجندة عملها وتعاطيها مع أمور داخلية تهم الشعب الجزائري والطبقة السياسية هو السمة الغالبة التي ترافق هذه الزيارات، وهو ما أكدته عليه هذه الأطراف أكثر من مرّة آخرها كيفيات الإعلان عن قرارات تخص التقسيم الإداري الجديد والردّ على حراك سكان الجنوب الرافضين للغاز الصخري في وقت كان فيه اهتمام الشعب منصب بمباراة في كرة القدم.
ويعترف رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان بأن الدبلوماسية الجزائرية تكون قد عادت لسابق عهدها، وأن الدور الكبير الذي تقوم به الجزائر – السلطة الحاكمة منذ 15 سنة -، كان كبيرا وأعطى ديناميكية حقيقية لمكانة الجزائر بين الأمم، لكن خدمة هذه الصورة ومساعي توظيفها على حساب حراك الداخل، خاصة الذي تقوم به أطراف المعارضة هو الأمر الذي يدفع إلى التشكيك في جدية تعامل السلطة مع هذا الملف الهام والحساس خاصة في الوقت الراهن الذي تريد فيه الجزائر أن تكون لاعبا فاعلا في كل الحراك الذي يخص منطقة الساحل وقارة إفريقيا وما يحدث في المنطقة العربية التي تنتمي إليها الجزائر، واعتبر المتحدث أن الحراك الحقيقي القائم في الجزائر يوما هو الذي تقوم به المعارضة وليس السلطة.
وعن هذا الجانب يؤكد المحلل السياسي وعضو هيئة التشاور والتنسيق المنبثقة عن ندوة مزافران التي جرت في 10 جوان من سنة 2014، عبد العزيز رحابي بأن حراك السلطة اليوم هدفه واضح وهو الدفاع عن شرعية الرئيس التي ترافع قوى المعارضة على أن هناك" شغور في منصب رئيس الجمهورية"، ومن هذه المنطلقات يأتي استعمال السلطة لحراك الديبلوماسية للردّ على هذه الأطراف أمام شركائها الأجانب الذين دعم غالبيتهم مشروع العهدة الرئاسية الرابعة التي عرفت انتقادا ورفضا داخليا واسعا السنة الفارطة.
خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن