الوطن

الرافضون لاستغلال الغاز الصخري يتمسكون بـ" الانتفاضة"

ردا على تصريحات الوزير الأول وقرار الحكومة الرامي لمواصلة "التنقيب"

 

  • المعارضة تنتقد السلطة وتتهمها بتجاهل الأوضاع الداخلية!
  • رفض شعبي للحوار مع نواب الموالاة بساحة "الصمود" !

 

خرج في الساعات الماضية، الآلاف من المواطنين بالمدن الجنوبية للوطن على غرار سكان ورقلة، أدرار وتمنراست بمختلف مناطقها، للردّ على التصريحات التي جاءت على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال خلال إطلالته التلفزيونية الأربعاء الفارط، خصصت للحديث عن قرارات الحكومة المتعلقة بـ" الغاز الصخري"، حيث رأى هؤلاء بأن القائم على الجهاز التنفيذي لم يكن "مقنعا" و"لا مطمئن" بل اعتبروا تصريحاته "تحدي لإرادة الشعب"، وأشار عدد من الناشطين في الجمعيات المساندة لقرار" رفض استغلال الغاز الصخري أو التنقيب عليه" في حديث لهم مع "الرائد"، بأن حراكهم في ساحات "الصمود" بعين صالح وفي مختلف الساحات العمومية في المدن الجنوبية سوف تتواصل إلى حين صدور قرار رسمي من القاضي الأول للبلاد بالتوقف الفوري عن التنقيب عن الغاز الصخري بمنطقة عين صالح، وتساؤل هؤلاء على لسان الآلاف من المحتجين الآخرين " أين هو الرئيس؟ وما هو موقفه من نداءاتهم ورسائلهم إليه؟"، وبالمقابل انتقدت الطبقة السياسية المحسوبة على تيار المعارضة خطاب الوزير الأول واعتبروه "استفزازيا" بينما رحبت به أحزاب الموالاة واعتبرته خطاب "طمأنة"، منتقدين في الصدد ذاته سياسة السلطة التي تبحث عن تلميع صورتها في الخارج بينما تتجاهل حراك الداخل، بينما أكد عدد من النواب بالغرفة السفلى للبرلمان ممن زاروا منطقة عين صالح في الساعات الماضية، عن فشلهم في الحديث مع المحتجين، بعد أن عجزوا عن لقاء ممثلين عنهم سواء في ساحة الصمود أو في أماكن أخرى، ويأتي حراك هؤلاء بإيعاز من قادّة أحزابهم خاصة فيما يتعلق بنواب الأفالان والأرندي.

 الحراك الشعبي يتمسك بمطلب التوقف الفوري لعملية استخراج الغاز الصخري بعين صالح !

ويظهر من خلال هذا الرفض الشعبي الذي يرتقب أن يأخذ في قادم الأيام منحى تصاعدي، في ظل تمسك الحكومة بـ" قرار التنقيب ومواصلة الاستكشافات المتعلقة بهذا الاستثمار خلال الفترة التي تمتد في مرحلتها الأولية 4 سنوات"، بحسب ما كشف عنه الوزير الأول عبد المالك سلال مؤخرا، واصفا الخطوة بـ" مرحلة الدراسة"، خاصة وأن الساعات الماضية شهدت فيها عدّة ولايات جنوبية حراكا شعبيا رافضا للقرار ولتصريحات المسؤولين من جهة ومن جهة ثانية وضعوا هذه القرارات في خانة" القرارات الاستفزازية" على اعتبار أن هؤلاء كانوا بصدد انتظار قرارات" تصب في صالح مطالبهم" التي سبق وأن رفعوها لممثل رئيس الجمهورية اللواء عبد الغني هامل، وأمام هذا الوضع فقد أكد عدد من الناشطين في الحركة الشعبية لإسقاط قرار استغلال الغاز الصخري بالجنوب الجزائري، وفي هذا السياق قال الناشط محاد قاسمي: " مطالبنا التي رفعناها للرئيس واضحة، وحراكنا الشعبي واضح وهو سلمي هدفه وقف هذه المهزلة التي تضر بالإنسان والبيئة، أما تصريحات الحكومة التي جاءت على لسان الوزير الأول فهي ستزيد من حالة الاحتقان الشعبي هناك في ساحة" الصمود"، وأضاف يؤكد: " نحن عازمون على النضال في الشارع وحشدّ تأييد جماهيري للضغط أكثر على أصحاب القرار".

 

رفض شعبي للحوار مع نواب الموالاة بساحة "الصمود" !

على صعيد آخر، رفض المحتجون في عين صالح، الحلول الترقيعية للدولة الجزائرية التي بعثت بنواب الشعب من الغرفتين البرلمانيتين للحديث معهم وثنييهم عن الحراك الذي يقومون به منذ قرابة الأربعة أسابيع، حيث نزل في الساعات الـ 48 الماضية نواب يمثلون أحزاب الموالاة من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي إلى المنطقة، بحسب ما أكد عليه شهود عيان من عين صالح، وقد قابل المحتجين هؤلاء" بالرفض" خاصة وأن أجندة عملهم تزامنت مع التصريحات التي جاء بها الوزير الأول والتي صبت في مجملها حول مواصلة الحكومة عمليات التنقيب والبحث عن الغاز الصخري، وهو ما اعتبره السكان " تلاعب " خاصة وأن أنباء قوية كانت تشير إلى أن السلطة ومن خلال القاضي الأول للبلاد سوف تلبي مطالب هؤلاء وتتجه نحو" تجميد أولي لقرارات البحث والتنقيب عن الغاز بمنطقة عين صالح"، إلا أن تصريحات سلال كانت" صادمة " لهؤلاء وهو ما أثر على عمل النواب الذين توافدوا بكثرة على المنطقة صبيحة الأربعاء والخميس الماضيين.

 

المعارضة تنتقد: السلطة تتجاهل "انتفاضة الداخل" وتسعى لتلميع صورتها في الخارج" !

اتفق عدد من قادّة الأحزاب السياسية المحسوبة على تيار المعارضة في مصاف حركة مجتمع السلم، جيل جديد، حركة النهضة، وحركة البناء الوطني، بأن السلطة تدير الحراك القائم اليوم في الجنوب الجزائري وباقي مناطق الوطن الذي أفرزته أزمة النفط وانهيار أسعاره في الأسواق العالمية أصبحت تتجاهل هذه الانتفاضات وتسعى للبحث عن مجدّ ديبلوماسي في الخارج تعزز من خلاله موقعها، وتلمع صورتها أمام حلفائها، وأشار رئيس حركة حمس عبد الرزاق مقري وهو يعلق على تصريحات الوزير الأول الأخيرة تجاه سكان الجنوب ومطالبهم بالقول:" تصوروا أن هذه العبارات ليست لسلال، وأننا في بلد يوجد فيه منطق وعمل سياسي منطقي؛ أي رئيس حكومة يحق له أن يقول هذا الكلام؟" وعقب على ما جاء من تصريحات على لسان الوزير الأول بالتأكيد على أنه" كان من الممكن أن تقبل لو جاءت من رئيس وزراء يمثل نظاما سياسيا جديدا ورث وضعا اقتصاديا صعبا بسبب فشل من كان قبله، فيطلب من الناس أن يصبروا وأن يقدموا له يد العون ويقدم لهم رؤية جديدة"، أما رئيس حركة النهضة محمد ذويبي فقد اعتبرها: "سياسة خاطئة" تهدف إلى حماية مصالح ضيقة على حساب مصلحة الشعب، وأضاف ذويبي يؤكد في الصدد ذاته بأن الحكومة لم تعد تراعي في أجندة عملها وتعاطيها مع حراك وانتفاضة الشعب المصلحة الوطنية العامة، وهو ما يعتبر "مؤشرا خطيرا".

ويظهر هذا الحراك الشعبي الواسع، بأن السلطة تكون بعد تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال قد فقدت "ورقة الحوار" مع هؤلاء، وأنها بداية من اليوم سوف تكون عاجزة عن إطفاء " انتفاضة الشعب بالجنوب" خاصة بعد تصريحات ممثل الدولة الأربعاء الفارط التي جاءت لتؤكد غياب الإرادة السياسية الحقيقية في حل مشاكل الجنوب والبحث عن حلول" توافيقة" تأتي عن طريق تجميد قرارات البحث والتنقيب كمرحلة أولية ومحاول إقناع الشعب بأهمية هذا الاستثمار والتطرق بواقعية أكثر مع الأخطار التي يحملها على صحة هؤلاء كما أن إشراكهم في العملية أصبح اليوم أكثر من ضروري لكسب تأييد شعبي للقرارات التي جاءت على لسان سلال مستقبلا في ظل تمسك كل طرف بمطالبه.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن