الوطن

توقع المزيد من الضغوطات لإقحام الجزائر في معارك خارجية

في انتظار ما ستكشف عنه أجندة عمل باريس مستقبلا تجاه منطقة الساحل وحربها ضدّ الإرهاب

 

  • مجاهد: باريس ستبقى تناور وتضغط لتحظى بـ "مباركة" الجزائر للتدخل في ليبيا !

 

11 جانفي تاريخ التفويض الدولي لفرنسا من خلال الحضور الواسع وعال المستوى في مسيرة باريس يتوقع المراقبون أن تبدأ تداعياته على المحيط الجيوسياسي لفرنسا وأنها ستبدأ مرحلة جديدة في التعامل مع شركائها الدوليين فهي من جهة تحمل قبعة الضحية التي اعتدي عليها وتضامن معها العالم وأصبحت مركزا عالميا كما قال رئيسها ومن جهة أخرى ترغب في أن تتولى قيادة مكافحة الارهاب وخاصة في المناطق المجاورة للجزائر مما يقلقل كثيرا عن الأدوار التي تعمل فرنسا على فرضها على الجزائر مستقبلا وخاصة في القضية الليبية والساحل الصحراوي، وأمام هشاشة جزائرية وحديث عن تجاوب جزائري مع المطالب الفرنسية في الفترة الأخيرة دون النظر للعواقب والنتائج.

الشيء المؤكد الآن بعد الحراك الذي قام به قادّة الدول في الساعات الماضية في نظر الكثير من المراقبين هو أن الجزائر اليوم تتواجد بين كفي كماشة تضعها أطراف دولية تسعى لانتزاع تأييد منها للتدخل الأجنبي في منطقة الساحل وبين قناعات لا تزال راسخة وثابتة لدى السلطة الجزائرية الرافضة لأي تدخل أجنبي للجيش خارج حدود الوطن، وهي القناعات التي ينص عليها ويحميها دستور البلاد، لكن السؤال الذي يطرح الآن هل لا تزال نفس هذه القناعات غير قابل للنقاش أم أن الحراك الدولي الذي بدأ يتشكل في اليومين الماضيين سوف يلقي بضلاله على موقف الجزائر تجاه التدخل العسكري في ليبيا ومالي.

اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد: باريس ستبقى تناور وتضغط لتحظى بـ "مباركة" الجزائر للتدخل في ليبيا !

 

أكد اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد على أنّ تداعيات الحراك الدولي الذي يقوم به رؤساء وزعماء الدول الكبرى تجاه موقف فرنسا من الارهاب، خاصة بعد حادثة شارلي إيبدو سوف يلقي بضلاله على منطقة الساحل في قادم الأسابيع، وتوقع محدثنا أن يكون مصير بعض هذه الدول التي تنتمي للمنطقة شبيها إلى حدّ كبير لما وقع لعدد من الدول العربية بعد تفجيرات 11 سبتمبر التي هزت أمريكا، وأوضح مجاهد في دردشة جمعته بـ" الرائد "، بأن فرنسا سوف تستغل هذا الدعم الدولي لسياستها وأجندة عملها خاصة في منطقة الساحل من أجل أن تناور وتضغط أكثر على الجزائر بحثا منها على مباركة منها للتدخل في ليبيا، في ظل تمسك السلطات العليا للبلاد برفض أي تدخل للجيش الوطني الشعبي خارج حدود الوطن وحرصت على تأكيده في أكثر من مناسبة.

وضع اللواء المتقاعد، عبد العزيز مجاهد، الحراك الدولي برعاية قادّة الدول الكبرى وفي مقدمتها فرنسا، في خانة" الحراك المقلق "، و" غير البريء"، مشيرا إلى أنّ السؤال الذي يطرح الآن هو من يقف وراء هؤلاء، ومن يدعمهم، وما هي أجندة عملهم، ومن المستفيد من هذا الحراك الدولي، مؤكدا على أنّ توفر الأجوبة عن هذه التساؤلات سوف يكشف بأن هؤلاء لا يريدون إلا " الشرّ للجزائر "، لأن مكافحة الارهاب وفق مفهوم هؤلاء اليوم هو الضغط على بعض الدول وفي مقدمتها الجزائر من أجل الانخراط في التدخل الأجنبي في دولتي مالي وليبيا.

وعاد المتحدث في سياق تطرقه للوضع الأمني العام الذي يشهده العالم اليوم، بتلك التي أفرزتها أحداث 11 سبتمبر 2011، خاصة بالنسبة للدول العربية، التي عرفت التقسيم والشتات، وقال مجاهد في هذا الصدد" لعل في ما حدث في 11 سبتمبر من أحداث وأفرزت واقعا جديدا على العالم العربي خير دليل على أن القادم سيكون أسوء مما كان عليه الوضع قبل حادث شارلي إيبدو"، وفي سياق متصل قال مجاهد، إن ما يظهر الآن للإعلام وتصريحات المسؤولين الفرنسيين والداعمين لسياستها العسكرية هو جزء بسيط من الحقيقة، أما فيما يتعلق بالحقيقة الكاملة فهي لن تظهر في الوقت الراهن، ولكن الأمر الأكيد كما قال هو أن حراك هؤلاء سوف يكون سيئا على الكثير من الدول، ولن يحمل السلام والأمن والاستقرار لمنطقة الساحل في ظل وجود رغبة قوية لدى باريس من أجل الزج بالجزائر للتدخل العسكري في المنطقة، وهي الرغبة التي أعلنت عنها أكثر من مرّة ولكنها وجدت رفضا قاطعا من السلطات العليا للبلاد.

 

الخبير الأمني محمد قنطاري: كل المحاولات الفرنسية لإدخال الجزائر في المستنقع الليبي لن تنجح !

اعتبر الخبير في الشؤون الأمنية محمد قنطاري أن فرنسا تحاول بكل الطرق والأساليب جر الجزائر إلى المستنقع الليبي عبر العديد من السيناريوهات أخرها قضية الاعتداء على جريدة "شارلي إيبدو" والتي ستحاول فرنسا من خلال التسويق لفكرة التدخل العسكري تحت غطاء محاربة الإرهاب في دول الساحل وخاصة ليبيا.

وقال الخبير الأمني في تصريح لـ"الرائد"، أن أي دولة في العالم لا تستطيع جر الجزائر إلى حل عسكري في أي دولة كانت ,خاصة وأن الجزائر تعتبر مسألة التدخل في الشؤون الداخلية للدول خطا أحمر خاصة إذا ما تعلق الأمر بالملف الليبي الذي تحاول الجزائر بكل طرقها تسويته بشكل سلمي وأضاف المتحدث أن الجيش الجزائري لن يسمح بأي حال من الأحوال أن يتعدى على مبادئه ويرضخ للمطالب الفرنسية التي قال أنها لن تتوان عن الدفع بالجزائر إلى المستنقع العسكري. 

وأضاف قنطاري أن الإعلام الفرنسي بدأ حاليا في تكرير اسم الجزائر على خلفية الاعتداء الإرهابي على مجلة "شارل إيبدو" خاصة فيما تعلق بأصول الإخوة كواشي وكذا المعلومات التي تم استيفاؤها من المخابرات الجزائرية والتدريب الذي تلقيانهم مشيرا أن هذه القضية لا تخص الجزائر لا من قريب ولا من بعيد باعتبار أن الإرهابيين لم تطأ أقدامهما الجزائر منذ ولادتهما، وشدد المتحدث أنه يستحيل على الجزائر أن ترسل قواتها إلى خارج الحدود، سواء لفرض الأمن في ليبيا أو مع قوات حفظ السلام، قائلا الأمر واضح أن ”الدستور الجزائري يحظر على قواتنا القتال خارج الحدود الإقليمية، والمعروف أن شعار الجزائر منذ الحرب التحريرية عدم التدخل في الشؤون الداخلية”، لافتا إلى أن مساعدة الجزائر لجيرانها في إطار تامين الحدود تتمثل أساسا في المساعدة التقنية كتدريب قوات الشرطة الليبية، ”أما إرسال الجنود والجانب البشري فالأمر محسوم، ولا يمكن الزج بأبنائنا في معارك لا تعنينا مهما كان السبب، حتى وإن تعلق بدعوة أصحاب الأرض لنا لمساعدتهم”، وهوّن من مخاطر تواجد القوات الأجنبية على الحدود الجزائرية، لأن الجيش الجزائري محترف وعصري ويملك من الخبرة ما يمكّنه من مواجهة جميع المخاطر.

خولة بوشويشي

من نفس القسم الوطن