الوطن

حسم معركة المقر العام للطريقة التيجانية في عين ماضي

زيارة الرئيس السنغالي للزاوية بالأغواط تؤكد:

 

تزامنت زيارة الرئيس السنغالي ماكي سال إلى عين ماضي بولاية الأغواط المقر العام للطريقة التيجانية مع وفاة والدة الشيخ بالعربي شيخ الطريقة وأبوها الروحي، حيث قدم الوفد السنغالي العزاء للشيخ وذريته، وهي لفتة ذات دلالات سياسية وروحية للسنغال الشقيق الذي تعد الطريقة التيجانية أكثر الطرق الصوفية انتشارا، بل تحولت إلى اللوبي السياسي الأقوى في البلد، وتأتي هذه الزيارة التي قام بها ظهر أمس، في وقت تشهد الجزائر تنوعا في العلاقات الدبلوماسية على مستويات عدة حيث عرفت زيارات لوفود ذات تمثيل عال وكان آخرها زيارة الرئيس الفنزويلي والسنغالي.

وكانت السنغال أحد الدول المحورية في غرب افريقيا التي تتعامل مع الأشقاء بالمغرب أكثر من تعاملها مع المواقف الجزائرية، وخاصة في بعض المقاربات التي تهم الأفارقة، ولعل توجه الرئيس السنغالي إلى عين ماضي هو أحد مؤشرات التحول في حسم معركة التمثيل للطريقة التيجانية وإبقاء مركزها العام في الجزائر، بعد المحاولات المغربية المتكررة في إبعادها عن هذا المركز، حيث كانت الطريقة التيجانية منذ تأسيسها محل استقطاب وحراك دبلوماسي واستراتيجي بين الدول بدءا بفرنسا في فترة الاستعمار. وفي ما بعد الاستقلال حراك الاستقطاب والتوظيف بين الجزائر والمغرب وخاصة في العمق الافريقي. وتعتبر السنغال إضافة إلى السودان من اكثر الساحات التي تشهد عددا كبيرا من مريدي الطريقة، وقد حاول المغرب توظيف وجود قبر مؤسس الطريقة في ترابه إلى أن يشكل المرجعية الروحية عنده.

وتعتبر التيجانية أحد الطرق العابرة للدول والأقاليم، وأهم أسباب انتشارها ووصولها إلى معظم الدول بما فيها الدول الغربية هو عدم تبنيها للخيارات السياسية لدولة المنشأ، وهو ما تحرص عليه الجزائر في كل الفترات السابقة، وما وقع في فخه المغرب الذي تسرع في تقديم مساعدات مشروطة لمشايخ الطريقة في كثير من الدول، مما عجل النفور منه وأوجد أجواء للتكتل حول القيادة الروحية للطريقة. وقد أصبحت الكثير من الدول بما فيهم الجزائر تدرك أهمية الدور الدبلوماسي والأمني في حماية الحدود والحقوق المكتسبة للدول في علاقة دول الإقليم مع بعضها، أو دول الإقليم مع العالم الخارجي وهو ما حرص عليه الرئيس السنغالي أمس في اعادة بعث العلاقات الثنائية بين البلدين على جميع المستويات مستعملا جسر الطريق التيجانية.

ويؤكد المحلل السياسي والباحث في التاريخ، أرزقي فراد في ردّه على سؤال "الرائد" حول مغزى الزيارة ودلالتها والبعد الدبلوماسي للزيارة وما تحققه من مكاسب للجزائر في هذه الفترة، بالتأكيد على أنها خطوة ستضع الجزائر مستقبلا في الطريق الصحيح نحو الاستثمار في الدور الديبلوماسي الذي يمكن أن تلعبه في القارة السمراء من جهة ومن جهة ثانية في السنغال. وقال في سياق متصل بأنه يعتبر التصرف طبيعي وكان متوقعا من رئيس الدولة الشقيقة السنغال الذي يقوم بزيارة دولة إلى الجزائر منذ يومين، مؤكدا على أن الجزائر وبالرغم من أنها مرتع لهذه الطريقة وهي التي ساعدت على انتشاره في قارة افريقيا خاصة السينغال إلا أنها لم تستثمر هذه المسألة على أصعدة أخرى غير الصعيد الديني عكس المغرب التي استثمرت في هذه العلاقة بشكل واسع تعدى إلى مجالات اقتصادية ومواقف سياسة دولية مشتركة وغيرها وعاد المتحدث وأكد على أن الجزائر استثمارها الديبلوماسي فيه قليل مقارنة بالمغرب التي تبني سياستها الخارجية خاصة مع الدول الافريقية من خلال الاستثمار في الطريقة التيجانية التي تعرف علاقات عميقة الجذور بين الدول المغاربية وبين الطرق الصوفية بعدّة دول افريقيا التي تعتمد بشكل واسع على الدبلوماسية الدينية موغلة في التاريخ.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن