الوطن

الإرهاب في فرنسا تغذى من جيل التسعينيات في الجزائر وحرب العراق

الباحث جان بيير فيليو يتجاهل وجود 900 إرهابي فرنسي ويزعم:

 

أرجع الباحث الفرنسي المعروف والمتخصص في العالم العربي جان بيير فيليو الشبكة الإرهابية المسؤولة في فرنسا إلى مجموعة مقلقة مؤلفة من ثلاثة أجيال من الجهاديين، تتغذى كلها جيل التسعينيات في الجزائر ومن تحفيزات أحداث العراق، والجهاد العالمي الذي برز بين القاعدة و"داعش"، وهو التفسير الذي لا يلقى ترحيبا خصوصا وان باريس اعلنت عن وجود 900 فرنسي ارهابي يقاتلون في مناطق النزاع.

تقع في صلب هذه المجموعة الخطرة "خلية الدائرة الـ 19" أو شبكة "بوت شومون"، التي نشطت في إرسال متطوعين لمحاربة القوات الأمريكية في العراق منذ العام 2004 حتى تفككها في العام 2005. واعتُبر التونسي الفرنسي أبو بكر الحكيم الشخصية الرئيسية في هذه الشبكة الذي التحق قبل الغزو الأمريكي للعراق بـ "الفيلق العربي" التابع لصدام حسين والذي كان يضم أفراداً موالين للنظام. بعد سقوط صدام، خضع أبو بكر الحكيم وشركاؤه لتدريب على أيدي ضباط سابقين في المخابرات العراقية، وقد تبعوهم ليصبحوا جهاديين ناشطين في مدينة الفلوجة، معقل الفرع العراقي لتنظيم "القاعدة".

وحسب فيليو أستاذ دراسات الشرق الأوسط في قسم العلوم السياسية في "كلية باريس للشؤون الدولية" فقد لقي رضوان الحكيم، وهو شقيق أبو بكر، حتفه هناك إثر قصف أميركي استهدف المدينة في جويلية 2004، بينما أقام أبو بكر الحكيم تعاوناً متيناً مع الشرطة السرية التابعة لبشار الأسد، نظراً لمروره المتكرر عبر سوريا. ونظراً لخبرته في القتال، بات أبو بكر الحكيم قدوة لـ "رفاقه" في شبكة "بوت شومون"، بمن فيهم شريف كواشي وشقيقه الأكبر سناً، سعيد كواشي، وقد ألقي القبض على أبو بكر الحكيم وشريف كواشي في العام 2005 وحُكم عليهما بالسجن في العام 2008، بالإضافة إلى خمسة من شركائهم.

تخلى بعضهم عن التطرف خلال فترة سجنهم، من بينهم فريد بنيتو، وهو "الزعيم الروحي" للشبكة، الذي لم يغادر فرنسا قط. غير أن أبو بكر الحكيم وشريف كواشي بقيا يتطلعان إلى بعض زملائهم المعتقلين، بمن فيهم الجهادي الجزائري إسماعيل عيط علي بلقاسم، الذي سُجن على خلفية مشاركته في الهجوم الإرهابي الذي طال شبكة المترو في باريس في أكتوبر 1995.

هكذا قام أبو بكر الحكيم وشريف كواشي بسد الفجوة بين جيلهما "العراقي" وأسلافهم من "الجزائريين". وبعد بضع سنوات على إطلاق سراحهما، انخرطا في الجهاد العالمي بعد أن بلغ أوجهه. وفي الفترة التي تلت حكم بن علي في تونس، أعدّ الحكيم فرق جنود "كوماندوز" ارهابية اغتالت قائدين يساريين بارزين في فبراير 2013، مهددةً بذلك فترة الانتقال الديمقراطي في البلاد. وانتظر الحكيم حتى الأيام الأخيرة من العام 2014 لكي يتبنّى من شمال سوريا عملية الاغتيال المزدوجة باسم تنظيم "الدولة الإسلامية".

هذه الظاهرة العابرة، تسلط الضوء على الكيفية التي تم فيها تصدير النزاعات الأجنبية من العالم العربي إلى فرنسا. يعود ذلك بلا شك جزئياً إلى سياسات الأسد والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، اللذَيْن احتضنا الجهاديين لإقناع الغرب أنه لا بد من إبقائهما في السلطة. وقد تم للتو دفع ثمن هذه المعادلة المشؤومة بدماء الضحايا الفرنسيين.

 محمد.أ

من نفس القسم الوطن